استحضر صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بالتاريخ وعنايته بتاريخ الدولة السعودية منذ تأسيسها، واصفاً خادم الحرمين الشريفين بأنه عرّاب التاريخ وقدوة في استدعاء التاريخ في كثير من المناسبات والتذكير من خلال رعايته لدارة الملك عبدالعزيز ووضع الجوائز والمسابقات التي تحفّز على المحافظة على التاريخ واستذكاره. جاء ذلك، خلال رعاية سمو أمير القصيم لندوة: التأسيس.. وأثره على الأمن والاستقرار والتي أقيمت مساء الثلاثاء بقاعة الدرعية بديوان إمارة القصيم، تزامناً مع يوم التأسيس، بمشاركة نخبة من المتحدثين، بحضور وكيل إمارة القصيم الدكتور عبدالرحمن الوزان وعدد من المسؤولين والمثقفين والأعيان من أهالي المنطقة. وأشار سمو أمير القصيم إلى ارتباط يوم التأسيس للدولة السعودية في الأمن والاستقرار والذي هو متلازمة تاريخية للتأسيس وأيام الوطن لأن مصدر حكم هذه البلاد -ولله الحمد- هو الشريعة الإسلامية منذ بداياتها حتى هذه اللحظة. ودعا أمير القصيم إلى ابتكار وسائل علمية وأساليب وطرق حديثة متخصصة لتوعية أبناء الوطن والأجيال الحاضرة والقادمة بتاريخ بلادهم المشرّف بعيدا عن التلقين والتكرار والأساليب التقليدية لأن تاريخنا عميق ويحتاج لأساليب مبتكرة، من خلال ضرورة إيجاد عناصر التشويق، وكذلك المسابقات الوطنية لإيصال المعلومات التاريخية بطرق علمية وتربوية محترفة لترسيخ وتكريس الولاء والانتماء الوطني في الأجيال الجديدة، مؤكدا سموه أن تاريخنا عميق ولم ينضب بعد، مطالبا أن يكون هناك ندوات تاريخية لاستعراض من المتخصصين. وقال سموه: هناك حضارات ودول أخرى لا يرتقي تاريخها ونصاعة بياضه مثل تاريخ الدولة السعودية وتتغنى بالفخر والاعتزاز ونحن في بلاد التوحيد ومهبط الوحي الأحق والأجدر بالاعتزاز والفخر بتاريخنا الوطني المجيد، وأضاف: يكفينا فخرًا وشرفاً أن بلادنا كانت وما زالت عصية على الاستعمار ولم يدنسها المستعمر الأجنبي وكانت المقاومة من قيادتها مخلصة كما أن شعبها لم يرضَ بغير قيادتها السعودية العربية الأصيلة التي جاءت من عمق وجذور المجتمع السعودي وليست دخيلة عليه. وكانت الندوة قد شهدت مشاركة عضو مجلس الشورى السابق وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالرحمن الفريح، الذي استعرض الأوضاع في نجد قبل تأسيس الدولة السعودية الأولى، وأشار بأن يوم التاسيس يؤكد على الجذور الراسخة ولا يذكر التأسيس إلا ويذكر الإمام محمد بن سعود وتذكر معه الدرعية ويذكر مانع المريدي الجد الأعلى للأسرة السعودية. وأضاف الفريح بأنه في يوم التأسيس نستذكر عملا دائما بأبعاده العلمية والسياسية للدولة السعودية، مشيرا إلى أن تأسيس الدولة السعودية كان له الأثر الكبير على الأمن والاستقرار في شبه الجزيرة العربية حتى عصرنا الحاضر. كما تطرّق عضو هيئة التدريس بجامعة الجوف الدكتور نايف الشراري في حديثه خلال الندوة إلى محورين الأول التركيز على دور الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- وتأسيس الدولة السعودية الأولى سنة 1727م، حيث أوضح بقيام الإمام محمد بن سعود بتوحيد المجتمع على زعامة واحدة ثم قام بتوحيد الدرعية فجمع بين أحيائها وأنشأ حياً جديداً فاتسعت الدرعية وأصبحت منارة يتجه إليها الجميع في ظل فرض النظام وسيادته ونشر الأمن حتى علم الجميع أن الحقوق تسترد عن طريق أنظمة الدولة وليست بالقوة، كما ذكر الشراري في المحور الثاني ما قام به الإمام تركي بن عبدالله، الذي أكد بأنه لا يقل عما قام به الإمام محمد بن سعود، حيث أعاد بناء الدولة السعودية ونقلها من الضعف إلى القوة ومن الفوضى إلى النظام ومن الشتات إلى الوحدة فاستحق التفاف أهل الجزيرة العربية حوله ومبايعته. من جانبه، أشار أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله العجلان إلى المبادئ والقيم التي قامت عليها الدولة السعودية وأثرها في الجوانب الدينية والاجتماعية، من خلال استقرار الأمن والسلم وتطبيق العدل على الجميع وتلاحم الشعب ومواكبة التحديات والمتغيرات والحفاظ على القيم والعقيدة الصحيحة وتعزيز الانتماء الوطني، كما أشار إلى دور الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وتكرار تجربة التأسيس من خلال مواجهة التحديات المصاحبة، ورحلة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- بين البوادي عام 1308ه والرحلة الأولى للرياض عام 1318ه ورحلة استعادة الرياض عام 1319ه. من جانبه، ذكر عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود عضو الجمعية السعودية التاريخية الدكتور علي المهيدب، في مداخلة له دور الإمام محمد بن سعود في توحيد الصف وتكوين الدرعية وتوحيد إمارتها، داعيا إلى التركيز على الجانب العلمي التاريخي والابتعاد عن الدراسات التقليدية، والغوص في التاريخ الاجتماعي للدولة السعودية. كما تطرّق رئيس قسم التاريخ بجامعة القصيم الدكتور سليمان العطني إلى أهم عوامل تحقيق الأمن في الدولة السعودية وقدرة الحاكم وحسن اختياره للعاملين معه وقدرتهم على العدل وحفظ الأمن، وأشار بأن التاريخ الاجتماعي عند دراسته يبرز جوانب الأمن وكيف تغيرت الحالة للاستقرار والعدل، لافتاً بأن الإمام سعود كان يغضب ويعاقب بشدة حين يتعرض أمن المسافر للخطر، لافتاً بأن الدولة السعودية أرسلت القضاة للمناطق لفرض العدل ومحاسبتهم على ذلك، وتركت الباب مفتوحاً لمن يريد القدوم للدرعية حين لا يرضى بحكم القاضي، وبيّن دور الملك عبدالعزيز في الاهتمام بالأمن والعمل على فرضه من خلال إنشاء الإدارات المساعدة على ذلك ومنها إنشاء إدارة خاصة للأمن العام في عام 1344 هجري. وفي نهاية الندوة كرّم سمو أمير القصيم المتحدثين وأشاد بالجهود في إثراء الجوانب التاريخية والمعرفية المرتبطة بتأسيس الدولة السعودية. الأمير د. فيصل بن مشعل خلال رعايته ندوة التأسيس