إعادة صياغة السياسات الأمنية وفق المعايير العالمية وتعظيم التحالفات الدولية مع استمرار معاناة العالم بأسره، بالتهديدات والأعمال الإرهابية، نجحت المملكة في اجتثاث الإرهابيين وإحكام قبضتها وقمع المنظمات الإرهابية ودحرها وقطع دابرها بفضل حنكة وحكمة القيادة، وتكاتف جهود المنظومة الأمنية في الضرب بيد من حديد. ونجحت الخطوات الاستراتيجية الفعالة في محاربة التطرف والإرهاب ودحره، وقصقصة أجنحة تمويله واجتثاث الإرهابيين، لاسيما في الوقت الذي تتطلع فيه البلدان التي تخوض صراعاً مع التطرف والإرهاب باهتمام، إلى ما يتم إنجازه في المملكة من اختراقات إيجابية، لاستخلاص الدروس والعِبر، التي يمكن أن تطبق من خلالها. وحقق مركز الاستهداف لتمويل الإرهاب التي تأسس في 2017 إنجازات كبرى ضد تمويل الأعمال الإرهابية أو تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في أعمال إرهابية لأي غرض من الأغراض. رسالة مكافحة الإرهاب وعندما دشن مركز استهداف تمويل الإرهاب موقعه الإلكتروني أمس الأربعاء، فهذه الخطوة تأتي في إطار حرص المركز في تعظيم رسالته وتوسيع الدوائر المعرفية لنشاطات المركز الذي أصبح من النماذج المشرفة عالمياً خصوصاً أن المملكة تولي اهتماماً كبيراً في مكافحة الجرائم المالية وتمويل الإرهاب، والحرص على إيجاد كافة السبل المتطورة والطرق المهنية للمكافحة والعمل وبشكل مستمر على توفير الإمكانيات المطلوبة من أجل تطوير وتقوية آلية العمل لدى الجهات المعنية في المملكة، بهدف تطوير منظومتها التشريعية والمؤسساتية والمهنية المرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولتتوافق مع المعايير والمتطلبات الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالي "فاتف" والتي تعتبر المملكة عضواً فيها، وفق أفضل الممارسات الدولية المعمول بها. قمع الإرهاب ويهدف مركز استهداف تمويل الإرهاب لقمع تمويل الأنشطة الإرهابية وتصنيف الأفراد والكيانات الممولة للإرهاب والإعلان عن قوائم الأفراد والكيانات المتورطة وبناء شراكات وثيقة بين شركاء المركز وفرض الجزاءات بحق المتورطين في تمويل أنشطة الإرهاب، وتوفير المساعدة الفنية وبناء قدرات للجهات والدول التي تطلب ذلك. ويعد المركز مصدراً للعمل المشترك لاستئصال الإرهاب وإظهار التزام الدول الأعضاء في المركز بهذا الجهد. ويقطف اليوم ثمار إنشاء مركز استهداف تمويل الإرهاب قبل خمس سنوات كون المركز حقق النتائج المرجوة وتمكن من إدراج العديد من الكيانات والأفراد المتورطين في عمليات تمويل الإرهاب، كما حدد مفاهيم الخطر ووضع خارطة طريق لتبادل المعلومات، وعمل على بناء القدرات وتنسيق جهود الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب وتمويله. يذكر أن مركز استهداف تمويل الإرهاب (TFTC) هو هيئة متعددة الأطراف تم إنشاؤها لتعزيز التعاون بين 7 دول، هي: (المملكة، والبحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والإمارات، والولايات المتحدة) لتعطيل شبكات تمويل الإرهاب والأنشطة ذات الصلة؛ استناداً إلى "مذكرة التفاهم بشأن مكافحة تمويل الإرهاب" الموقعة في 21 مايو 2017، يهدف مركز استهداف تمويل الإرهاب إلى مكافحة شبكات تمويل الإرهاب من خلال ثلاثة مسارات للجهود وتحديد وتعقب وتبادل المعلومات حول شبكات تمويل الإرهاب والأنشطة ذات الصلة والاهتمام المشترك، تنسيق الإجراءات المشتركة المضادة بما في ذلك القيام بالتصنيفات وتعزيز إجراءات إنفاذ القانون، وتقديم المساعدة في بناء القدرات لمكافحة تمويل الإرهاب والمخاطر ذات الصلة. وتعمل اللجنة التنفيذية لمركز استهداف تمويل الإرهاب والمؤلفة من ممثل واحد لكل دولة عضو، على تحديد التوجه الاستراتيجي لمسارات العمل الثلاثة للمركز والإشراف على الميزانية، وتسهيل تنسيق الإجراءات المضادة المشتركة. كما يعمل ممثلو الدول الأعضاء في المركز كجهة تنسيق لجهود حكوماتهم في مجال مكافحة تمويل الإرهاب. تنسيق الإجراءات وتتمثل مهام المركز في تحديد وتعقب وتبادل المعلومات حول شبكات تمويل الإرهاب والأنشطة ذات الصلة والاهتمام المشترك، وتنسيق الإجراءات المشتركة المضادة بما في ذلك القيام بالتصنيفات وتعزيز إجراءات إنفاذ القانون، وتقديم المساعدة في بناء القدرات لمكافحة تمويل الإرهاب والمخاطر ذات الصلة. ويعمل مركز استهداف تمويل الإرهاب كمنتدى للدول الأعضاء لمشاركة المعلومات حول شبكات تمويل الإرهاب والأنشطة ذات الصلة والاهتمام المشترك وتنسق الدول الأعضاء بمركز استهداف تمويل الإرهاب جهود مضادة مشتركة، وبالتحديد القيام بتصنيفات الإرهابيين وشبكاتهم، وحتى هذا التاريخ، قامت الدول الأعضاء بالمركز بتصنيف ما مجموعه (82) فرداً وكياناً من خلال ست جولات من التصنيف المنسق ويُعد هذا التصنيف امتدادًا لالتزام الدول الأعضاء في مواصلة تحقيق أهداف المركز، كما يبعث رسالة إلى المجتمع الدولي حول التعاون المثمر بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة الأميركية في استهداف أنشطة تمويل الإرهاب من خلال هذا الكيان المتعدد. تصنيفات مشتركة ويعد المركز هيئة تشاركية، تتخذ الإجراءات تحت مسمى المركز بالإجماع استناداً على صلاحيات السلطات المحلية للدول الأعضاء في المركز. وصنف مركز استهداف تمويل الإرهاب بتصنيف أفراد وكيانات مرتبطين بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتنظيم داعش، والحرس الثوري الإيراني (فيلق القدس)، وحزب الله. ويستهدف المركز، ممولي الأنشطة الإرهابية، ومقرة مدينة الرياض، وله هدف استراتيجي، هو بعث رسالة باستهداف التنظيمات الإرهابية والمنتمين لها حول العالم بشكل متعدد. ورش عمل ويقدم مركز استهداف تمويل الإرهاب للدول الأعضاء ورش عمل حول أفضل الممارسات بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (UNSCRS) ومعايير مجموعة العمل المالي (فاتف)، حيث ركزت ورش العمل السابقة التي نظمها المركز على مجموعة من المواضيع، اشتملت على مخاطر تمويل الإرهاب، العملات المشفرة، الأصول الافتراضية، غسل الأموال القائم على التجارة المرتبط بالإرهاب والمنظمات غير الربحية. وقد نجح المركز في عقد ورش العمل تلك حضورياً، وافتراضيا خلال فترة جائحة كورونا، وقامت جميع الدول الأعضاء في المركز بتقديم عروض أثناء انعقاد ورش العمل. بيئة جيوساسية إن البيئة الجيوسياسية التي ظهرت في بداية القرن الحالي استدعت حشد الجهود وإطلاق المبادرات لمحاربة التطرف، وبالطبع كأحد أكبر ضحاياه؛ شرعت المملكة في استجابة منسقة ومبكرة وضربات استباقية منذ ذلك الحين وأخذت على نحو فعال تجنيد جميع طاقاتها لمكافحة الإرهاب واجتثاث المنابع الفكرية والمالية التي تسهم في انتشاره ونجاحه، في إطار تعزيز دورها في إطار الشراكات الدولية ومن خلال جهودها لعزل ومحاصرة الحركات الإرهابية وسبل تمويلها، اتخذت المملكة الخطوات اللازمة لتحسين القدرات وجمع المعلومات الاستخباراتية. وكان العام الحالي 2017، عام دحر الإرهاب في المملكة بامتياز، فلقد كانت المملكة من أوائل الدول التي استهدفتها جرائم الإرهاب وأحقاده. معالجة التهديدات وتمت معالجة التهديدات الأمنية الوطنية لمنع أعمال الإرهاب ولإعادة هيكلة جذرية في عمليات منسقة للقضاء على قدرة تنظيم القاعدة من العمل داخل المملكة، مكافحة وتفكيك تيارات تمويل الإرهاب، جنباً إلى جنب مع تتبع الأموال التي تستخدم في أنشطة إرهابية والاستفادة من التكنولوجيات الجديدة، تحسين التدريب وتعزيز القطاعات الأمنية السعودية وتوسيع قدرتها على حماية المملكة، حيث تعتمد قدرة قوات الأمن السعودية على الاستمرار في معايير أمنية صارمة تعد من أحدث وأفضل الممارسات لمكافحة التهديدات الإرهابية تاريخياً. برامج دولية يشمل ذلك المشاركة في البرامج الدولية بمشاركة المختصين الأمنيين من أوروبا والولايات المتحدة وغيرها من الدول، إلى تبادل معلومات وتنفيذ مهمات موحدة في كثير من الأحيان. أما على الصعيد المحلي فقد انتهجت المملكة العربية السعودية تجاه ظاهرة الإرهاب سياسية تركزت في شقها الأول على المواجهة الميدانية والأمنية الحازمة في حين ركز شقها الثاني على الجانب الفكري في التعامل مع المغرر بهم من خلال المناصحة الفكرية لتصحيح مفاهيمهم وفق برنامج متكامل واستراتيجية بناءة لاستنقاذهم من براثن هذا الفكر المنحرف. وبحمد الله وتوفيقه أثبتت هذه التجربة نجاحها وشهد بذلك الكثير من أجهزة مكافحة الإرهاب العالمية. وسعت المملكة وبجهود حثيثة لكي يكتسب الأمن الفكري أولوية منهجية في مكافحة الإرهاب كون الأمن الفكري ركيزة أساسية من ركائز الأمن الشامل الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالعمل الجماعي على مختلف الأصعدة وبتضامن جميع قطاعات المجتمع كل وفق اهتماماته وقدراته وتخصصه. فكلما تكاملت الجهود وتضاعف التنسيق كلما زادت فرص تحقيق الأمن، الأمر الذي يعني تماسك المجتمع ومتانة البناء الاجتماعي، وهذا هو المدخل الراجح لمحاربة الفكر المنحرف والأنشطة الإرهابية. لقد أثبت كفاءة الأجهزة الأمنية السعودية، ودل على قوة جهاز رئاسة أمن الدولة. دور فعال والمملكة التي استشعرت منذ اليوم الأول خطورة الفكر الإرهابي وأهمية قطع خطوط الإمدادات المالية للإرهابيين، إعادة صياغة سياساتها الأمنية وفق المعايير العالمية وعظمت تحالفاتها الدولية لمكافحة الإرهاب للتصدي للأعمال العدوانية الإرهابية ولجم التنظيمات الإرهابية الظلامية، وأرسلت رسالة قوية للمجتمع الدولي أنها ستتصدى بقوة، ليس فقط للتنظيمات الإرهابية، بل ولممولي هذه التنظيمات. وظهرت منظومة رئاسة أمن الدولة كرأس الحربة بالتنسيق مع المنظومة الأمنية لقمع الإرهابين وقطع خطوط الإمدادات التمويلية للمنظمات الإرهابية بامتياز. ولعبت المملكة دوراً فعالاً في مكافحة الإرهاب وتمويله سواء ضمن الجهود الدولية المشتركة أو من خلال اللقاءات العربية والخليجية المثمرة في الحفاظ على عناصر الاستقرار والعمل على تحقيق كافة مضامين قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله. كفاءة عالية وبذلت رئاسة أمن الدولة جهوداً مُباركةً ونتائج عظيمة لتطهير البلاد من المُتطرفين والإرهابيين الذين يعملون لاستهداف أمن المواطن وبث روح الخوف والفرقة والفتنة بين أبناء المجتمع، ويسعون لزعزعة أمن وسلامة واستقرار الوطن. كما أثبت الأجهزة الأمنية السعودية كفاءتها العالية في اجتثاث الإرهابية وهو ما عكس قوة جهاز رئاسة أمن الدولة في التموضع السريع والإجهاض على الأفكار الإرهابية. ومهما تمادت التنظيمات الإرهابية في غيها، وإجرامها، فإنها لن تنال من أمن المملكة، واستقرارها، ولن تلقى إلا الفشل الذريع، والعقاب الرادع، بعد أن تكسرت مجاديف الإرهابيين على يد سواعد رجال الأمن البواسل؛ باعتبار أن هذه البلاد تمثل قلب العروبة النابض، وفي وقت أضحت فيه عاصمة القرار العربي، وأحد أعمدة السياسة -الإقليمية والدولية. يقظة دائمة ومن منظور استراتيجي أوسع، فإن الخطة الاستراتيجية الأمنية التي تنتهجها رئاسة أمن الدولة في مكافحة الإرهاب ارتكزت إلى الحيطة، واليقظة الأمنية الدائمة، وتحصين الجبهة الداخلية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وزيادة تماسك النسيج المجتمعي الداخلي، كما أدت بنجاح حول ما يتم الكشف عنه كل حين عن تنظيمات الإرهاب؛ مما شهد لها داخليا، وخارجيا بكفاءتها في دحر الإرهاب أيا كان -مصدره-. والمملكة حَرَصت على التأكيد على كافة أجهزتها المعنية لتمويل الإرهاب والقطاعات الخاضعة لإشرافها بأهمية دورها في هذا المجال من خلال الالتزام الكامل بالأنظمة والمعايير والتعليمات ذات الصلة بالمكافحة وتطبيق السياسات والإجراءات والعمل على تعزيز النهج القائم على المخاطر، الذي يهدف إلى فهم للتهديدات ونقاط الضعف ووسائل معالجتها لتكون أكثر فاعلية في اكتشاف ومنع ومراقبة العمليات والتبليغ عن الأنشطة المشبوهة. خصوصا أن اعتماد الأهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وخطة العمل الوطنية لتحقيقها ماهي إلا رسالة تأكيد ودليل واضح على حرص قيادتنا الرشيدة على العمل بما من شأنه المساهمة في تطوير السياسات وأساليب العمل في الجهات المعنية والارتقاء بالإجراءات وآليات العمل الداخلية لديها، والقيام باستحداث آليات عمل تكاملية ومتطورة تدعم وتعزز ترابط العمل بين تلك الجهات بما يخدم النواحي الفنية والتشغيلية.