عُقد في الرياض الأسبوع الماضي مؤتمر التعدين الدولي الذي يعد الأول من نوعه في قطاع التعدين في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا، ناقش عددا من الموضوعات منها واقع ومستقبل التعدين في المنطقة والعالم، ومساهمة المشاريع التعدينية في تنمية المجتمعات، واستعراض إمكانات وفرص القطاع في المملكة، وقد ضم المؤتمر أكثر من 2000 شخص من أكثر من 100 دولة، و150 من كبار المستثمرين العالميين، و100 متحدث دولي بارز، بما في ذلك عدد من الوزراء المعنيين بقطاع التعدين، وقادة الاستثمار في التعدين العالمي بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين لكبرى شركات التعدين من عدة دول، قطاع التعدين السعودي أصبح الركيزة الثالثة في الاقتصاد الوطني بعد قطاعي النفط والبتروكيماويات. وشهد القطاع خلال السنوات القليلة الماضية مزيدا من الاستثمارات بعد صدور نظام الاستثمار التعديني الجديد وتطويره حيث يراعي تحفيز وتطوير القطاع وتعزيز فرص جذب الاستثمار الأجنبي من خلال تخفيض نسبة الضريبة إلى 20٪، حتى أصبحت المملكة من بين أكثر مناطق التعدين تنافسية على مستوى العالم بعد أن كانت نسبة الضريبة السابقة 45٪، ولم تكن هناك أي تغييرات على النظام المالي بعد تطبيق النظام، النظام ركز بشكل كبير على حماية المستثمرين بما يتوافق مع المعايير الدولية، النظام ساهم أيضا في تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة حيث بدأت الشركات المحلية والعالمية تتنافس على الرخص التعدينية التي تطرحها وزارة الصناعة والثروة المعدنية وتتم الترسية على العروض بكل حيادية وشفافية، الرسوم البيانية المرفقة بهذا التقرير تُظهر التقديم الكبير في مؤشر الرقم القياسي للتعدين واستغلال المحاجر وما هذه الأرقام الا جزء بسيط مما خُطط له لجعل المملكة من أهم الدول في مجال التعدين، وقد تم البدء في تطوير قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية التي ستغطي الدرع العربي الذي يمتد على مساحة 700 ألف كيلو متر مربع، حجم الثروات المعدنية في المملكة هائل جدا حيث تشير التقارير التي صدرت عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية، أن الثروات المعدنية في المملكة تنتشر في أكثر من 5,300 موقع، وتقدر قيمتها بنحو 5 تريليونات ريال، بما في ذلك عدد من المعادن الأكثر وفرة مثل: الذهب، والفضة، والنحاس، والزنك، والفوسفات، والبوكسايت، والحجر الجيري، ورمل السيليكا، والفلسبار، وصخور الزينة، كما أن معدن التيتانيوم من المعادن التي تم استغلالها مؤخرا وهذا المعدن يدخل في صناعات الطائرات والغواصات النووية والصواريخ والأقمار الصناعية وبعض الاستخدامات الطبية مثل صناعة الأطراف الصناعية، المملكة تنتج حاليا نحو 10% من الإنتاج العالمي ويمكن زيادة الإنتاج في السنوات المقبلة، استراتيجية قطاع التعدين أحيت القطاع وحولته من قطاع هامشي قبل الرؤية الى قطاع حيوي، حيث تركز الأهداف الرئيسة التي وضعتها الاستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين والصناعات المعدنية على الاستخدام الأمثل لهذه المعادن من خلال تطوير سلاسل القيمة الصناعية والتي سيكون لها تأثير اقتصادي مهم خلال مراحل الصناعات الوسيطة والتحويلية لهذه المعادن وما ينتج عنها من فرص عمل، ونقل التنمية إلى مناطق المملكة المختلفة التي توجد فيها هذه الخامات المعدنية، مما سيكون له أثر إيجابي على تنمية المجتمعات المحلية في تلك المناطق، وتحقيق الاستدامة في قطاع التعدين وحماية البيئة، وقد بدأت المملكة فعليا فتح أبوابها أمام المستثمرين لجذب الاستثمارات إلى المملكة وما المؤتمر الدولي للتعدين الذي عقد الأسبوع الماضي إلا فرصة كبيرة للتعريف بثروات المملكة التعدينية وإطلاع المستثمرين الدوليين والشركات الكبرى على الفرص الاستثمارية والتسهيلات التي تمنحها حكومة المملكة للمستثمرين والتشريعات التي وُضعت لحماية استثماراتهم وفق أعلى المعايير الدولية، ومن المتوقع أن يكون للمؤتمر الأثر الجيد في استقطاب الاستثمارات الأجنبية والمساهمة في تطوير قطاع التعدين والاستفادة من الخبرات العالمية والشركات العملاقة لرفع مستوى الصناعة التعدينية السعودية وزيادة معدلات نمو الناتج المحلي وتوليد مزيدا من الفرص الوظيفية للمواطنين وفتح الفرص الاستثمارية المتنوعة للقطاع الخاص وتطوير الصناعات المتعلقة بمجال التعدين وتوفير مدخلات للإنتاج الصناعي السعودي بتكاليف أقل من مدخلات الإنتاج المستوردة، وتصدير الفائض من الإنتاج لتعزيز صادرات المملكة غير النفطية وتحقيق مزيدا من الإيرادات غير النفطية لتنويع مصادر الدخل والتخلي جزئيا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل والذي يتسبب في تعطيل عجلة التنمية عندما تتراجع أسعاره.