في حياتنا التي نعيشها، نجد لحظات صنعت فارقاً في الحياة، غيّرت في بعض مفاهيمنا، وأثّرت في نظرتنا إلى الدنيا وطرق التعامل معها، وكانت سبباً لتغيير بعض سلوكياتنا. ومن هنا جاء اسمها (نقطة التغيير) أو نقطة التحول، والتي تحدث كردة فعل تجاه موقف حفّز فينا عواطف قوية، مثل الحزن لوفاة قريب، أو التوتر بسبب ظروف صعبة، أو الشعور بالتحدي لكلمة مستفزة، أو حتى مجرد الملل الشديد من الحياة الرتيبة. وهذا التغيير قد يكون إيجابياً، يحسّن من سلوك الإنسان ويرتقي بفكره إلى مستويات أعلى. وللأسف قد يكون التغيير سلبياً، ويُكسب الإنسان السيئَ من العادات ومحدودية التفكير. من منطلق هذه الفكرة، بإمكان كل واحد منا أن يصنع نقطة التغيير الخاصة به، بحيث يكون لنا سبق التحكم في حياتنا، وذلك قبل أن تفاجئنا وتجبرنا الظروف على تغيير قد لا نرضى به. وأهم هدف لهذا التغيير هو أن يقيّم الإنسان أوضاعه الحالية، وأن يتخذ قرارات لإعادة تنظيم حياته. ومن تجربة شخصية، لصناعة نقطة التغيير الإيجابي، أقترح أن يجلس الإنسان مع نفسه في ساعة صفاء، ويكتب بشكل مبسط على ورقة، ما التغييرات المنشودة؟ وما الأهداف التي يرغب في الوصول إليها؟ مع بعض الأفكار لتحقيقها. وأيضاً، يسجل ما المشكلات التي يواجهها؟ وبعض الاقتراحات للتعامل معها. الخطوة التالية هي أن يضع هذه الورقة مع البنود المكتوبة فيها في مكان واضح، بحيث يراها كل ساعة إن أمكن. كأن يعلقها على باب المنزل من الداخل، أو يضعها على طاولة العمل، أو حتى يجعلها صورة خلفية لشاشة الهاتف الذكي. هذه المشاهدة المستمرة تُذكّر الإنسان بما يجب فعله، فتشحذ تفكيره بشكل مستمر ليصبح التغيير هو شغله الشاغل، وتشدّ من حماسه ليبدأ التطبيق العملي. وللعلم، ليس بالضرورة أن ينفذ كل ما هو مكتوب دفعة واحدة، بل يبدأ بالأمر الأسهل منها. فإذا انتهى منه، انتقل إلى الأمر التالي. ما يهم في هذه المرحلة هو الاستمرار بالعمل لتحقيق البنود المكتوبة، ومع إنجاز كل واحدة منها، سيلمس الإنسان نتائج التغيير الإيجابية. وأضيف هنا، أن تطبيق نقطة التغيير ليس محصوراً في مرة واحدة، بل ربما كان من الأفضل أن يضع الإنسان نقاط تقييم كل فترة، يراجع فيها ما تمّ إنجازه، ويتخذ خطوات تغيير إضافية لتصحيح مساره إن احتاج الأمر، ليصل بشكل أسرع وأدق إلى أهدافه التي وضعها مسبقاً. أخيراً، نقطة التغيير ليست مجرد فكرة تخطر على البال، بل هي اعتقاد عميق بضرورتها، يرافقه صبر وعمل جاد لتحقيق التغيير على أرض الواقع ليحصد ثمارها، وكما قال د. غازي القصيبي -رحمه الله-: «الإنسان الذي يعرف نقاط ضعفه يمتلك فرصة حقيقية في تحويلها إلى نقاط قوة».