(المدينة كائن حي ينمو ويمرض وتصيبة الشيخوخة)، استجابة للتطور والنمو السريع الذي حدث لمدينة الرياض خلال فترة السبعينات والثمانينات الميلادية واحتياج التوسع العمراني ترامت أطراف المدينة وتركز الاهتمام بالطرق السريعة التي تربط المدينة من جميع اتجاهاتها أصبح التركيز على السيارة الخاصة كوسيلة نقل يتيمة، وساهمت عوامل انخفاض تكلفة الوقود والمناخ الذي تعيشه منطقتنا في تعزيز استخدام المركبات الخاصة بديلا للدراجات، النقل العام أو المشي. إن الاعتماد الكلي على السيارة أو المركبات بشكل عام أثر على المدينة في جميع النواحي الحضرية سواء كانت الاقتصادية متمثلاً في استمرار توفير البنية التحتية للسيارات وهي الطرق بشكل متزايد لاستيعاب عدد الرحلات المتزايد وغير المحدود ويقابلها في الجهة الأخرى الموارد المحدودة مهما كان توافرها، ومثل الخسائر الاقتصادية جراء ارتفاع نسب الحوادث المرورية حيث تقدر الخسائر المادية للمملكة العربية السعودية بنحو 20 مليار ريال سنوياً، واجتماعياً أصبح الخارج من المنزل أو المتنقل من نقطة إلى نقطة معزول تماما عن المحيط حتى يصل لوجهته بدون أي تفاعل، أما عمرانيا فقد أصبحت الأولوية في المدينة هي للسيارات والتي بدورها قللت من مستوى الأنسنة بشكل كبير، وفي الجانب الآخر أثرت السيارات سلبيا على البيئة وأدت إلى تلوث الهواء والتلوث البصري والضوضاء والازدحام الخ.. حيث انعكس ذلك على الاستدامة والأنسنة وجودة الحياة في المدن. يمكننا الاتفاق أن الإشكالية ليست في السيارة بحد ذاتها وإنما الاعتماد "الكامل" على السيارة حيث إنها تعتبر وسيلة نقل اعتاد المجتمع على استخدامها وتتماشى مع خصائصنا الاجتماعية كالخصوصية والراحة وسرعة الوصول وأيضا نوع من التصنيف الاجتماعي والهوية لمالكها. ومن الممكن أن يكون من المفاجئ أن الاعتماد "الكلي" على السيارة له جوانب إيجابية فعالة وقد كان أحد العوامل التي كان لها دور كبير في السيطرة على أخطر الجوائح التي مرت بالعالم، حيث كانت وسيلة آمنة للتنقل في الوقت الذي شُلت فيه أنواع النقل والمواصلات الأخرى حول العالم، لذلك من غير المنصف تصوير السيارة بالآفة المزمنة وتحميلها مجمل التأثيرات والمطالبة بمساواتها في منطقتنا بأنواع مواصلات أخرى من المرجح عدم نجاحها إذا تم تصنيفها على نفس المستوى من الاعتمادية. إن حل إشكالية الاعتماد "الكلي" على السيارات لا يجب أن يكون بمحاربة هذه النتيجة (المتلازمة) التي أدت لها العوامل التسلسلية وصولاً إلى الاعتماد "الكلي"، ولا في محاولة خفضها بالعمل على مواردها الأولية لصرف وتقليل الاعتماد عليها وإنما توفير أنواع مختلفة من المواصلات البديلة وربما استحداث وسيلة جديدة تناسب جميع العوامل التي تم ذكرها لتكون أكثر تناسبا وقبولا لمجتمعنا وخصائصنا أو على الأقل جزء كبير من المجتمع وتتكامل مع توجه التصنيع المحلي للسيارات الكهربائية. * بكالوريوس العمارة والتخطيط