بعد يوم من إعلان وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن إحراز المملكة تقدم كبير في أضخم مشاريع تحييد النفط عن الكهرباء، والمتمثل في إزاحة الوقود السائل الذي سيوفر نحو مليون برميل نفط مكافئٍ يوميًّا بحلول عام 2030، وبالتالي سيُتيح فرصاً أكثر للاستفادة من السوائل البترولية في إنتاج البتروكيميائيات، والتي ذكرها الأمير في افتتاح مبنى سابك الجبيل الأربعاء الماضي، أعلن العراق يوم الخميس عن تطلعه لمحاكاة نفس التجربة، إذ تضمن البيان المشترك حول اجتماع وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان مع نظيره العراقي م. حيّان عبدالغني السواد تأكيد الجانبين أهمية تبادل الخبرات في مجال خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما فيها الكربون، وخفض انبعاثات غاز الميثان، وخفض حرق الغاز في الشعلات، والاستفادة من تجربة المملكة في برنامج إزاحة الوقود السائل. والمملكة بدورها تدفع خطاها قدماً لتكون من الأوائل في العالم في تطبيق تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، حيث أُعلن في المنتدى الثاني لمبادرة "السعودية الخضراء" الذي أقيم مؤخراً في شرم الشيخ، عن إطلاق المرحلة الأولى لأكبر مركزٍ في منطقة الشرق الأوسط لالتقاط واحتجاز ونقل وتخزين ثاني أكسيد الكربون في مدينة الجبيل الصناعية، بطاقة استيعابية لهذه المرحلة، تبلغ 9 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2027، وتستهدف المرحلة الثانية الوصول لطاقة تصل إلى 44 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035، والتي تتضمن التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصانع لإنتاج الجلايكول والغازات الطبيعية التابعةٍ لشركة سابك. فيما اتفقت المملكة والعراق على استكمال العمل في عدد من المشروعات المشتركة، ذات الأهمية، في مجالات الغاز والبتروكيميائيات والكهرباء والطاقة المتجددة، وتكثيف التواصل بين الجانبين لبحث المزيد من الفرص المشتركة في تلك المجالات، وترجمتها إلى شراكات ملموسة، بما يحقق توجهات قيادتي البلدين الشقيقين وطموحات شعبيهما. مشروع الربط الكهربائي إلا أن مشروع الربط الكهربائي بين البلدين الأكثر تقدماً في التنفيذ ويحتاج للإسراع، ويتضمن زيادة طاقة خط الربط، مستقبلاً، لاستيعاب تطلعات البلدين في الربط الكهربائي الدولي وتصدير الطاقة الكهربائية. فضلاً عن تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، بما في ذلك تشغيل الشبكات والمحطات الكهربائية وصيانتها، والتعاون في مشروعات محطات الطاقة المتجددة وتطويرها. كما يتطلع العراق للاستفادة من خبرات المملكة المعلنة عالمياً في مجال التقنيات النظيفة لإدارة الانبعاثات من المواد الهيدروكربونية، وذلك في إطار المبادرات المنبثقة عن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر"، المبنية على نهج الاقتصاد الدائري الكربون، والتي تتضمن إنشاء مركز معرفةٍ، ومجمعٍ إقليميٍ لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، بهدف إدارة الانبعاثات والحد منها لمكافحة آثار التغير المناخي، والمملكة تفاخر بالإعلان عن تفاصيل أكثر من 70 مبادرة تبنتها وتنفذ مشاريع منها الوصول بالطاقة المتجددة بحصة 50 % من الطاقة الإنتاجية لمزيج الكهرباء في 2030، ومبادرة البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، وبناء واحد من أكبر مراكز إنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، في مدينة نيوم، حيث تطمح المملكة لإنتاج أربعة ملايين طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر والأزرق. كما تعكف المملكة على استخدام الكربون الملتقط لإنتاج المواد الكيميائية والوقود الاصطناعي، وتمضي لاستخدام تقنيات جديدة لتحويل ثاني أكسيد الكربون الملتقط إلى 12 طناً من الميثانول الأخضر يومياً. وتنفذ المملكة تطوير برنامجها لكفاءة الطاقة، وتطبيق معايير جديدة لتعزيز كفاءة توليد الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها، وتحلية المياه، فيما يراقب العالم طموح المملكة بأن تصبح أكبر مُصدر ومُنتج للهيدروجين في العالم، حيث تسعى لالتقاط أكثر من 27 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون عبر إنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين الأزرق ومليون طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً. وتشدد المملكة على أهمية أن يتم تطوير مصادر الطاقة المتجددة بالتوازي مع النفط والغاز وأن السعودية مضت قدماً لإنتاج طاقة أنظف وتقليل انبعاثات الكربون، وأن عملاق الطاقة، شركة أرامكو السعودية تنفرد بأقل النسب في انبعاثات الميثان، وحصول المملكة على أول شهادات اعتماد مستقلة في العالم لإنتاج الأمونيا الزرقاء والهيدروجين الأزرق، حيث تم منح هذه الشهادات من إحدى الشركات المستقلة والرائدة في هذا المجال، وتثبت هذه الشهادات أن كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون المرتبط بعملية تصنيع الأمونيا الزرقاء والهيدروجين الأزرق قد تم استخلاصها وإعادة استخدامها في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق بدلاً من انبعاثها. وبحلول عام 2035، تهدف أرامكو السعودية إلى خفض كثافة الانبعاثات الكربونية في قطاع التنقيب والإنتاج بالشركة، والتي تُعد من بين الأقل على مستوى قطاع الطاقة، وذلك بواقع 15 %. وتستهدف الشركة الوصول إلى 8.7 كجم مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل برميل مكافئ نفطي. وتسعى الشركة أيضًا لخفض أو تخفيف انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في النطاقين (1 و2) في مرافق أعمالها التي تملكها وتديرها بالكامل، في كلٍّ من قطاع التنقيب والإنتاج وقطاع التكرير والمعالجة والتسويق، بواقع أكثر من 50 مليون طن متري سنويًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2035، وذلك عند مقارنتها بتوقعات أعمال الشركة الاعتيادية. وتعكف أرامكو السعودية لأن تصبح رائدة شركات الطاقة والكيميائيات المتكاملة على مستوى العالم، وأن تزاول أعمالها بأمان واستدامة وموثوقية. في وقت هيمنت أرامكو السعودية بالحضور وتنوع مجموعة أعمالها على الصعيد العالمي مما يتيح لها ميزة فريدة لتلبية احتياجات العالم من الطاقة، في الوقت الذي تنتج فيه مواد هيدروكربونية ذات كثافة انبعاثات كربونية من بين الأقل عالمياً لتلبية احتياجات السوق، وكذلك الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة، كما تعمل على تعزيز إطار الاقتصاد الدائري للكربون، والذي يركز على خفض الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وإعادة استخدامها، وإعادة تدويرها، والتخلص منها. وبحلول عام 2035، تهدف الشركة إلى الحدّ من الانبعاثات وخفضها من خلال سلسلة مشاريع مستدامة منها الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وسينتج عن ذلك تحقيق خفض بواقع 14 مليون طن متري سنويًا من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون.