لكل شيءٍ في هذه الحياة ثمن، ولكن الثمن هذا ليس ثابتًا على الدوام بل يزداد بحجم احتياجنا لذلك الشيء، وعوزنا إليه، كما أن الخسارات كذلك تزداد مرارةً وقسوة بحجم غوصنا فيها وعدم قدرتنا على تجاوزها. تمامًا كما لو أن الزمن يتوقف فجأةً عند تلك الحادثة ومن ثم يبدأ بإعادة المشهد مرةً بعد مرة، ولوعةً بعد أخرى حتى نعيش ذات المرارة بكل تفاصيلها، وتختلف تجارب الناس وطرقهم في معترك الحياة في التعامل مع الحياة برمتها، فمنهم من يتعامل مع جلدها بالهرب يكتب على وسادته "باب الطوارئ" وكلما ألمت به لامة تسود وسادته وهرب إلى النوم ومنهم من يهرب بالانشغال وآخر بالسفر وثالث يهرب من مشاكل الحياة إلى مشاكلها وفي ظني ليس هناك طريقةٌ سحرية للتشافي من لوعات الحياة سوى باللجوء إلى خالقه ومدبره فهو أعلم بما يلم به وبما يتعبه من منغصات الحياة وكذلك وبالقراءة لتجارب الآخرين والغوص في أعماق أفكارهم لترى كيف ينظرون لهذا العالم المتقلب وكيف باستطاعتهم تجاوز تلك العقبات في طريق الحياة.. يقول ايكارت تول عن تلك العقبات في كتابه الأرض الجديدة: "عندما تحدثُ خسارةٌ عميقةٌ من أيّ نوعٍ في حياتك.. مثل خسارة الممتلكات، علاقة مقرّبة، أو خسارة سمعتك، عملك، أو قدراتك الجسديّة يموتُ شيءٌ في داخلك ؟! وتشعرُ بنقصٍ في إحساس ماهيّتك؟! قد يكون هناك أيضًا، ارتباكٌ معيّنٌ: "من أكوندون هذا؟!" عندما يغادرك أو يتلاشى الشّكل الذي تماهيت معه على نحوٍ غير واعٍ، بوصفه جزءًا من نفسك ؟! فإنّ ذلك يمكن أن يكون مؤلمًا إلى أقصى حد. إنّه يترك فجوةً في نسيجِ وجودك، إن جاز التعبير. عندما يحدث هذا.. لا تقمْ بإنكار أو تجاهلِا لألم أو الحزن الذي تشعر به!! تقبّل أنّه موجودٌ هناك !! كن واعيًا بمحاولة ذهنك إنشاء قصّةٍ حول تلك الخسارة، حيث تنسب لنفسك دور الضّحية!! إنّ الخوف، الغضب، الاستياء، أو الشّفقة على الذّات.. هي المشاعرُ التي تتماشى مع ذلك الدّور ثمّ كن واعيًا بما هو موجودٌ خلفَ تلك المشاعر، بما في ذلك خلف القصّة "ذهنية الصنع"! تلك الفجوة.. تلك المساحة الخالية.. هل تستطيع مواجهةَ وتقبّل ذلك الاحساس الغريب بالفراغ؟! إذا كنت تستطيع؟! فسوف تجد أنّه لم يعد مكانًا مخيفًا.. قد تتفاجأ بانبعاث السّلامِ منهُ!! "إنّها قوّةُ التّسليمِ والقبول" "إيكارت تول" عبدالله الحامد