ما بين أن تراه مُنهمكاً في شأن داخلي يشمل التنمية والتطوير والتحسين والإشراف والمتابعة، لمملكة بمساحة قارة، حتى ترى سمو وليّ العهد - حفظه الله - يشدُ الرحال مُنطلقاً إلى اجتماعات إقليمية ودولية، يوضح ويستوضح، يُعطي ويأخذ، يُهاجم بضراوة، ويدافع ببسالة عن مصالح بلاده وأمته. على سبيل المثال لا الحصر، في قمة قادة العشرين الكبار، ترى ذلك العربي الأوحد حراً أبياً بين الكبار، ممُثلاً عن العرب كافة على اختلاف مشاربهم، واضعاً النقاط العربية على الحروف العالمية، راسماً بدقّة وبراعة سياسية المملكة على صفحة النقاء والمصداقية، مستمداً قوته من خالقه، ثم من دعاء الشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية. شَرفتُ بأن أكونَ ضمن الوفد المُرافق لسموه في إحدى جولاته الدولية، ولعلي أكتب هنا – ويعجز القلم عن وصف الحِراك والمقال عن التفصيل - عن تميّز وتفرد جولات سموه - حفظه الله -، فمن سِمات جولاته، الإعداد والتحضير الدقيق والشامل والعميق لكافة أوجه العلاقة، وجوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية والاجتماعية، كما تجد في جولات سموه الكريم الأجندة المُحكمة، واللقاءات الثنائية الفاعلة، وربط أهداف الزيارة ومخرجاتها بمصالح المملكة أولاً، ثم بمصالح المنطقة. علاوةً على ذلك، لا تخلو جولات سموه الدولية من تحليل وتحديد وتجديد للمبادرات المُشتركة، وما يُمكن أن تُسهم به هذه المبادرات من تعزيز وتعميق للعلاقات، وكيف يُمكن لهذه المُبادرات (initiatives) أن تتحول إلى فُرص أو مشاريع (Opportunities and Projects)، مُحددة بأزمنة حتى تخدم المصالح المُشتركة، ثم تقوم الجهات ذات الاختصاص بكل جدّ واجتهاد على تنفيذها. كما أن مما تتفرد به الجولات الدولية لسموه الكريم (المواءمة alignment)، والمواءمة تعني هنا التنسيق مع الشركاء الاستراتيجيين (Strategic Partners) من دول الإقليم والمنطقة، للحفاظ على المصالح المشتركة وتمثيلها بشكل جمعياً، ففي جولاته، ينطلق باسم العرب والمسلمين للمحافل الدولية، مدافعاً ومُنافحاً عن مصالحهم، ومُحققاً لها بأمر الله ما تصبو إليه. إن منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق تعقيداً واضطراباً وصراعاً، فمواءمة المصالح والحلول لتلك التعقيدات والتداخلات، من أصعب المهام التي يصعب أن توكل إلى أي سياسي، فمن مثل سموه للأمم قاطبة على الصعيد الثقافي والاجتماعي، بأن القيّم المُجتمعية تختلف، والواجب احترام هذا الاختلاف، وعدم محاولة فرضها على المجتمعات الأخرى، كذلك مما ينهجه سموه في الشأن الاقتصادي يتمثل في أسعار الطاقة عالمياً وكميات الإنتاج، وأن المملكة تسعى لأن تكون المصدر الآمن لإمداد الشركاء بالطاقة، ولكن ذلك لن يكون على حساب أسعار النفط والذي يتعبر الدخل الأعظم من إيراد المملكة وربما المنطقة. ختاماً.. لا عجب في النجاح الباهر لحضور صاحب السمو الملكي وليّ العهد دولياً، فهو ابنُ الملك وحفيد المؤسس، حفظه الله ووفقه وسدد خطاه، ونفع به البلاد والعباد.