لا شك أن الإعلام بمختلف أشكاله ووسائله، يقوم بالكثير والخطير من الوظائف والأدوار، المباشرة والملتفة، وهو ليس مجرد قنوات وفضاءات للتواصل والاتصال، بل هو منصات تأثير وشبكات توجيه، هو كل ذلك، بل أكثر من كل ذلك، ولكن خطورته العظمى تكمن في قدرته الفائقة على توجيه وقيادة الرأي العام والوعي الجمعي وذلك عبر صناعة "المحتوى المتدفق" بشكل محبب وجاذب. لقد تنقّل وتمرحل الإعلام في الكثير من الوجوه والأبعاد، تماماً كما هي طبيعة كل القطاعات والمجالات، غير أن خطورة ومخاتلة الإعلام تكمن في قدرته على التلاعب بالعقول والقلوب. ليس سراً حينما تؤكد الدوائر والمؤسسات الثقافية والإعلامية المتخصصة بمراقبة وتحليل الخطاب والواقع الإعلامي، أن الإعلام بأشكاله ومنصاته وشبكاته يتصدر قائمة أهم القوى الناعمة في العصر الحديث. ويُعدّ الإعلام الوطني الرسمي بمختلف وسائله ومنابره وقنواته وإذاعاته، من أهم البيوت الإعلامية الرصينة والمهنية، وتستند على إرث إعلامي متين وتقاليد مهنية راسخة، ولم تزده السنوات والأحداث إلا تميزاً وثقة فيما يُقدم من محتوى يتناسب مع القيم والموضوعية، الخط الإعلامي الوطني الرسمي، كان وما زال يحتفظ بتقاليد وشخصية إعلامية مميزة، مع الأخذ بالاعتبار مواكبة التطورات والتقنيات الحديثة في مجالات الإعلام المختلفة، منذ عدة سنوات، الإعلام الوطني الرسمي يمر بتحول نوعي وكمي طال كل ملامحه وتفاصيله، بهدف صنع محتوى إعلامي وثقافي هادف وجاذب، ولكن دون التخلي عن تلك المعايير والضوابط الصارمة القيمية والمهنية. بشهادة النقاد والمتخصصين في مجال الإعلام وكذلك الكثير من الأوساط والدوائر الإعلامية العربية والعالمية، الإعلام السعودي هو الأقوى والأهم عربياً وإقليمياً، والعاصمة الرياض أصبحت هي عاصمة الإعلام العربي. تعيش الرياض هذه الأيام تظاهرة إعلامية عربية وإعلامية كبرى، تكاد تكون الأهم والأضخم على صعيد الكرنفالات والمهرجانات الإعلامية العربية، حيث تبدأ اليوم فعاليات المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في دورته ال 22، وخلال أربعة أيام سيُشارك أكثر من 500 إعلامي من مختلف أنحاء العالم في نقاشات ولقاءات وورش عن واقع ومستقبل ومستجدات الإعلام، كما يُصاحب المهرجان معرض ضخم لصناعة الإنتاج والمحتوى الإعلامي. تظاهرة إعلامية عربية مهمة وضخمة، تغص بالرموز والشخصيات الإعلامية الشهيرة، وتزدحم بالأفكار والرؤى الإعلامية المثيرة، إضافة لمنح أكثر من 60 جائزة لأفضل الأعمال والبرامج العربية الفنية والإعلامية، كما سيُكرم المهرجان العديد من الرموز والأيقونات الفنية والإعلامية التي أثرت المحتوى العربي الفني والثقافي. صناعة المعارض والمهرجانات والفعاليات في المملكة، تُعدّ واحدة من أهم التطورات والمرتكزات الاقتصادية والاستثمارية التي تؤكد نجاح مستهدفات واستراتيجيات الرؤية الطموحة التي يصنعها بذكاء ونجاح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ليلعب هذا الرافد/ القطاع الحيوي المهم دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية الوطنية وزيادة الاستثمارات المتنوعة. وهنا لا بد من كلمة شكر وعرفان للجهود الكبيرة والمميزة التي تقوم بها اللجان المنظمة للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في العاصمة الرياض برئاسة الأستاذ محمد بن فهد الحارثي رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية "إسبو" والرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودي وفريقه الرائع من شباب وشابات الوطن.