الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبادرات وطنية رائدة وضعتها المملكة لمكافحة أزمة المناخ

الدول ملزمة بتطوير آلياتها وأنظمتها بما يتواءم مع مكافحة التغير المناخي
تملص الدول الغربية من مسؤوليتها تجاه هذه القضية يعد من أبرز التحديات التي تواجه الحلول الدولية لمجابهة التغير المناخي
السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر مبادرات نوعية للتقليل من الانبعاثات الكربونية
تأثر دول الخليج بهذه الظاهرة مع توجه العالم لاستهداف النفط سيكون كبيرًا
التغير المناخي أخطر أزمة يواجهها العالم خلال ال 10 سنوات المقبلة
اتفقت الدول خلال قمة باريس 2015 على وجود أزمة بشأن المناخ
95 % ممن يعيشون على كوكب الأرض يعانون من مشكلات التغير المناخي
للتغير المناخي أضرار اجتماعية واقتصادية تتمثل في النزوح والهجرة وهدر الأراضي وتضرر السياحة
لا علاقة للاستمطار بالتغير المناخي، ولكنه جيد في التخفيف من درجة حرارة المدن
ناقشت ندوة الرياض، مؤخرًا، ظاهرة التغير المناخي التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة في عدد من مناطق العالم، وتطرقت الندوة لأسباب نشوء هذه الظاهرة والحلول المطروحة لمجابهتها، وذلك بمشاركة كل من: عضو مجلس الشورى د. سعود الرويلي والأكاديمي المهتم بالبيئة د. فرحان الجعيدي والكاتب الاقتصادي أ. طلعت حافظ والمهندس والكاتب الاقتصادي عايض آل سويدان.
ورحب رئيس التحرير الأستاذ هاني وفا، بضيوف ندوة الرياض، منوهًا بأهمية هذا الموضوع، نظرًا لتأثيراته السلبية على مناحٍ كثيرة في الحياة، خاصة في ظل عدم وجود توافق دولي بشأن هذه القضية وكيفية مكافحتها.
تاريخ ظاهرة التغير المناخي
وفي بداية الندوة أوضح د. الرويلي أن التغير المناخي ظاهرة لم يتم تداولها إلا مؤخرًا، حيث عُقد أول اجتماع يتناول البيئة في ستوكهولم عام 1972، وتم إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلا أنه لم يتطرق للتغير المناخي.
وقد أثير موضوع التغير المناخي في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية أو قمة الأرض في ريودي جانيرو البرازيلية عام 1992، ومن ثم كُتبت المسودة في اجتماع كيوتو في اليابان عام 1997م، إلى أن جاءت قمة باريس لعام 2015 وتم اتفاق الدول فيها على وجود أزمة بشأن المناخ.
أكذوبة التغير المناخي
وقال الرويلي: إن أزمة المناخ أزمة تراكمية، كان من أسبابها الثورة الصناعية التي بدأت في القرن الثامن عشر، وما صاحبها من الانبعاثات الأحفورية للفحم والبترول والميثان.
ولكن هناك من يعتقد بأن تغير المناخ كذبة كبيرة من قِبل الغرب لابتزاز بعض الدول، ولكنني لا أعتقد بأن اجتماع معظم دول العالم على موضوع التغير المناخي مجرد مؤامرة، فمعظم الناس متفقون على أن التغير المناخي حقيقي، وأكثر البيانات أخذت من القطب الشمالي عن طريق الثلج، حيث تبين زيادة في درجات الحرارة.
كذلك، في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي والذي صدر بداية عام 2022 عن أهم المخاطر العالمية التي تواجه العالم خلال العشر سنوات القادمة، تبين أن أزمة التغير المناخي هي رقم واحد مع تطرف في الطقس وفقد التنوع الأحيائي في الترتيب الثاني والثالث، فالمفترض ألا تزيد درجة الحرارة على 1،5 خلال الخمسين سنة المقبلة.
كما أن موضوع البيئة لا حدود له، فإذا حصلت كارثة في دولة ما فإنها ستتخطى حدودها وتنتشر، وحين نتكلم عن التغير المناخي ودرجة الحرارة فنقصد درجة حرارة الأرض وليس درجة حرارة إقليم أو بلد ما، وكذلك نقصد الطبقات الجوية للأرض، كما أن الغازات تنتقل من مكان لآخر ولا تحد بمناطق معينة، فالتغير المناخي مشكلة عالمية وليست محلية أو إقليمية.
التغير المناخي في المفهوم الجيولوجي
وقال الجعيدي: عالم الجيولوجيا عند سؤاله عن التغير المناخي ستكون إجاباته بعدم وجود تغير مناخي؛ لأن عناصر المناخ من حرارة أو رطوبة أو أمطار تحتاج إلى مدة طويلة ليظهر عليها أثر التغير، فالتغيرات في المفهوم الجيولوجي هي تغيرات طويلة الأمد قد تمتد إلى خمسة أو ستة آلاف سنة، والشواهد في التاريخ الجيولوجي تدل على أن هناك تحولات وتغيرات تحكمها عوامل فلكية تتعلق بنظريات من أشهرها نظرية ميلانكوفيتش التي تقول إن الدافع الرئيس للتغير المناخي دافع فلكي وليس بفعل الإنسان، وتعود هذه النظرية إلى عام 1930م ومازالت فعالة حتى الآن في معرفة التغير المناخي وأسبابه.
إذًا من يؤثر في الآخر - الإنسان أم المناخ -؟ أجاب الجعيدي، الإنسان لا يستطيع التأثير في المناخ، بل المناخ يؤثر بالإنسان، فعلى سبيل المثال: فإن نسبة المدن التي يعيش فيها الناس بالنسبة لمساحة الأرض قد لا تصل إلى 2% بما فيها من مصانع وعوادم وانبعاثات للنفايات والحيوانات، فهذه النسبة هي ما تمثل حجم تأثير الإنسان على المناخ.
ولكن ظهر آراء مختلفة حول مفهوم التغير المناخي، منها ما أيدت تأثير الإنسان على المناخ ومنها ما عارضت ذلك، ولكل من تلك الآراء مبرراتها العلمية التي تؤيدها، وهي تعتمد في ذلك على بيانات سجلات مناخية طويلة، لكن الاعتماد على صور للأقمار الصناعية أتيحت في العام 1972م بشكل تجاري للاستدلال على تغير مناخي بفعل الإنسان يفرض قيودًا على العلماء، وبالتالي فإن المعلومات ناقصة لبناء نماذج يمكنها إثبات تأثير الإنسان على المناخ.
احترار عالمي
وقال الجعيدي، أما التغير المناخي المطروح حاليًا بمفهوم السياسيين والاقتصاديين وعلماء البيئة، فيمكن وصفه بوجود احترار عالمي، أي احتباس حراري للأشعة الساقطة على سطح الأرض وانعكاسها على الغلاف الجوي، والسبب هو تراكم غازات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وحبس الحرارة فوق مستويات معينة من سطح الأرض خاصة في المدن.
وأكد الجعيدي بأن الدول الأوروبية قد تكون سعيدة بالتغير المناخي وهذا الأمر من الناحية الزراعية صحيح، لكن من الناحية البيئية غير صحيح» لأن التنوع الأحيائي - النباتي أو الحيواني يتأثر بالتغير المناخي، فقد يكون هناك مكسب زراعي في بعض الدول لكن الدول الإفريقية ودول الشرق الأوسط هي التي ستتأثر بشكل أكبر.
الاقتصاد والتغير المناخي
ومن ناحية اقتصادية قال أ. طلعت: إنني أرى في التغير المناخي صراعًا بين الغرب والشرق، والمقصود بالغرب الدول الصناعية، حيث إن معظم الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون وغيرها يأتي منها وذلك على حساب دول الشرق النامية والفقيرة؛ لذا يكثر الكلام عن مطالبة الدول النامية وكذلك الفقيرة بتعويضات من الدول الصناعية، لأنها المسبب في التغير المناخي، وما يؤيد ذلك هو توجه تلك الدول الصناعية إلى إنشاء مصانعها في دول كالصين وغيرها من الدول.
والتغير المناخي يعد من الأمور الخارقة حيث إنها ترجع إلى أكثر من أربعة آلاف سنة، والسبب في ذلك هو وجود انفجارات بركانية ساهمت مع عوادم السيارات وغاز ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرها في حدوث الاحتباس الحراري، وذلك من بداية الثورة الصناعية الأولى ووصولًا إلى الثورة الصناعية الرابعة في الألفية الجديدة، إضافة إلى زراعة بعض المحاصيل التي أدت إلى تغيرات مناخية وبعض المواد كالأسمدة والإسمنت التي تعد من المسببات، وقد ذُكر أن تأثير بعض المحاصيل الزراعية والأسمدة يصل إلى ثلاثين ضعفًا من تأثير غاز ثاني اكسيد الكربون.
أما عن المواقف تجاه التغير المناخي، فهناك من يؤيد وجوده وهناك من لا يؤيده؛ لتعارض ذلك مع مصالحه، ومن ذلك انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس وعدم تناغمها مع COP26 وما بعدها ولا أعتقد أنه سيتغير شيء في مواقفها مستقبلًا..
وبرأيي فإن اتفاقية باريس فشلت فشلا ذريعًا، فهي بدأت في 2015 وصادقت عليها الدول في 2016 لكن للأسف إلى 2020 لم يتحرك ساكن، لأنها مُكْلِفة في الاستعداد والتهيؤ وستمنع الدول الصناعية من الاستمرار في صناعاتها، لكنني أعتقد أن طموح الغرب أعلى من الواقع، علمًا أن المملكة العربية السعودية ألمحت إلى أن الإسراع في الأمور غير مناسب، فالسيارات الكهربائية -على سبيل المثال- لا تشكل أكثر من 1% من إجمالي السيارات، ولو نظرنا إلى الصناعات وتوجهها نجد أن البطاريات الكهربائية تسبب مشكلات أخطر من الوقود الأحفوري؛ لأنها تصنع من مواد خطيرة وملوثة للبيئة والإنسان.
ونجد اليوم أن نسبة 95% ممن يعيشون على كوكب الأرض يعانون من مشكلات التغير المناخي، علمًا أن الاحتباس الحراري ضرره أقل بكثير من التغير المناخي.
الأضرار الاقتصادية للتغير المناخي
وقال طلعت: إن للتغير المناخي أضرارًا اقتصادية فقد يتسبب في النزوح والهجرة من مكان إلى آخر، وكذلك هدر في الأراضي التي تتحول لأراض غير منتجة وغير صالحة للزراعة، إضافة الى تضرر السياحة، لكن يبقى لهذه الأضرار تكلفة إيجابية جدًا كونها تحث على استصلاح أراض زراعية كما تفعل المملكة العربية السعودية من جهود في خفض الانبعاثات الكربونية للوصول بها إلى الحد الصفري في 2060، إضافة لمبادرة السعودية الخضراء التي تبنت غرس 10 مليارات شجرة وكذلك مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.
الانبعاثات ودورها في التغير المناخي
وعن الانبعاثات الغازية قال آل سويدان، لو قمنا بمقارنة بين ما يصدر عن شركة أرامكو السعودية وشركة تايسون الأمريكية للأغذية، نجد أن حجم الانبعاثات الصادرة عن شركة تايسون أكبر مما يصدر عن شركة أرامكو، وبالمقارنة بين ما يصدر عن الجيش الأمريكي من انبعاثات كربونية نجدها أكبر مما يصدر من انبعاثات كربونية في المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت وقطر مجتمعة، لذا نجد أن هناك تصيدًا لنوع واحد من الغازات الدفينة.
وأكد آل سويدان أن التأثير البشري قليل أمام التأثير الكوني، فعند حديثنا عن الاحتباس الحراري فإننا نتحدث عن الغازات التي تصدر من كوكبنا والتي تشكل غلافًا حاجزًا يحجز أشعة الشمس من الخروج ما يسبب ازديادًا في درجات حرارة الأرض، فدرجة الحرارة الحالية هي 1،8 درجة والمستهدف هو الوصول إلى 1،5 حسب اتفاقية باريس للمناخ.
التقليل من حجم التغير المناخي
وقال آل سويدان، من الأساليب المتبعة دوليًا للتقليل من حجم التغير المناخي: عندما وضع البنك الدولي تسعيرة للكربون، بحيث أن ما يتم إنتاجه من وقود أحفوري كالفحم والغاز والنفط، تفرض عليه ضرائب وتكون على شكل مشروعات للتشجير أو شراء ضرائب كربونية من شركات صديقة للبيئة مثل شركة تيسلا، وهناك عوائد مالية كبيرة تأتي من بيع صكوك الضرائب الكربونية لشركات تنتج النفط والفحم والغاز، إضافة إلى الانتهاء من دعم الوقود الأحفوري - أي وقف الاستثمارات في قطاع النفط والغاز والفحم -، وكذلك بِناء مدن مستقبلية أكثر صداقة للبيئة مثل مدينة نيوم المستقبلية، والتي سيتم إمدادها بالطاقة المتجددة لتشغيلها.
كذلك زيادة كفاءة استخدام الطاقة أي تقليل استخدام الطاقة، ومن ذلك تغيير مكيفات التبريد إلى أنظمة أكثر كفاءة والانتقال إلى استخدام السيارات الهجينة التي تقلل من الانبعاثات الكربونية، واستخدام الطاقة المتجددة كطاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية، إضافة لتحسين الممارسات الزراعية الصديقة للبيئة.
ومن الأساليب المتبعة محليًا؛ فقد كان للمملكة نظرتها الخاصة لمعالجة تلك الانبعاثات خاصة أنها دولة منتجة للنفط، فنجد أن المملكة اتخذت خطوات كبيرة جدًا من خلال المبادرات التي أطلقتها، والتي وصلت إلى قرابة 53 مبادرة بقيمة بلغت 180 مليار دولار، ومن أهمها رفع استخدام الطاقة البديلة إلى 50% مقارنة باستخدام زيت الوقود في تحلية المياه وتوليد الكهرباء وغيرها، ومن تلك المبادرات مبادرة السعودية لكفاءة الطاقة.
وهذه المبادرات مهمة جدًا؛ لأنها تعني أن المملكة بدأت تستثمر في الهيدروجين بجميع أنواعه (الأخضر والأزرق)، إضافة إلى مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، واستحداث طرق مبتكرة للري والزراعة ومبادرة الاقتصاد الدائري الكربوني التي أطلقتها وزارة الطاقة والتي تحتوي على أربع ركائز أساسية أهمها تقليل، وتقنين الاستخدام وإعادة التدوير والإزالة.
ومن المبادرات أيضا البرنامج الإقليمي لعمليات الاستمطار ومنها أيضا انضمام المملكة إلى التعهد العالمي للميثان وتخفيفه بنسبة 30% وكذلك إعلان المملكة عن دخولها الحياد الصفري بحلول 2060، ولا يعني الحياد الصفري وقف إنتاج النفط والغاز في المملكة، بل يعني أن ما تتسبب به المملكة من انبعاثات سيتم تعويضها أما عن طريق التشجير أو دفع الضريبة للكربون المستخدم، وخير مثال لذلك ما أطلقه صندوق الاستثمارات العامة من تطوير لمصرف تداول الكربون.
تحديات تقف أمام الحلول
وقال الرويلي، إن من أهم التحديات التي تواجه الحلول الدولية لمجابهة قضية التغير المناخي هو أن الدول الغربية تدّعي أنها غير مسببة للتغير المناخي مع أن الدول المنتجة للنفط مثلاً دول الخليج العربي لا تتعدى نسبة الانبعاثات فيها 2،4%.
وأما التحديات المالية والاقتصادية، فقد تم الاتفاق في اجتماع باريس على منح الدول الفقيرة 100 مليار دولار سنوي لمواجهة التغير المناخي، إلا أن هذا لم يتم والمبرر القديم لذلك أزمة كورونا والمبرر الجديد أعتقد أنه سيكون الحرب الروسية الأوكرانية
فهذا التحدي الاقتصادي يعتبر مشكلة كبيرة لأن الدول الفقيرة لا تملك التقنية اللازمة لمواجهة التغير المناخي.
الالتزام القانوني
وحول الالتزام القانوني للدول في مكافحة التغير المناخي أوضح الجعيدي أن الدول الموقعة على مكافحة التغير المناخي ملزمة بتطوير آلياتها وأنظمتها بما يتواءم مع مكافحة التغير المناخي والتكيف مع التغير المناخي.
والمملكة العربية السعودية قدّمت مبادرات نوعية في التقليل من الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي التي وصلت لمستويات عالية تقدر ب- 450 جزءا من المليون، ويعد هذا الرقم كبيرًا جدًا وفق المعايير العالمية عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية أو قبل عام 1880م، حيث كانت 250 جزءا من المليون.
كما أن المملكة حين قدمت مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون فإنها قد بدأتها من الأساس في عملية التحول إلى الهيدروجين الأزرق والهيدروجين الأخضر، وكذلك استخدام حقن غاز ثاني أكسيد الكربون في الآبار وإعادة استخدامه.
فهذه الاتفاقيات الملزمة قانونًا للدول، ولابد أن تقدم بقية الدول مثل هذه المبادرات للتعاون في التعامل مع التغير المناخي، لكيلا نجد تداخلا للعوامل السياسية والاقتصادية والبيئية في التعاون لمواجهة التغير المناخي.
اتفاقيات تفتقد للقوة الإلزامية
وحول الاتفاقيات الدولية ذكر الرويلي أن هناك ما يسمى بالاتفاقيات الدولية، وهناك الأعراف الدولية، وعادة عندما توقع دولة ما على اتفاقية فإن أنظمتها تكون متوافقة مع تلك الاتفاقية؛ لذا نجد أن المملكة أعادت هيكلة قطاع البيئة كاملًا وحدثت الأنظمة.
وقال إن الإشكالية التي نواجهها هي عدم توفر معلومات ورصد بيئي دولي دقيق؛ ولذلك الكثير من الاتفاقيات تفقد القوة الإلزامية؛ فاتفاقية المناخ ملزمة للدول الموقعة لكن لا توجد سلطة لتنفيذها بسبب السيادة الوطنية لتلك الدول.
الأقوى يتغلب!
فيما علق حافظ مؤكدًا أن الاتفاقيات الدولية الأقوى فيها يتغلب عليها والضعيف يتراجع، وعدم التزام دولة ما بالاتفاقية نظرًا لقوتها العسكرية أو الاقتصادية فإن ذلك مخالف للعدالة ولا يشجع الدول الأقل قوة عسكريًا أو اقتصاديًا على الالتزام بالاتفاقية.
كذلك فإن الدول تستخدم النفط كورقة سياسية ضد الدول المصدرة والمنتجة للنفط رغم أن أمريكا من أعلى الدول في الإنتاج والتكرير والشركات في المجال النفطي.
الاستمطار ودوره في أزمة التغير المناخي
وتساءل مدير تحرير الشؤون الاقتصادية أ. خالد الربيش عن
موضوع الاستمطار، ومدى جدواه في التصدي لظاهرة التغير المناخي..
أجاب الجعيدي، إن من شروط الاستمطار وجود السحب الركامية في الغلاف الجوي فيتم حقنها ومن ثم حلبها، والاستمطار لا علاقة له بالتغير المناخي ولكنه جيد في التخفيف من درجة حرارة المدن لا حرارة الأرض؛ لأن السحب تستمطر على مساحة معينة، ثم أن مساهمتها في المخزون المائي لا تتجاوز 20%.
لذا فإن تأثيرها في المناخ لا يكاد يذكر، فالاستمطار لا يعني خلق سحب وانما التعامل مع السحب الموجودة.
وقد بدأ العمل والبحث في آلية الاستمطار من السبعينات الميلادية وبدأت أول تجربة سنة 1989م في المنطقة الجنوبية الغربية، ومن ذلك الوقت أجريت عدة تجارب خاضعة للتقييم، وذلك لوجود محظورات بيئية في استخدام نترات الفضة سابقًا؛ لأنها وفق دراسات تؤثر على خصوبة التربة
وقال إن من فوائد الاستمطار زراعة النباتات وتوسعة مساحة الغطاء النباتي وبالتالي الأشجار والنباتات تمسك الكربون لمدة طويلة تصل إلى آلاف السنين
وعلق حافظ: لعل من أخطار عملية الاستمطار هو اختيار الوقت المناسب، فلا يمكنك القيام بالاستمطار في أي وقت كان حتى لا تتسبب في فيضانات وزيادة في الهطل والبَرد، وهذا يقودنا إلى أن البيئة متكاملة كما خلقها الله سبحانه وتعالى، فالتكوين الإلهي يوازن الأمور مهما عظمت، لذا فالقول إن التغير المناخي أكذوبة أو صراع بين الغرب والشرق وارد لكن لا يمكن الجزم بذلك.
دول الخليج والتغير المناخي
وأكد آل سويدان أن تأثر دول الخليج بهذه الظاهرة مع توجه العالم لاستهداف النفط سيكون كبيرًا، ولو نظرنا إلى الفحم لوجدناه أكثر تأثيرًا من النفط إلا أننا لا نجد حربًا عليه، علمًا بأن أوروبا في أزمة كورونا توجهت بشكل كبير للفحم، حتى أن أمريكا صدّرت إلى أوروبا هذا العام من الفحم أكثر مما أصدرته دول منتجة للفحم مثل أستراليا.
وتعد دول الخليج من أهم الدول المنتجة للنفط والغاز رغم محاولة إخراج الغاز من قائمة الوقود الأحفوري إلا أن السماح بذلك غير ممكن، فنجدهم يتكلمون عن غاز نظيف وغاز أخضر وصديق للبيئة لكن ذلك كله غير صحيح، لا فيزيائيًا ولا كيميائيًا؛ فجميع أنواع الوقود الحالية مسببة لانبعاثات الغازات الدفيئة.
أما عن حجم الخطر على اقتصادات الدول الخليجية فهو يكمن من خلال فرض ضرائب على صادرات الإنتاج النفطي والغازي لدول الخليج، ويمكن الخروج من هذه الأزمة بتحويل النفط الخام المصدر إلى قطاع البتروكيماويات، ويسمح لنا ذلك كدول منتجة للنفط من رفع قيمة النفط وضمان استمرار الطلب عليه.
وفي عام 2020 أطلقت وزارة الطاقة برنامج استدامة الطلب على النفط وهو برنامج مميز جدًا، لكنه يحتاج إلى عمل كبير فالسعة التقريبية للمملكة تبلغ 4 ملايين برميل يوميًا والمستهدف تحقيق 8 ملايين برميل يوميًا، وفي حال وصولنا لهذا الرقم سنكون قد تجاوزنا مرحلة الخطر.
فيما علق حافظ، كنّا في الماضي نصّدر النفط خامًا؛ لكن في ظل وجود التقنيات الآن والتقارب ما بين أرامكو وسابك، فإن بإمكاننا تصدير النفط مصنّعًا بدلًا من الخام، وتكون عوائد أعلى من قبل، إضافة إلى أن الصناعات العسكرية ذات توجه محلي وسليم في الاستثمار أكثر في النفط.
التوصيات
وقد اختتمت الندوة بعدد من التوصيات لتنمية وحماية البيئة من منظور محلي وإقليمي، كان من أبرزها:
* التوعية بالتحديات والمشكلات البيئية التي يواجهها العالم منه العربي.
* تكثيف من جهود التعاون العربي المشترك من أجل مواجهة كافة المشكلات بالمجالات البيئة في البلاد العربية
* تعزيز آلية التعاون وتبادل الخبرات المشتركة لمواجهة المشكلات البيئية.
* إيجاد حلول حقيقية للمشاكل البيئية التي تزداد يوما بعد يوم على المستوى العربي والعالمي.
ضيوف الندوة
د. سعود الرويلي
د. فرحان الجديعي
أ. طلعت حافظ
م. عايض آل سويدان
حضور الندوة
هاني وفا
خالد الربيش
حازم بن حسين
فهد الموركي
سارة القحطاني
صالحة العتيبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.