مشاركة مشرفة لتونس... واسكتلندي يفشل في اختبار المنشطات استحداث حسم المباريات بركلات الترجيح... وولادة بلاتيني أقيمت النسخة ال11 في الأرجنتين في عام 1978، وبفضل تعنت «الفيفا» في أن تكون الأرجنتين هي البلد المستضيف للبطولة، افتقدت البطولة لنجم النسخة الماضية الهولندي يوهان كرويف، والذي رفض أن يرافق منتخب بلاده هولندا إلى الأرجنتين، بسبب تلقيه تهديدات بالخطف والقتل، وذلك بناءً على موقفه السياسي من الانقلاب العسكري الذي حدث في الأرجنتين، لذلك قرر عدم المجيء مع منتخب هولندا إلى الأرجنتين، رغم كل المحاولات التي بذلت في سبيل إقناعه بوجوده في هذه النسخة. اقترب موعد البطولة من الانطلاق، واكتمل عقد المنتخبات المتأهلة إلى البطولة، أوروبا كعادتها حصدت النصيب الأكبر من المقاعد، فتأهلت ألمانيا الغربية بطل النسخة الأخيرة، وفرنساوإيطالياوهولندا وإسبانيا والسويد وبولندا والنمسا والمجر وإسكتلندا، فيما جاءت مقاعد أميركا الجنوبية للأرجنتين والبرازيلوبيرو، وحافظت المكسيك على وجودها ممثلاً عن أميركا الشمالية، وجاءت تونس في أول مشاركة لها بلواء القارة الإفريقية، ومن آسيا شارك منتخب إيران لأول مرة بتاريخه الكروي في كؤوس العالم. المجموعة الأولى وضعت المنتخب المستضيف مع إيطالياوفرنسا والمجر، وجاء ممثل العرب تونس في المجموعة الثانية مع بولندا وألمانيا الغربية والمكسيك، وضمت المجموعة الثالثة النمسا والسويد والبرازيل وإسبانيا، وفي المجموعة الرابعة حضرت بيرووهولندا وإسكتلندا وإيران. نظام البطولة استمر بنفس النسخة الماضية، حيث يتأهل صاحب المركزين الأول والثاني من كل مجموعة، ثم يتم تشكيل مجموعتين في الأدوار النهائية، ويتأهل أصحاب المركز الأول من كل مجموعة للمباراة النهائية، فيما يتقابل منتخبات المركز الثاني لتحديد أصحاب المركز الثالث والرابع في البطولة. الأدوار النهائية وصلتها كل من منتخبات هولنداوإيطالياوألمانيا الغربية والنمسا، وبهذه المنتخبات تشكلت المجموعة الأولى، فيما جاءت المجموعة الثانية بمنتخبات الأرجنتينوالبرازيلوبيرو وبولندا، واستطاعت الأرجنتين أن تخطف بطاقة التأهل للمباراة النهائية عن المجموعة الثانية، وجاءت هولندا طرفاً ثانياً في المباراة ممثلاً عن المجموعة الأولى. افتقاد هولندا لخدمات نجم وسطها يوهان كرويف، لم يكن مانعاً من أن تقدم مستواها المعهود وتواصل مسيرها في البطولة، فالطواحين استطاعوا أن يصلوا إلى نهائي البطولة كطرف ثانٍ، رفقة منتخب الأرجنتين المتسلح بالأرض والمدرجات. وفوق أرضية ملعب مونيومنتال في بونس آيرس، وأمام حشد جماهيري فاق 70 ألف متفرج بقليل، أطلق الإيطالي سيرجيو غونيلا صافرة بداية المباراة النهائية، بين الأرجنتين المدعومة بأصوات جماهيرها وهولندا التي تبحث عن تحقيق ما عجزت عنه في نهائي النسخة الماضية، ماريو كيمبس هداف الأرجنتين لم يترك الشوط الأول ينقضي وجماهير بلاده على أعصابها، فقبل نهاية الشوط بسبع دقائق استطاع أن يسجل هدف السبق الأول لينتهي الشوط بتقدم الأرجنتين. محاولات الهولنديين في الشوط الثاني باءت جميعها بالفشل، فالطواحين مازالوا يفتقدون إحداثيات الوصول إلى الشباك الأرجنتينية، في وسط ملعب هولندا لم يكن هناك كرويف، ولكن ديك نانينغا ظهر لجماهير بلاده قبل أن تنتهي المباراة بدقائق يسيرة وأدرك التعادل الذي حول ضجيج جماهير ملعب ريفربليت إلى أشباح لا تنطق ولا تبصر، وبعد أن اتجهت المباراة للأشواط الإضافية، أعاد ماريو كيمبس للجماهير أصواتها بعد أن سجل هدف السبق الثاني، ومع انطلاقة الشوط الإضافية الثاني عزز دانييل بيرتوني تقدم التانغو بثالث الأهداف، لتعلن الأرجنتين نفسها بطل كأس العالم في نسخته ال11. البطولة شهدت بعض التغير في نظامها، فاتجه «الفيفا» إلى استحداث حسم المباريات من خلال ركلات الترجيح، حال استمرار التعادل بين المنتخبين طيلة الأشواط الأصلية والإضافية، ولكن الحاجة لم تكن داعية للجوء إلى ركلات الترجيح، فالمباريات انتهت جميعها في الأوقات الأصلية والإضافية للبطولة. النسخة التي أقيمت فوق ملاعب الأرجنتين، شهدت العديد من الأحداث الكروية التي أثارت جدلاً في الساحة الرياضية، فكان قرار الحكم الويلزي كلايف توماس مثيراً للجدل، حين أطلق صافرة نهاية مباراة البرازيل والسويد، والكرة معلقة في الهواء بعد أن نفذها البرازيلي زيكو من نقطة الجزاء بحجة أن وقت المباراة انتهى، ولم يحتسبها هدفاً للبرازيل وأنهى المباراة بالتعادل بين المنتخبين. غزارة الأهداف عادت مجدداً إلى إحصائيات البطولة، فبعد أن ظلت لأكثر من نسخة لا تتجاوز مجموعها أكثر من 100 هدف، ففي نسخة الأرجنتين وصلت عدد الأهداف 102 هدف، وكان لمنتخب الأرجنتينوهولندا نصيب الأسد حيث سجل لاعبو كل منتخب 15 هدفاً، فيما تساوت البرازيلوألمانيا الغربية بواقع 10 أهداف لكل منتخب، ولأنها بطولة الأرجنتين استضافةً وتتويجاً، فقد أبى هداف التانغو التاريخي ماريو كيمبس أن يغادر الحذاء الذهبي مع أحد لاعبي المنتخبات التي ستغادر بونس آيرس بمجرد انتهاء البطولة، واستطاع أن يحققه بفضل تسجيله ستة أهداف طوال مجريات البطولة، البيروفي تيوفيلو كوبياس رفقة الهولندي روب رينسنبرينك جاءا في المرتبة الثانية برصيد خمسة أهداف، فيما جاء الأرجنتيني ليوبولدو لوكي ثالثاً بأربعة أهداف. كيمبس الذي كان يحمل لواء الأرجنتين وحيداً في الاحتراف الخارجي، حيث يدافع عن ألوان فالنسيا في الدوري الإسباني، استطاع أن يحقق لقب نجم البطولة إلى جانب الحذاء الذهبي، ليؤكد أن إمكاناته الفنية عالية المستوى. السقوط في اختبار المنشطات يظهر مجدداً في نسخة الأرجنتين، الجناح الأيسر لمنتخب اسكتلندا ويلي جونستون، والذي كان الجمهور الاسكتلندي يعول عليه الكثير في قيادة بلاده للتقدم بالبطولة، لكنه خيب الآمال بعدما سقط في اختبار المنشطات بعد مباراتي بيرووإيران. ولأن كأس العالم كانت ومازالت هي البطولة التي يولد منها نجوم كرة القدم، فقد شهدت ملاعب الأرجنتين ولادة نجم فرنسا ميشيل بلاتيني، والذي استطاع بعمر ال21 عاماً أن يسجل أول أهدافه بقميص فرنسا في كؤوس العالم، وكانت شباك التانغو هي الضحية الأولى التي يقتنصها بلاتيني في بداياته الكروية، ورغم الإبهار الذي قدمه بلاتيني في مستواه أمام المنتخبات العالمية، إلا أن فرنسا ودعت من دور المجموعات دون أن تعبر إلى الأدوار النهائية، حتى أن بعض الرياضين أطلق على منتخب فرنسا المشارك في تلك النسخة، أنه أفضل منتخب يودع المونديال باكراً. ولأن البطولة بُدئت بخلافات سياسية وعسكرية، فكانت نهايتها مقاربة لما بُدئت به، فحين صعد لاعبو منتخب هولندا إلى منصة التتويج لاستلام الميداليات الفضية، رفضوا مصافحة القادة العسكريين الذين قادوا عملية الانقلاب في الأرجنتين، وتجاوزهم إلى المسؤولين الرياضيين في اتحاد اللعبة الدولي، وكان دافع هذا الموقف من لاعبي هولندا تسجيل اعتراضهم على السياسة الدامية التي اتخذتها حكومة الانقلاب العسكرية في الأرجنتين. الارجنتين بطلة العالم 102 هدف والأرجنتين الأكثر تهديفاً وكيمبس نجم فوق العادة ماريو كيمبس هداف البطولة لقاء هولندا في المبارة النهائية شعار البطولة