عندما تتحول الذكريات الرياضية إلى سطور وصور مضيئة فهي تؤكد أنه ما زال للوفاء بقية، وما زال الرابط قوياً بين الماضي والحاضر.. (الجزيرة) تقدم لقرائها الكرام أسبوعياً «كوكتيلاً» من الأخبار والتغطيات والمقالات والصور القديمة والتي تم نشرها بالصحيفة الرائدة، متمنين أن تحوز على رضاكم واستحسانكم. بعد صراع عنيف وطويل استغرق عامين كاملين من الزمن استطاعت ست عشرة دولة فقط من بين 103 قطراً مختلفاً في كل أنحاء العالم الوصول للأرجنتين بعد أن حصلت على تأشيرة الدخول إلى هناك، والأقطار التي وصلت لتلعب على نهائي كأس العالم هي: الأرجنتين، وألمانيا الغربية، واللتان تأهلتا أوتوماتيكياً كدولة مضيفة، وكدولة حاملة للكأس على التوالي، وبيرو، والبرازيل، إيران، تونس، المكسيك، المجر، بولندا، إيطاليا، النمسا، هولندا، فرنسا، السويد، اسكتلندا، وإسبانيا.. وحمل طريق الوصول للأرجنتين العديد من المفاجآت، فقد تساقطت عدة دول كأوراق الخريف، مع أن لها وزنها المعتبر في مجال كرة القدم، فإنجلترا فشلت للمرة الثانية، وكذلك البطل الأولمبي ألمانيا الشرقية، والدولة التي حازت على كأس العالم مرتين من قبل، أورجواي ويوغسلافيا وبلغاريا، وهي الدولة التي شاركت في نهائي كأس العالم طوال الدورات الأربع الأخيرة. ومن بين الدول التي وصلت لنهائي كأس العالم عام 1974م، تمكنت فقط سبع دول من الصمود للدورة الحالية والوصول للأرجنتين ووصلت تونس وإيران لأول مرة، وبيرو للمرة الثانية.. وفيما يلي نقوم بجولة سريعة حول الدول المشتركة في هذه الدورة والتي ستبدأ في مطلع يونيو القادم ولنعرف الكيفية التي توصلت بها لتمثيل مناطقها المختلفة. * أولاً أوروبا: تم تقسيم دول القارة الأوروبية إلى تسع مجموعات يصعد بطل كل مجموعة للأدوار النهائية. المجموعة الأولى: بولندا، البرتغال، الدنمارك، قبرص. تمكنت بولندا من أن تتصدر هذه المجموعة بعد تعادلها في مباراة الذهاب مع البرتغال بهدف لكل منهما، ولذلك كان ترتيب بولندا في المنافسات الأخيرة والتي أقيمت في عام 1974م وفي منافسات هذا العام لم تنهزم بولندا في كل المباريات التي خاضتها. ولقد أقيمت المباراة الحاسمة بين بولندا والبرتغال في جو ممطر وبارد، ولكن بالرغم من هذا فقد حضر المباراة جمهور كبير بلغ 60 ألفاً، وتصدى حارس مرمى البرتغال (مانويل بونتو) لقذائف الهجوم البولندي ولكن في الدقيقة 26 من المباراة تمكن مهاجم بولندا (كازمير دينا) كابتن الفريق من تسجيل هدف من ضربة ركنية، وتعادلت البرتغال في الدقيقة 17 من الشوط الثاني، وبهذا التعادل أصبح أمل البرتغال الوحيد، هو أن تهزم قبرص بعشر إصابات على الأقل. وكانت كل من البرتغال وبولندا قد فازت على الدنمارك بأربع إصابات، وقد لعبت الدنمارك هذه المنافسات بدون مهاجمها الخطير (آلان سيمسون) الذي يلعب لنادي (ميونخ باخ) الألماني وعدد آخر من اللاعبين لم تسمح لهم أنديتهم الأجنبية بالاشتراك.. وبذلك كان منتخبها ضعيفاً بعض الشيء. المجموعة الثانية: إيطاليا، إنجلترا، فنلندا، لكمسبرج. تمكنت إيطاليا بطلة هذه المجموعة من تحطيم بنية آمال الإنجليز للتقدم نحو الأرجنتين بعد فوزها على منتخب لكسمبورج الضعيف (3-0) وقبل هذه المباراة كان للإنجليز أمل قوي في الوصول خاصة بعد فوزهم على إيطاليا (2-0) بملعب ويمبلي الشهير أمام مائة ألف متفرج بعد أن تمكن كيفان الذي يلعب لنادي هامبورج الالماني من القفز عالياً ليضع الكرة في المرمى الإيطالي بعد عشر دقائق من بداية المباراة وكان هدف منتخب إنجلترا في هذه المباراة هو تسجيل أكبر عدد ممكن من الأهداف حتى تضمن وضعاً مريحاً في القائمة خاصة وأن إيطاليا ستلعب مباراتها الأخيرة مع لكمسبرج والفوز فيها شبه مضمون للإيطاليين. ولكن.. مال الإيطاليون للخشونة المتعمدة لإيقاف موجات الهجوم الإنجليزي الذي كان يقوم به (10 لاعبين) في بعض الأحيان وبدت المباراة في شوطها الثاني وكأنها معركة شوارعية من كثرة اللكم والضرب، وانشغل الحكم برفع الكروت الصفراء وفض المنازعات.. ولكن هدأت الأمور بعض الشيء في الشوط الثاني، حيث حاول الإيطاليون إماتة اللعب بإرجاع الكرة إلى حارسهم الذي كان يتباطأ في إعادتها للملعب. وقبل نهاية المباراة بعشر دقائق تمكنت إنجلترا من تسجيل الهدف الثاني والأخير في المباراة لتصبح النتيجة (2-0) لصالحها.. وزاد الطين بلة بالنسبة للإنجليز فوزهم الضئيل على لكمسبرج بهدفين فقط ليصبح الطريق ممهداً أمام إيطاليا.. وكان حوالي 15.00 متفرج (بينهم خمسة آلاف متفرج على الأقل من إنجلترا) والذين يتابعون المباراة التي أقيمت بلكسمبورج يفتحون أفواهم دهشة أمام الفرصة النادرة التي ظلت تتطاير من لاعبي إنجلترا على بعد خطوات من مرمى لكمسبرج، وفي نفس الوقت فازت إيطاليا على فنلندا بست إصابات لتحجز مقعدها بأمان للأرجنتين. المجموعة الثالثة: النمسا، ألمانيا الشرقية، تركيا، مالطا.. تصدرت النمسا هذه المجموعة والتي تمكنت من إحراز مفاجأة ضخمة بإبعادها لمنتخب ألمانيا الشرقية عندما فازت على تركيا في ازمير (1-0) لتصل لنهائي كأس العالم بعد غيبة طويلة استمرت منذ عام 1958م وكان تعادلها مع ألمانيا الشرقية مرتين (1-1) في فيينا ولايزيج هو مفتاح ذلك النجاح، وفي المباراة الثانية الحاسمة مع ألمانيا الشرقية امتلأت ملعب (براتز) بفيينا على سعته للمرة الثالثة خلال خمسة أعوام واستطاعت النمسا أن تحرز هدف الفوز لينقضه الحكم البريطاني (توم ريفولد) على أساس أن المهاجم كان متسللاً.. وعند احتجاج ذلك اللاعب على نقض الهدف قام الحكم بطرده، ليشتعل الملعب بالهتافات العادية وتطايرت زجاجات العصير الفارغة والعلب، وتدخل رجال الأمن لتهدئة الجماهير. وبعد المباراة غادر الحكم الملعب تحت الحماية المشددة رأساً إلى المطار لركوب أول طائرة مغادرة إلى مدينة لندن.. ومع أن ألمانيا الشرقية استطاعت هزيمة مالطة (1-0) إلا أن تعادلها مع الأتراك منح النمسا الضوء الأخضر للأرجنتين. المجموعة الرابعة هولندا، بلجيكا، ايسلندا، ايرلندة الشمالية. تمكنت هولندا من إقصاء بلجيكا عن الصدارة، وهي المنافس الأول لها في هذه المجموعة على الرغم من عدم اشتراك لاعبها المرموق (يوهان كرويف) في هذه المباراة ونجمها اللامع (نيسكنس) الذي رفض نادي برشلونة الإسباني السماح له بالمشاركة. أما ايرلندا الشمالية فبعد هزيمتها الصاعقة من منتخب آيسلاندا أضعف فرق المجموعة فقد اضطرت لاستدعاء لاعبها المعروف (جورج بست) من أمريكا، حيث يلعب هناك لنادي لوس انجلز.. ولأنه جاء قبل يوم واحد من مباراتها الثانية مع ايسلاندا فقد تمكن منه إرهاق السفر ولم يقدم العرض المطلوب على الرغم من قيامه (بطلعتين) جعلت قلوب الجماهير تنزل لأقدامها في الشوط الثاني من المباراة.. وكانت هذه هي الزيارة الأولى التي يقوم بها هذا اللاعب لمسقط رأسه (بلفاست) منذ سبع سنوات كاملة.. وتمكنت هولندا من الفوز على ايرلندا الشمالية (1-0) وكان (كرويف) الذي اشترك في هذه المباراة شبحاً فقط.. وكان يشكو من إصابة سابقة وتم استبداله بلاعب آخر.. بعد 27 دقيقة فقط ولكنها تعادلت مع بلجيكا وهزمتها في المباراة الثانية لتضمن الوصول إلى الأرجنتين.. وحتى إعداد هذا التحقيق فان اللاعب الفذ (كرويف) ما زال مصراً على عدم مرافقة فريقه للأرجنتين في الشهر القادم.. والسبب وراء ذلك الرفض، أن (كرويف) يود الاستمتاع بعطلته الصيفية كاملة مع عائلته بعد موسم حافل بالبذل والعرق في بلاد الإسبان.. ولكن.. يؤكد الكثيرون أن (كرويف) سيغير موقفه إذا دفع له اتحاد الكرة الهولندي مبلغا محترما مقابل الظهور في الأرجنتين. المجموعة الخامسة: فرنسا، بلغاريا، ايرلندا الجنوبية دخلت فرنسا دائرة الضوء بعد فوزها الأخير على منتخب البرازيل في جولته الأخيرة التي زار فيها المملكة بدعوة من النادي الأهلي بجدة، وأصبحت مرشحة لدور الحصان الأسود في الأرجنتين، خاصة بعد شفاء ملك خط الوسط (مايكل بلاتين) وعودة المهاجم المرعب (دومنيك روشسيتو). ووصلت فرنسا الأدوار النهائية بعد فوزها على بلغاريا (3-1) بباريس.. وكان بإمكان بلغاريا إحراز ذلك الوصول لو تعادلت فقط في هذه المباراة، وبذلك عادت فرنسا للمحافل الدولية مرة أخرى بعد غيبة بدأت في عام 1966م.. أما فريق ايرلندة الجنوبية فعلى الرغم من انه كان يضم لاعب ليفربول المعروف (ستيف هاي وبي) إلا ان هجماتهم كانت ضعيفة ولم يشكلوا أي خطورة في هذه المجموعة.. المجموعة السادسة: السويد.. النرويج، سويسرا كان الشعار الذي تمسك به منتخب النرويج عند ملاقاته لنده التقليدي منتخب السويد هو (ليس المهم هو الفوز، بل الأهم هو هزيمة السويد)!! ولذلك كان يوم فوزها على السويد 2-1 عيداً قومياً في أوسلو، وبهذا الفوز أصبح أمل وصول النرويج لنهائي كأس العالم الذي غابت عنه منذ عام 1938 هو أن تهزم سويسرا بأربعة أهداف على الأقل.. ولكن تمكن السويسريون من انتزاع الفوز بهدف واحد وقضوا على أحلام النرويج لتفوز السويد بتصدر القائمة.. ويتوقع الخبراء أن يواجه منتخب السويد بعض المتاعب الأمنية هناك، وذلك لأن بعض الجهات السويدية طالبت بمقاطعة اللعب في الأرجنتين. المجموعة السابعة: اسكتلندا: شيكوسلوفاكيا، ويلز.. بانتصارها على شيكوسلوفاكيا بثلاث إصابات لإصابة واحدة في جلاسقو تمكنت اسكتلندا من تصدر مجموعتها التي تضم ويلز أيضاً وكانت قد خسرت اللقاء الأول في براغ بإصابتين دون مقابل ويضم المنتخب الاسكتلندي حوالي ستة من أشهر لاعبي الأندية الإنجليزية على رأسهم اللاعب الفنان (كيني دلقاش) المرشح الآن للفوز بجائزة أحسن لاعب في إنجلترا، والذي استطاع أن يملأ الفراغ الذي تركه كيفن كيفان في نادي ليفربول و(جوجوردن) لاعب ليدز يونايتد. وعزى الشيك هزيمتهم في جلاسقو لتعاطف الحكم مع اسكتلندا، وللألعاب الخشنة التي مارسها الاسكتلنديون والتي أدت لإصابة لاعبهم الموهوب (مازني) واثنين من اللاعبين الذين بنى عليهم المنتخب الشيكي إستراتيجيته ولكن يقول المعلقون الرياضيون إن سبب الهزيمة يعود لحارس المرمى الذي كان ضعيفاً وتسبب في ولوج هدفين على الأقل. ولقد أقيمت مباراة ويلز واسكتلندا الثانية في أرض محايدة (ملعب نادي ليفربول الإنجليزي) وذلك لعدم وجود الملعب المناسب لاستيعاب مشجعي الفريق الاسكتلندي المتوقع حضورهم مع منتخبهم.. المجموعة الثامنة: إسبانيا، يوغسلافيا، رومانيا.. تعتبر هذه المجموعة من أقوى المجموعات الأوروبية واحتدم التنافس بينها بشدة لتخطف اسبانيا الصدارة بعد ان كانت ممهدة أمام اليوغسلاف، فبعد أن فازت إسبانيا ويوغسلافيا على رومانيا أقيمت مباراة تحديد البطولة في يوغسلافيا وكان أمام يوغسلافيا فرصة الفوز بهدفين على الأقل.. ولكن إسبانيا استطاعت أن تسكت حناجر ما يقارب من المائة ألف متفرج يوغسلافي ضاق بهم ملعب بلغراد بهزيمة منتخب يوغسلافيا بهدف قاتل لتصبح إسبانيا هي المؤهلة لدخول نهائي كأس العالم لأول مرة منذ عام 1966م. المجموعة التاسعة: المجر، الاتحاد السوفيتي، اليونان لم يتم تأهيل المجر أوتوماتيكياً بعد إقصائها للاتحاد السوفيتي واليونان، بل لعبت أمام منتخب كان ترتيبه الثالث في الجولة التأهيلية الثانية لدول أمريكا الجنوبية ألا وهو منتخب بوليفيا، ولكن تمكنت المجر من هزيمة المنتخب البوليفي مرتين في (بودابست) و(لاباز) (6-0) و(3-2) على التوالي. البقية في الأسبوع القادم الجزيرة 21 جمادى الأولى 1398ه