إصابة بيليه تلقي بظلالها على المونديال النسخة الثامنة من كأس العالم عادت إلى قارة أوروبا من جديد، وفي عام 1960 أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» من روما، أن ملاعب إنجلترا هي المأوى الجديد لمباريات كأس العالم، وابتدأت الاستعدادات الإنجليزية باكرة لاستضافة المنتخبات المشاركة، فجهزت ملاعبها للمباريات والتدريبات، وأعدت العدة الكاملة لأن تنطلق البطولة على أتم وجه أمام العالم أجمع. عشرة مقاعد كانت نصيب قارة أوروبا، وأربعة لأميركا الجنوبية، ومقعد وحيد لقارة آسيا ومثله لأميركا الشمالية والوسطى وجزر البحر الكاريبي، وحجزت مقاعد أوروبا منتخبات ألمانيا الغربية والاتحاد السوفيتي والمجر وإسبانيا وإيطاليا وبلغاريا وسويسرا وفرنسا إلى جانب البرتغال التي شاركت للمرة الأولى في كأس العالم، وإضافة إلى البلد المستضيف إنجلترا، ومن أميركا الجنوبية جاءت البرازيلوالأرجنتين والأوروغواي وتشيلي، ومثلت المكسيك أميركا الشمالية، وخطفت كوريا الشمالية مقعد آسيا الوحيد في مشاركتها الأولى بنهائيات كأس العالم، ليكتمل عقد المنتخبات ال16، وكانت منتخبات إفريقيا قاطعت المونديال احتجاجاً على اعتراف الاتحاد الدولي بمنتخب جنوب إفريقيا على الرغم من مقاطعة الاتحاد الإفريقي للمنتخب الجنوبي بسبب نظام العنصرية المعمول به لديهم، لكن «الفيفا» لم يعبأ بالاحتجاجات التي قدمها الاتحاد القاري واعترف بالمنتخب الجنوبي. الأرجنتينيون لا يعترفون بمباراة سرقة القرن هدف غير شرعي يجير اللقب لإنجلترا وأوزيبيو الهداف وصلت المنتخبات المشاركة، وفوق ملعب ويمبلي الشهير انطلقت أولى مباريات النسخة، إنجلترا في ضيافتها أوروغواي، وانتهت المباراة صفر - صفر، ولم تؤثر النتيجة على حظوظ إنجلترا، فقد عبرت إلى ربع النهائي عن مجموعتها ورافقتها الأوروغواي كمركز ثانٍ، وتأهلت الأرجنتينوألمانيا الغربية عن المجموعة الثانية، ومن المجموعة الثالثة تأهل البرتغال أولاً والمنتخب المجري ثانياً، ومن المجموعة الرابعة تأهل منتخب الاتحاد السوفيتي وكوريا الشمالية إلى ربع النهائي. وعلى الرغم من البداية المميزة للبرازيل، وتفوقها على بلغاريا 2-0 ، إلا أن مشاركة بطل المونديال مرتين اقتصرت على دور المجموعات، ففي المباراة الثانية خسرت البرازيل 3-1 على يد منتخب المجر، وفي ثالث المباريات تلقى «السامبا» خسارة بالنتيجة ذاتها من البرتغال وهي المباراة التي شهدت إصابة بيليه ومغادرته للملعب، وبسبب هذه الخسارة توقفت مسيرة البرازيل عند هذا الحد وغادرت لأول مرة من دور المجموعات في واحدة من مفاجآت المونديال الإنجليزي، وتكررت إصابة «الأسمر» بيليه في المونديال الثاني على التوالي. في ربع النهائي، استطاعت إنجلترا أن تهزم الأرجنتين 1 - صفر وتصل إلى نصف النهائي، ولكنه الفوز الذي لا يعترف به الأرجنتينيون ويصفون تلك المباراة ب(سرقة القرن) باعتبار أن هدف الإنجليز جاء من لعبة تسلل، ولم تجد ألمانيا حينما واجهت أوروغواي أي صعوبة في تجاوزها إذ ألحقت بها هزيمة تاريخية قوامها 4 - صفر، وعبر منتخب الاتحاد السوفيتي بعد هزيمته للمجر 2-1، وفي مباراة ماراثونية كان أبطالها المنتخبين اللذين يشاركان لأول مرة في المونديال، تأهلت البرتغال إلى نصف النهائي بعد الانتصار على كوريا الشمالية 5-3، المباراة التي شهدت ركلتي جزاء للبرتغال، كانت سبباً في تحويل خسارتهم 2-1 إلى انتصار ساحق والعبور إلى نصف النهائي. ألمانيا الغربية كانت أول الواصلين إلى النهائي بعد الانتصار على الاتحاد السوفيتي 2-1، ولحقت بها إنجلترا بالفوز على البرتغال بالنتيجة ذاتها، لتسجل أول حضور لها في نهائي كأس العالم. امتلأت مدرجات ويمبلي البالغ عددها 98 ألف مقعد، في أكبر حضور تشهده ملاعب بريطانيا، ووسط ضجيج الجماهير وهتافاتهم لمنتخب الأسود الثلاثة، أحرز هيلموت هالر أول أهداف ألمانيا، صمت مطبق على مدرجات ويمبلي، لم ينزعه إلا هدف التعادل الذي سجله جيف هيرست، لتعود الأجواء الصاخبة ويرتفع النشيد الإنجليزي مجدداً، وبفضل هدف التقدم الثاني الذي أحرزه مارتن بيترس لإنجلترا ازداد ضجيج المدرجات وارتفع أكثر مما مضى، لاسيما وأن المباراة باتت تقترب من النهاية أكثر من أي وقت آخر، وفي الدقيقة الأخيرة أدرك فولفغانغ فبير هدف التعادل لألمانيا، ليدخل اليأس والإحباط إلى قلوب الإنجليز، وقبل نهاية الشوط الإضافي الأول استطاع جيف هيرست أن يسجل هدف السبق الثالث لإنجلترا. الهدف الثاني لإنجلترا أثار غضب الألمان، باعتبار أن الكرة لم تعبر خط المرمى، واعتبروا أن فوز إنجلترا باللقب فوزاً غير شرعي، ومع لحظات المباراة الأخيرة كانت الجماهير الإنجليزية تخشى التعادل لكن هيرست أهداهم الهدف الرابع والذي ضمن لإنجلترا لقب كأس العالم الأول والوحيد بتاريخ الكرة الإنجليزية. 90 هدفاً كانت محصلة أهداف البطولة، لمنتخب البرتغال نصيب الأسد منها بواقع 17 هدفاً، ثم ألمانيا الغربية 15 هدفاً، وبطل المونديال إنجلترا ب 11 هدفاً، البرتغالي أوزيبيو دي سلفا فيريرا حقق الحذاء الذهبي للنسخة بتسجيل تسعة أهداف، وجاء الألماني هيلموت هالر ثانياً بتسعة أهداف، وسجل فاليري بوركوجان نجم منتخب الاتحاد السوفيتي أربعة أهداف قادته للمركز الثالث مع الإنجليزي جيف هيرست بذات العدد من الأهداف. الإنجليزي جيف هيرست، سجل لنفسه رقماً نادراً فهو آخر مهاجم يسجل هاتريك في مباراة نهائية بكأس العالم منذ نسخة 1966 حتى النسخة الأخيرة في البرازيل عام 2014م. الملكة إليزابيث تسلم قائد إنجلترا كأس البطولة بوبي تشارلتون أفضل لاعب الصندوق الملكي في أبريل 1986 حيث قُدمت عروض الكأس من المباراة النهائية