أكد د. عبدالله فيصل آل ربح الأستاذ المشارك لعلم اجتماع الدين والنظرية الاجتماعية بجامعة غراند فالي ستيت بولاية مشغان في الولاياتالمتحدة الأميركية أن الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية فيما يخص الأزمة الروسية-الأوكرانية توضح بشكل كبير أن المملكة حجر أساس في العلاقات الدولية كافة. وقال في حديث ل»الرياض»: «القيام بدور الوسيط في القارة الأوروبية يعني مقبولية المملكة لدى فرقاء دوليين في أن تكون حلقة الوصل للتفاهم وحلحلة القضايا العالقة. ولعل دور المملكة في عملية تبادل الموقوفين من الجانبين هو الدليل العملي على أهمية الدور الذي تلعبه الدبلوماسية السعودية. قد لا يكون هذا الدور مريحًا للإدارة الأميركية الحالية، والتي رمت بثقلها ضد روسيا، ولكن المملكة تؤكد بأنها على مسافة واحدة من الأطراف المتنازعة وإنها تنطلق في دورها هذا من قناعاتها الراسخة والتزاماتها الدولية التي لا تخضع لسياسة المحاور ولا لضغط الحلفاء الكبار بمن فيهم الولاياتالمتحدة». وشدد د. الربح على أن الاتهامات التي يلقيها بعض المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جو بايدن بأن المملكة تقف إلى الجانب الروسي إنما تعبر عن حالة الضغط الذي تعيشه إدارة الحزب الديموقراطي، وهي على أعتاب الانتخابات النصفية في الشهر القادم. وتابع «الارتفاع غير المسبوق لأسعار الوقود يمس قوت يوم المواطن الأميركي الذي سيصب جام غضبه على الإدارة السياسية التي لم تفلح في تأمين أسعار معقولة للوقود. وعليه، فإن الحرب الإعلامية ضد المملكة التي يقودها إعلام الحزب الديموقراطي الذي يتبنى خطاب اليسار الليبرالي متوقعة جدا خاصة وأنهم ينتظرون دعما مجانيا لمواقف سياسية لا تخدم المصالح الوطنية للمملكة. إن اللوم الذي تضعه إدارة بايدن على المملكة يأتي من الدور القيادي للمملكة سياسياً واقتصادياً ودينياً وعلى كافة الأصعدة، حيث أنها تستطيع تغيير أي معادلة متى ما شاءت». وذكر بأن موقف المملكة يوضح التزامها الأخلاقي تجاه شركائها في مجموعتي (أوبك وأوبك+) سواء كانوا حلفاء (كبقية دول مجلس التعاون) أو خصوم كإيران. هذا الموقف يوضح بشكل جلي أن المملكة لا تستخدم النفط كسلاح، بل إن الموقف الذي تطالب به إدارة بايدن هو الذي سيعتبر استخداما للنفط كسلاح، ولكن ضد خصوم الولاياتالمتحدة. وغني عن القول إن المملكة ليست معنية بمثل هذه الاصطفافات. وعن العلاقات السعودية-الأوكرانية قال آل ربح: «منذ استقلال أوكرانيا مطلع التسعينيات والمملكة تقيم علاقات وطيدة معها. وكانت المملكة ضمن الدول التي صوتت بتأييد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/262 الذي أكد على وحدة الأراضي الأوكرانية وأدان احتلال القوات الروسية لشبه جزيرة القرم 2014. هذا الموقف الصريح من المملكة لم يتغير. ففي مطلع مارس الماضي أكد مجلس الوزراء دعمه للجهود الدولية لتهدئة الموقف في أوكرانيا من خلال الحوار والدبلوماسية من أجل استعادة الأمن والاستقرار وتوفير أجواء ملائمة لإجراء مفاوضات تسفر عن حل سياسي. وفي الثالث من مارس الماضي خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على دعم المملكة لأي إجراء من شأنه أن يساهم في تهدئة الأزمة. كما أعرب عن استعداد المملكة لبذل جهود الوساطة بين كافة الأطراف، ودعمها لكافة الجهود الدولية الهادفة لحل الأزمة سياسياً. وفي مكالمة أخرى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، كرر ولي العهد عن الإعلان عن الاستعداد التام للتوسط بين الأطراف المتنازعة». وأضاف «دور المملكة هنا يتجاوز البروبوغندا الإعلامية إلى الاستعداد بدور عملي لإحلال السلام بين أطراف النزاع، بينما تنشغل الدول الغربية ببث دعايتها ضد كل من يختلف معها في تبني دور راديكالي ضد روسيا، مما فاقم الأزمة حتى وصل الأمر بموسكو بالتلويح بالخيار النووي».