عندما يُعقد ملتقى من ملتقيات التوظيف، أتساءل عن جدوى مثل هذه الفعاليات وأهدافها، ومدى توفر الفرص لدى الجهات المشاركة، هل فعلا لديها "شواغر" أم أن المسألة كلها "تسويق" لهذه الجهات؟ في الغالب أن معارض وملتقيات التوظيف تنظمها شركات خاصة في التسويق والعلاقات العامة، وهي من يحرك الأمور خلف الكواليس، لتتربح من تقاسم الإيرادات المتحصلة من رسوم الرعاية بكل فئاتها ورسوم تأجير المساحات، بغض النظر عن تحقق هدف الفعالية من عدمه. حسنا، لنأخذ الأمر نقطة نقطة، إذا كانت الجهات المشاركة لديها فرص، فلماذا "تتكلف" طالما أنها تستطيع استقبال سير المتقدمين بطرق إلكترونية في أي وقت أو عند توفر الشواغر؟ أليس من الأجدى أن تضيف ما تصرفه في هذه الفعاليات إلى ميزانية التوظيف فتستقطب موظفين جددا أو إلى ميزانية التدريب -المجمدة منذ سنوات- فتدرب الموظفين الحاليين وتعيد تأهيلهم؟ ملتقيات توظيف تقام في فنادق 5 نجوم، وفي نهاية المطاف تكدس السير الذاتية تحت الطاولات.. احترموا هذا الباحث الذي أنهكته الحياة، واطلبوا منه بكل تهذيب أن يقدم سيرته إلكترونيا، بدلا من إهمال السير ورميها في منظر لا يليق علاوة على احتوائها على بيانات وأرقام تواصل تمثل "منجما" للمحتالين! من المؤلم أن ترى جهات عمل تشارك في هذه الملتقيات وهي تدرك إنه ليس لديها فرص عمل أو أن التوظيف متوقف لديها، لماذا إذن تخدع الباحثين عن عمل؟ هل تمارس معهم مقلبا من مقالب "الكاميرا الخفية"؟ والمؤلم أكثر أن الجهات التي تشارك دفعت بكل بذخ، ولم تكلف نفسها حتى توزيع قوارير ماء أو مظلات على الواقفين في طوابير طويلة تقيهم لهيب الشمس! من حق أي جهة أن تسوق نفسها كجهة مفضلة داخل سوق العمل، وهو ما نسميه "الترويج المؤسسي" (employer branding)، شريطة ألا يكون ذلك على حساب الباحثين عن عمل، وإيهامهم بتوفر فرص غير موجودة! الشركة الوطنية تسهم بحق في نسج قصة نجاح رؤيتنا المستقبلية، فتركز على رفع نسب التوطين، وخلق وظائف لشبابنا وبناتنا، فتوظف وتدرب، بعيدا عن الجعجعة، فترى "فريق التوظيف" يعمل كما لو أنه خلية نحل، وليس مجرد أفراد صامتين أو يستعرضون أمام الجمهور. أتمنى أن تتدخل الجهات الرقابية للتحقق من نتائج هذه الملتقيات وصحة توفر الفرص الشاغرة التي يفترض أنها تبرر تواجد الجهة في الملتقى، وإذا ما عند هذه الجهة أو تلك فرص، فلا تحرج نفسها بالمشاركة، لأن ذلك سيرتد على سمعتها وهو عكس ما يراد من "الترويج المؤسسي"! بكل صراحة، لقد انتهى عصر معارض وملتقيات التوظيف (حتى من قبل تفشي الجائحة)، فمن كان لديه فرص شاغرة حقيقية لا يحتاج إلى كل ذلك "العرس"، يستطيع أن يعلنها في أي وقت، ومن لم يكن لديه فرص، فالباحثون بغنى عن "هياطه" التسويقي! بندر الضبعان