تفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيوداً مشددة على سحب الودائع المصرفية تزايدت شيئاً فشيئاً، حتى أصبح شبه مستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصاً تلك المودعة بالدولار الأميركي، مع تراجع قيمة الليرة أكثر من 90 % أمام الدولار. وصنّف البنك الدولي أزمة لبنان الاقتصادية من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. في بث مباشر على صفحتها على فيسبوك، ظهرت مودعة لبنانية من داخل فرع بنك لبنان والمهجر (بلوم) في السوديكو وهي تقول "أنا سالي حافظ، جئت إلى بلوم بنك لآخذ وديعة أختي التي تموت في المستشفى". واقتحمت المودعة الأربعاء الفرع المصرفي في بيروت، حيث تمكنت بعد رفعها مسدساً والتهديد بإضرام النيران، من الحصول على جزء من وديعتها، وفق مقاطع فيديو متداولة وصحافيين، في مشهد تكرر مؤخراً في لبنان. وتظهر امرأة أخرى في مقطع فيديو وهي تدعي الحصول على 13 ألف دولار من الوديعة بينما يحمل رجل بقربها كدسة من الدولارات. تعاني إحدى شقيقات حافظ من سرطان في الرأس. وكتبت في تعليق سابق على حسابها على فيسبوك أرفقته بصورة شقيقتها على سرير المستشفى "يا عمري، أعدك أنك ستسافرين وتتلقين العلاج. لو كلفني الأمر حياتي". وبحسب الصحافيين، تم سكب مادة البنزين داخل قاعة المصرف أثناء عملية الاقتحام التي نفذتها حافظ وعدد من الأشخاص الذين رافقوها، قبل أن يتمكنوا من الخروج مع المال من نافذة حطمها أحد المحتجين في الخارج قبل حضور القوى الأمنية. وظهرت حافظ (28 عاماً) وهي مهندسة ديكور بصور ومقاطع فيديو وهي تقف على مكتب داخل المصرف وترفع مسدساً، قالت لاحقاً في مقابلة تلفزيونية إنه من البلاستيك ومن ألعاب ابن شقيقتها. وأوضحت في المقابلة إنها حصلت على 12 ألف دولار مع ألف إضافية بالليرة اللبنانية من إجمالي الوديعة البالغة قيمتها عشرين ألف دولار. وتابعت "يجب أن تتعالج شقيقتي، تحتاج خمسين ألف دولار. بعنا أكثر من نصف أغراض منزلنا". وفي مقطع فيديو آخر تم تداوله عبر الانترنت، أكدت حافظ أن ما تطلب به هو حقها. وتابعت "في هذا البلد، لا تحلّ الأمور إلا بهذا الشكل، هذه الأموال لم نحصل عليها سرقة، بل تعبنا وشقينا". وتصدرت خطوة سالي مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، ووصفها بعضهم ب"البطلة". وغرّدت ليلى السيد حسين "شكراً سالي، منذ أسبوعين بكيت داخل بنك لبنان والمهجر. احتجت المال من أجل عملية جراحية. أنا أضعف بكثير من أن أحمل مسدساً لأحصل على ما هو حقي". وتكرر المشهد ذاته الخميس في مدينة عالية، الواقعة على بعد نحو عشرين كيلومتراً من بيروت. وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام أن أحد المودعين دخل ظهراً إلى فرع مصرف "بنك ماد" مطالباً "بأخذ وديعته، لكن بعد تدخل الأجهزة الأمنية، تم توقيفه". وليست هذه أول مرة تشهد فيها المصارف اللبنانية حوادث مماثلة. في 11 أغسطس، دخل مودع غاضب مصرفاً في منطقة الحمرا في بيروت، حاملاً سلاحاً واحتجز الموظفين لساعات. وبعد حصوله على ثلاثين ألف دولار من وديعته التي تتجاوز قيمتها مئتي ألف دولار، سلم نفسه الى القوى الأمنية التي احتجزته لأيام قبل أن تطلق سراحه. وشهدت قاعات الانتظار في المصارف خلال العامين الماضيين إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين تعليمات إداراتهم.