كنا في السابق نشكو لشركات الاتصالات وهيئة الاتصالات من إزعاج الرسائل الدعائية على الهواتف المتنقلة وأنها زادت عن الحد الذي يمكن تحمله، ولم يحدث تطور يذكر في أمر الحد من إزعاج تلك الرسائل، بل لعل الأمر تطور إلى اتصالات مباشرة على رقم الهاتف الجوال وفي أوقات الراحة، خاصة الظهيرة، ووقت الغداء أو الاسترخاء بعده. الجوال ملكية خاصة ورقمه يفترض أن يكون له خصوصية، وبعض الأشخاص هاتفه الجوال خصصه لحالات طارئة ليلا ونهارا ولا يستطيع قفل الصوت، والفقير إلى عفو ربه أحدهم، فقد جعلت هاتفي الجوال تطوعيا على أهبة الاستعداد لمباشرة حالات عض الثعابين أو لدغات العقارب في غرف الطوارئ في المملكة ودول الخليج عند الحاجة حتى بعد تقاعدي عن العمل في المستشفى. مشكلة الإزعاج بالرسائل والاتصالات في تزايد، فلا يمر يوم إلا جاءك اتصال أو أكثر لينكد عليك راحتك رغم نعومة الصوت (النكدي) قائلا: (معك تغريد وقتك يسمح لعرض مفيد؟) أو (معك أنغام وقتك تمام؟) والحقيقة أن الاتصال لم يكن تغريدا ولا أنغاما بل تنكيد وإرغام على سماع عرض لاستثمار عقاري أو ترويج لسلعة ليس لي فيها لا رغبة ولا شأن ولم تكن في الحسبان. شكونا هذا الإزعاج كثيرا ورجونا شركات الاتصالات أن تحمينا منه، لكن يبدو أن مقدم الخدمة، ومن كثرة الشكاوى، وجد الفكرة مناسبة لتسويق باقاته، فأصبح الاتصال الأكثر يأتي من مقدم الخدمة نفسه (معك لطيفة، أنت باقتك كذا ولم تستفد منها في كذا ولدينا عرض لباقة جديدة لا تزيد إلا 200 ريال فقط وتحصل على دقائق مجانية داخل الشبكة وخارج الشبكة ودقائق مجانية دولية) شكرا لطيفة لست في حاجة لدقائق مجانية، أنا في حاجة لدقائق أرتاح فيها من عناء يومي بنومي، فكوني لطيفة حقا ودعيني في حالي وفكيني من شرك يا لطيفة. الأهم أن نجد من يكفينا شر ذلك الإزعاج الدعائي البحت، فثمة طرق للدعاية والإعلان تتم دون اختراق لخصوصية المستهدف وعبر قنوات مدفوعة يترك فيها الخيار لمن يريد المشاهدة والاستماع والاختيار بحرية ودون إجبار.