في أوله قرار بهجرة فعل قمت به، لكنه قد يتحول إلى تأنيب ضمير طويل يهلك النفس، فيصبح مبالغة في تقدير الموقف أكثر من كونه رغبة في الرحيل عنه لغيره، فهو كالمنبه المزعج الموقف للأفعال اليومية الاعتيادية والإبداعية، فيتحول إلى عدو يجب التخلص منه قبل أن يتخلص مني. في البداية لا بد أن تسأل نفسك: هل الفعل الذي قمت به جزء من إدراكي أم لا علاقة له به؟، وسيكون الجواب غالباً بنعم، لكن لماذا لا نفكر في أن يكون الجواب «لا»؟ بمعنى؛ إن الفعل الذي قمت به لا ينتمي إلى بنيتي النفسية، فهو دخيل علي ولا يمثلني، فهو أشبه بالطعام الفاسد الذي آلمني لأنه لا ينتمي للقائمة الغذائية التي تعود عليها جسمي، فهل آلام معدتي استمرت معي طوال الوقت أم بقيت مدة ثم اختفت؟ من دون شك أنها اختفت بعد مدة لأني أولاً كنت أعلم أنها دخيلة علي، وثانياً لأني قمت بعلاجها بهدوء وتمكن، وكذلك الفعل الذي ندمتَ عليه ثق بأنه لا ينتمي إليك، ثم عالجه بهدوء، وسيرحل عنك سريعاً. بعد ذلك قرر أن تعرف الأمور والأفعال التي تنتمي إليك وكثفها بداخلك دون أن تتحول إلى آلة، فالندم فتح لنا باباً نافعاً في إعادة تفكيرنا بأنفسنا بطريقة صحية، وهذا هو الجانب الإيجابي من الندم؛ جانب تصحيح اللامبالاة التي قد تكون غريزة لدينا وواجبنا أن نقننها ونستفيد منها، لا أن ننغمس فيها ولا أن ننكرها.