صدور العدد الأول من صحيفة "الرياض" في غرة شهر المحرم من العام 1385ه الموافق للأول من شهر مايو 1965م كان يمثل ميلاد منارة من منارات المعرفة ليس في العاصمة الرياض فقط، وانما في ارجاء المملكة ومحيط العالم العربي. وأسرة جريدة "الرياض" التي أعتز بالانتماء إليها وهي تحتفل هذه الأيام بالذكرى الستين لتأسيس هذا الصرح الاعلامي والمعرفي الشامخ لا أجد افضل من الاحتفاء بهذه المناسبة من دعم وتعزيز ما خطته الصحيفة من خطوة جد صائبة في إنشاء مركز "الرياض" للمعلومات والدراسات الاستشارية، الذي من بين أهدافه تحويل جميع أعداد "الرياض" الورقية التي تتضمن ثراء معلوماتيا على مدى ستة عقود إلى صيغة رقمية، من أجل الإفادة من هذه المعلومات للمتخصصين والباحثين والمهتمين في مختلف مجالات المعرفة. عملية التوثيق في المؤسسة الإعلامية، هي واحدة من الخطوات الرئيسة التي تتضمن الحفاظ على أبرز المعلومات القيمة التي من الممكن أن يتم الاستفادة منها في مجالات عدة، من هنا تأتي أهمية ما قامت به صحيفة الرياض في هذا المجال، حيث حرصت على أن تتضمن هذه العملية جانبيها الأساسيين، الأول هو المتعلق بالتوثيق ذاته وما يشمل ذلك من مراحل الصيانة والحفاظ والحماية لما تمتلكه من معلومات، أما الجانب الآخر الأسمى والأهم فهو توظيف ما يجري ويتم توثيقه في عالم المعرفة. مدينة الرياض مقر الصحيفة ومدار اهتمام وعناية ورصد الاحداث بها من قبل أسرة التحرير وتحليل جوانب هذه الاحداث ضمن اعمدة كتاب الرأي على مدى 60 عاماً تعتبر التنمية الحضرية واسوقها هنا على سبيل المثال لا الحصر أحد أهم وأبرز المستفيدين من ما يملكه مركز "الرياض" للمعلومات والدراسات الاستشارية من رصد يحمل المصداقية لمراحل هذه التنمية، ليس في جانبها الرأسي (التاريخي) وحسب وانما كذلك الأفقي (أي ما كان يتزامن مع تلك المراحل من أوجه التنمية الاخرى الاجتماعية والاقتصادية) حيث تمثل تلك المعلومات القيمة مصدر إلهام للمعنيين والمهتمين بالتنمية الحضرية في مدينة الرياض أثناء دراستهم لتاريخ تلك التنمية من أجل معرفة ما صار إليه هذا الماضي من ازدهار أو انحسار في الحاضر، وبالتالي المساعدة في صياغة مستقبل هذه التنمية على نحو أفضل يتفادى تكرار اخطاء الماضي ويعزز من ايجابياته. هذا ما يعبر عن واحد من الابعاد المعرفية لصحيفة "الرياض" الذي يمثل المركز أحد أهم ركائزه.