لافت جدا الحراك الاقتصادي السعودي الذي نشهده وسط كل هذه الأزمات الاقتصادية التي يعيشها العالم. ما أقصده هنا، هو حجم وعدد الوفود الاقتصادية الدولية التي تزور المملكة بكثافة، وكذلك الإعلانات المتوالية عن تشكيل مجالس أعمال مشتركة وبينية مع عدد من دول العالم. هذه الوفود قطعا لم تأت إلى الرياض مصادفة، وإنما لأسباب كثيرة أبرزها أن أداء اقتصادنا متين وثابت في أحلك الظروف والأزمات وما حدث خلال جائحة كورونا ليس ببعيد، والتي استطعنا قيادة اقتصاديات العالم وتوجيهها نحو بر الأمان من خلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، مرورا بالأزمة الحالية التي نعيش فصولها، ونقود فيها ملف الطاقة باقتدار على مستوى العالم. التوافد نحو المملكة لم يقتصر على الوفود التجارية وإنما حتى على مستوى قيادات الدول والتي يطغى على كثير منها الطابع الاقتصادي، بسبب الفرص الاستثمارية الكبيرة المقرونة بالاستقرار المالي والسياسي والاقتصادي، فبحسب إحصاءات حديثة لاتحاد الغرف فإن حجم الاستثمارات المطروحة على أصحاب الأعمال الأجانب في المملكة يقدر ب 500 مليار ريال، ولا نغفل كذلك رغبة كثير من الدول الشقيقة والصديقة في جلب رأس المال السعودي حيث تقدر تلك الفرص المطروحة أمام أصحاب الاعمال السعوديين ب 300 مليار ريال. كل ذلك يفسر ويشير إلى أمر واحد ، وهو أننا بدأنا نجني ثمار رؤية المملكة 2030 والتي استطاعت أن توجد نظاما مترابطا ومتكاملا رفعت به مستوى الخدمات في كل المجالات ونجحت كذلك في إيجاد مصادر دخل متنوعة، وهي الأسباب الحقيقية التي مكنت المملكة من التماسك والثبات أمام كل المتغيرات الطارئة التي مرت بها وصولا حتى التحديات القائمة، وجعلتنا نحتل هذه المكانة. هذا ليس حديثا إنشائيا وإنما واقع أعيشه وألمسه شخصيا في كل يوم عمل، وأستطيع القول إن كل الوعود والأقوال التي أدلى بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عند إطلاق الرؤية تحولت إلى واقع وأفعال على الأرض. سر نجاح الرؤية لم يكن في تغيير طبيعة ونمط إدارة اقتصادنا وحسب بل نجاحها كذلك في إيجاد قطاعات جديدة لم تكن مستغلة بل إنها كانت بمثابة الثروات المهدرة ، مثل قطاع الترفيه الذي تشكل مؤخرا ووصلت عدد الشركات المتخصصة فيه إلى ما يقارب 3000 شركة سعودية بمختلف أحجامها في زمن وجيز، وكذلك السياحة التي أوجدت قطاعا سعوديا متخصصا سيكون الأقوى عالميا عند اكتمال وجه المملكة السياحي بخلاف التحركات التي نشهدها جميعا في قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة والفنون والثقافة والتعدين وغيرها الكثير. ثمانية أعوام المتبقي حتى نصل إلى 2030 وهو العام الذي سيشهد الحدث الاقتصادي الأضخم في تاريخ المملكة، والذي يجعلنا نؤمن إيمانًا صادقا بأننا مقبلون على نهضة استثنائية ستجعل الرياض عاصمة الاقتصاد العالمي. أمين عام اتحاد الغرف السعودية