ها هم الحجاج يتوافدون على هذه الأرض الطاهرة لأداء نسكهم، في أجواء مفعمة بالهدوء والسكينة تحفها الطمأنينة ويشعر من خلالها الحجاج بالأمن والأمان الذي تنعم به بلادنا الحبيبة، فعلى الرغم من القلاقل والفتن التي تتنازع البلدان المجاورة لنا إلا أن الله تكفل بحماية بيته، حيث يقول تعالى: (أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم)، نعم فقد هيأ الله لهذا البيت الحرام من يحميه، فها هي حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها القائد الرائد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين -حفظهما الله- تسخر جميع الإمكانات المتاحة لخدمة حجاج بيت الله وتعمل على توفير الرعاية الكاملة لهم لينعموا بالأمن والأمان ويؤدوا نسكهم في جو تحفه المودة وتتناغم فيه هذه الحشود البشرية في مسيرة إيمانية مهيبة لأداء نسكهم في يسر تام بعيداً عن المزايدات التي تفت عضد الأمة وتحقق أهداف أعدائها، فمن خلال هذا التجمع العظيم للأمة تتحقق عدة أهداف، ومنها: أن يشهد الحجاج منافع متنوعة لهم، قال الله عزّ وجلّ: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) ومن تلك المنافع: تيَسّر اجتماع المسلمين من أقطار الدنيا في أوقات معينة وأماكن معينة؛ ليشعروا بالوحدة الإسلامية ويستفيدوا من بعضهم فيما يهم الجميع من أمور الدنيا والدين، ومن دون فريضة الحج لا يمكن أن يتسنى لهم ذلك؛ حيث تجتمع القلوب وترتفع نبرات الحناجر ملبيةً لله تعالى بالتوحيد وداعية إلى توحيد كلمة المسلمين، وقد غاظ -وما زال- أعداء الأمة ذلكم المشهد البديع الذي يجتمع فيه المسلمون في صعيد واحد داعين ربّاً واحدًا طالبين منه شيئًا واحدًا وهو مغفرة الذنب ووحدة صفّ الأمّة التي تعتبر السّمة الأبرز لأمّتنا الإسلاميّة فهي أمّة التوحيد والوحدة، ومن المعلوم تاريخيّاً أنّ هذه الأمة لم تنتصر على أعدائها إلا من خلال وحدتها، ولم تستطع أن تصل إلى هذه الوحدة على مر التاريخ إلا من خلال تمسكها بعقيدة التوحيد، وتمسكها بالرباط الأوثق في علاقات أبنائها وشعوبها وهو رباط الأخوة والألفة لا الفرقة والتنازع. حمود دخيل العتيبي