يعد ما يصنعه الإنسان في مسيرة حياته، وما يتركه من أثر طيب بمثابة إرثه الذي يبقى له بعد زواله ورحيله من هذه الحياة، وهي ما تمثله أفعاله وتصرفاته وتعامله مع غيره وكل من حوله، وهي الخلاصة التي يحصل بها الفرد على غايته وهي إيمانه بالله عز وجل والحصول على رضاه سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) «يس 12». والرسول الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه يقول: «الدين المعاملة»، لأن عبادة الفرد مهما زادت أو نقصت فإنها تبقى له ومن أجله وبينه وبين ربه، أما التعامل والمعاملة مع الأفراد والعالم من حولك فهي التي تحدد أثر الدين على الفرد وأثرك على الآخرين من حولك، فأترك أثراً طيباً تسعد به من حولك، وأورثهم ما تذكر به بعد رحيلك. وفي الحديث النبوي الشريف هنا وقفة تعد بمثابة وصية جميلة خالدة وشديدة الدلالة والروعة «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها»، وهذا هو الأثر والغرس المثمر الذي يغرسه الإنسان في حياته وحتى لو لم يكن موقناً بأنه سيجني منه شيئاً في الحياة. إن أفعال الفرد وتصرفاته وأخلاقه والسجايا التي يواجه بها غيره في تعاملاته هي ما تنعكس وتعود عليه بالنفع له في حياته وبعد رحيله، وإذا كان إرضاء الناس غاية لا تدرك فإن بالإمكان أن يدرك الفرد بأعماله وأفعاله وسجاياه ومعاملاته مع غيره أن يترك فيهم أثراً طيباً يبقى له بعد زواله من هذه الحياة. إن الأثر الطيب على الفرد والذي يتركه هو عمر آخر له «فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها... فالذكر للإنسان عمر ثانِ». وفيه يتجلى ذكر الإنسان فيثنى عليه، وربما كان سبباً (إن شاء الله) لعفو ربه سبحانه وتعالى في علاه وسبباً للدعاء له بدعوة فيكرمه الله بحسن المآل، ويعمل الناس بعلمه أو ما تركه من خير لوجه الله فيجزى له الأجر والمثوبة من الله وثواب من عمل به. وقفة: «الذكر يبقى زماناً بعد صانعه وخالد الذكر بالإحسان مقرونا».