تعد الحياة الزوجية من أهم المواضيع التي يجب النظر إليها، كون الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وهي حجر أساس المجتمع، وتعتبر أول وعاء تربوي وثقافي يحتضن الأبناء، فالحياة الزوجية إذا توافرت فيها الرحمة والمودة والاحترام وتحقيق كل من الحقوق والواجبات من قبل الزوج والزوجة، سيؤدي ذلك للسكينة والاستقرار للأسرة بشكل كامل. وتشهد الحياة الزوجية مشكلات عديدة في جميع المجتمعات، ومن ضمن تلك المشكلات "الانفصال العاطفي" أو ما يسمى بالطلاق النفسي، تلك المشكلة التي يسودها الشعور بالوحدة أو انفصال العاطفة عن الشريك/ة. ويعد الانفصال العاطفي حالة يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهما البعض رغم وجودهما في منزل واحد، يعيشان في انعزال عاطفي، ولكل منهما عالمه الخاص البعيد عن الطرف الآخر وينتج عنه برود في الحياة الزوجية وغياب الحب والرضا من العلاقة بين الزوجين. وقد يكون ذلك الانفصال أحياناً من طرف واحد، وتختلف خطورة هذا الانفصال باختلاف أسبابه. بينما من الرائع أن تمتاز الحياة الزوجية بالطمأنينة والاستقرار، وذلك الاستقرار من عدة جوانب كالاستقرار النفسي والعاطفي والمادي والاجتماعي لكل الزوجين. الانفصال العاطفي ينتج عنه آثار سلبية عديدة تؤثر في بناء ووظيفة الأسرة، الأمر الذي يؤثر سلباً على المجتمع ككل. فينتزع ذلك الانفصال من قلبيهما الحب والود والاهتمام لبعضهما البعض. وقد يتصل الانفصال العاطفي اتصالاً وثيقاً على المدى البعيد بحالات الاكتئاب والقلق والاضطرابات في الصحة النفسية والجسمية على حد سواء. وتمر مشكلة الانفصال العاطفي بعدة مراحل أولها زعزعة الثقة بين الزوجين وفقدانها، ومن ثم مرحلة فتور الحب أو فقدانه، والمرحلة الثالثة هي الأنانية التي تساهم في هدم قواعد الأسرة عندما يفكر كل منهما بنفسه فقط دون مراعاة احتياجات الطرف الاخر، ومن أخطر المراحل، مرحلة الصمت الزوجي وهو أحد أوجه الجمود في العلاقة الزوجية كعدم تبادل الأحاديث والمشاعر الودية، بعد ذلك يحدث الطلاق العاطفي الذي يكثر فيه الحواجز النفسية بين الزوجين. ويعد القلق والضيق والابتعاد والبرود وقضاء أوقات طويلة خارج المنزل، من أبرز علامات وجود تلك المشكلة. أهم الوسائل لتفادي أو حل مشكلة الانفصال العاطفي أن يكون الحوار الفعال جزءاً أساسياً في الحياة الزوجية ويقصد بالحوار الفعال هو تبادل الأفكار والحرص على الإنصات الجيد للطرف الآخر، الحوار الذي يجب أن يغلب عليه المودة والمحبة. ومحاولة فهم أوسع للحقوق والواجبات الزوجية، ومراعاة الفروق الفردية لكل الطرفين. فعند فهم سيكولوجية كل من المرأة والرجل ومعرفة سمات كل طرف يساعد ذلك كثيراً في إدراك سلوك الآخر وما يجب حياله وهو ما يُسهم في استقرار العلاقة الزوجية. ومن أهم الطرق لحل مشكلة الانفصال العاطفي، يجب على الزوجين التعرف على المشكلة وتحديد طبيعتها والبدء على حلها بشكل جماعي ومشترك. وفي وقتنا الحالي يوجد العديد من مراكز الاستشارات الأسرية، التي تقام عن طريق مرشدين واستشاريين متخصصين يقدمون سبلاً آمنة لمنع مشكلة الانفصال العاطفي أو التقليل من أضرارها بشكل سري، وتحكم تلك الاستشارات مبادئ وأخلاقيات المهنة. تهدف مراكز الإرشاد الأسري إلى تفعيل إسهامات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الوقائية والإرشادية وذلك من خلال استقبال المشكلات الاجتماعية (الأسرية والفردية) وتقديم الحلول الملائمة لها، وفق منظور علمي يتوافق مع الثوابت والأطر المرجعية للمجتمع السعودي. ولحياة زوجية سعيدة وصحية، يجب على كل طرف من الأزواج البدء بنفسه اولاً، فمحاسبة النفس ومراجعة الأخطاء قبل إلقاء كل المشكلة على الطرف الآخر تعد من أهم الخطوات لحل تلك المشكلة، وأن يعتمد كلٌ من الزوج والزوجة مبادئ أساسية في حياتهم الزوجية كالصدق والوضوح، والاحترام، ومعرفة وأداء الحقوق والواجبات الزوجية. فالعلاقة الزوجية علاقة مشتركة بين كل الطرفين، تتطلب التفاهم والتعاطف وتبادل الحوار واحترام الأفكار والاحتياجات. * اختصاصية اجتماعية