إن استشراف المستقبل يعتبر شيئاً مميزاً منذ فجر التاريخ، وقد كان للمفكرين دور كبير بالماضي في طرح آرائهم وتصوراتهم عن المستقبل، غير أن الاهتمام العملي بالدراسات الاستشرافية كعلم كان في أوائل القرن العشرين، ولقد مرت هذه الدراسات بمراحل، اعتمد فيها في كل مرحلة من هذه المراحل على أسس فكرية ونظرية ومنهجية. فالدراسات الاستشرافية تحتم بالتطورات المستقبلية وتستشرف أحداث الزمن فهي تهدف إلى تحديد اتجاهات الأحداث في المستقبل وتحليل مختلف المتغيرات التي يمكن أن تؤثر في هذه الاتجاهات أو في حركة مسارها، وذلك من أجل الوصول إلى أفضلية مستقبل بديل فهي جهد علمي منظم، يسعى إلى تحديد احتمالات وخيارات مختلفة مشروطة لمستقي قضية، أو عدد من القضايا، خلال مدة مستقبلية محددة، بأساليب متنوعة، اعتماداً على دراسات عن الحاضر والماضي، وتارة بابتكار أفكار جديدة منقطعة الصلة عنهما. من أهداف الدراسات الاستشرافية أنها تساعدنا على صنع مستقبل أفضل، وذلك بفضل ما تؤمنه من منافع متعددة منها اكتشاف المشكلات قبل وقوعها فتؤدي الدراسات الاستشرافية وظائف الإنذار المبكر، والاستعداد للمشكلات قبل وقوعها، ومن ثم التهيؤ لمواجهتها أو حتى لقطع الطريق عليها والحيلولة دون وقوعها وكذلك إعادة اكتشاف أنفسنا ومواردنا وطاقاتنا: وبخاصة ما هو كامن منها، والذي يمكن أن يتحول بفضل العلم إلى موارد فعلية، وهذا بدوره يساعد على اكتشاف مسارات جديدة يمكن أن تحقق لنا تنمية شاملة سريعة ومتواصلة فالتنبؤ يمثل أحد أهدافهم، لأنه تقرير عن المستقبل إلقاء الضوء على بدائل مستقبلية تتفاوت احتمالياً في ضوء افتراضات وشروط، لذلك فإن بناء المستقبل من خلال وضع سيناريوهات مختلفة يتضمن نوعاً من التنبؤ فإن التنبؤ يلعب دوراً مهماً في عمل باحث الاستشراف.