قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن روسيا فقدت الثقة في الجانب الأوكراني المفاوض، معتبرة أن واشنطن وحلف شمال الأطلسي (ناتو) هما من يديران العمليات في أوكرانيا وليس رئيسها فولوديمير زيلينسكي. ونقل موقع قناة "آر تي عربية" عن المتحدثة القول :"فقدنا الثقة تجاههم منذ فترة طويلة ... من جانب مكتب رجل يسمي نفسه رئيس أوكرانيا ويتمتع بالسلطات المناسبة، تم تقديم طلب إلينا لإجراء مفاوضات، ولم ترفض روسيا هذا الطلب. ثم، كما هو الحال دائما، بدأ السيرك، حرفيا ومجازيا، من جانب نظام كييف: أولا يأتون، ثم لا يأتون، وأحيانا يشاركون، وأحيانا لا يشاركون". وقالت إن الناتو وواشنطن هم من يديرون العمليات في أوكرانيا وليس زيلينسكي. واستطردت: "ليست هناك حاجة للحديث عن استقلال زيلينسكي سواء الآن أو قبل ذلك"، وقالت إنه لا يسيطر على الوضع في البلاد. وبعد نحو شهرين من الحصار يبدو أن ميناء ماريوبول الاستراتيجي الأوكراني الأربعاء على وشك السقوط بأيدي الروس الذين يكثفون هجومهم على شرق وجنوب البلاد. وفي هذه الأجواء أكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي وصل إلى كييف صباح الأربعاء لإبداء الدعم الأوروبي أن "التاريخ لن ينسى جرائم الحرب المرتكبة في أوكرانيا" التي يزورها بعد 12 يوما على زيارة قام بها مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وتأتي زيارة ميشال بينما تلقت أوكرانيا طائرات مقاتلة لمساعدتها في مواجهة الهجوم الروسي في شرق البلاد حيث وجّه آخر المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في ماريوبول نداء يائسا إلى المجتمع الدولي لإنقاذهم. وأكد قائد للعسكريين الأوكرانيين المحاصرين في ماريوبول، المدينة الساحلية الاستراتيجية في جنوب شرق أوكرانيا "ربما نعيش أيامنا الأخيرة إن لم يكن ساعاتنا الأخيرة". وكتب سيرغوي فولينا من اللواء 36 في البحرية على فيسبوك أن "عديد العدو أكبر من عددنا بعشر مرات. ... نناشد كل قادة العالم ونرجوهم مساعدتنا. نطلب منهم استخدام إجراءات الانتشال ونقلنا إلى أراضي دولة ثالثة". وأوضحت وزارة الدفاع الأوكرانية صباح الأربعاء أن الجيش الروسي "يركز الجزء الأكبر من جهوده على الاستيلاء على مدينة ماريوبول ومواصلة محاولاته الهجومية بالقرب من مصنع آزوفستال للصلب". ولم تعلق روسيا مباشرة على التطورات. لكن الانفصاليين الموالين لموسكو في منطقة دونيتسك - حيث تقع ماريوبول - ذكروا أن خمسة جنود أوكرانيين يدافعون عن مصنع الصلب ألقوا أسلحتهم وأنه تم إجلاء 140 مدنيا. وكانت روسيا أعلنت أنها فتحت ممرا يفترض أن يسمح للقوات الأوكرانية التي تقرر الاستسلام بمغادرة ماريوبول. إجلاء المدنيين تخشى السلطات الأوكرانية أن يكون بين عشرين و22 ألف مدني قد قتلوا في ماريوبول. وقال مجلس بلدية المدينة على تطبيق تلغرام الثلاثاء إن المقاتلين الأوكرانيين متحصنون في الموقع لكن هناك "ألف مدني على الأقل معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، في ملاجئ تحت الأرض" في المجمع الصناعي. وأعلنت كييف أنها توصّلت إلى اتفاق مع روسيا حول ممرّ إنساني لإجلاء مدنيين من مرفأ ماريوبول. وقالت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني في رسالة عبر تلغرام "توصّلنا إلى اتفاق مبدئي حول ممرّ إنساني للنساء والأطفال والكبار في السنّ". ويتمّ إجلاء المدنيين عبر هذا الممرّ إلى مدينة زابوريجيا الواقعة إلى الجنوب. وصرّحت فيريشتشوك "نظرا للوضع الكارثي في ماريوبول، نركّز الجهود على هذه الوجهة اليوم". ودعي السكان إلى التجمع عند الساعة 14,00 (11,00 ت غ) لنقلهم إلى زابوريجيا. والرحلة التي تمتد مئتي كيلومتر تستغرق أحيانًا أياما مع عبور أكثر من عشرة نقاط تفتيش. وكانت روسيا دعت الثلاثاء المدافعين عن ماريوبول إلى وقف مقاومتهم بعد إنذار أول وجهته الأحد. وستسمح لها السيطرة على المدينة بربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014، بالجمهوريتين الانفصاليتين المواليتين لها في دونباس. تكثف القتال في شرق أوكرانيا منذ مساء الاثنين. وبعد سلسلة من الضربات أعلنت عنها موسكو الثلاثاء، أفادت وزارة الدفاع الأوكرانية صباح الأربعاء عن "محاولة هجوم" على بلدتي سوليجيفكا وديبريفني في منطقة خاركيف وكذلك على روبيزني وسيفيرودونتسك في منطقة لوغانسك. وذكر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية أن روسيا عززت وجودها العسكري في شرق وجنوبأوكرانيا وتنشر حاليًا ما مجموعه 76 كتيبة. وذكر صحافيون من وكالة فرانس برس أن القصف تكثف ايضا في الجنوب وهو جبهة اخرى. وشهدت قريتا مالا توكماشكا وأوريخيف على بعد 70 كيلومترا جنوب شرق زابوريجيا تصاعدا في القصف. أسلحة جديدة لأوكرانيا وتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء عن بدء "مرحلة جديدة من العملية العسكرية الروسية". من جهته، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إنه يتابع تنفيذ "خطة تحرير ... جمهوريتي" دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين شرق أوكرانيا التي وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اعترف باستقلالهما. وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن القوات الجوية الروسية أطلقت "صواريخ عالية الدقة" وقامت بتحييد 13 موقعا محصنا للجيش الأوكراني، داعية الأوكرانيين إلى الاستسلام. وأضافت في بيان "لا تعاندوا القدر واتخذوا القرار الصحيح الوحيد بوقف العمليات العسكرية وإلقاء السلاح". وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي لصحافيين الثلاثاء إن الأوكرانيين "لديهم اليوم عدد من الطائرات المقاتلة بتصرفهم أكبر مما كان قبل أسبوعين". وأضاف "بدون الخوض في التفاصيل بشأن ما تقدمه دول أخرى يمكنني القول إنهم تلقوا طائرات وقطع غيار إضافية لزيادة أسطولهم"، ملمحا إلى أن الأمر يتعلق بطائرات روسية الصنع. بعد إعلان جو بايدن إرسال شحنة قطع مدفعية هاوتزر الأسبوع الماضي، تعكس الخطوة الأخيرة تغييرا في موقف الغرب الذي رفض لأكثر من شهر تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة، لتجنب أي تصعيد للصراع. غير أن قيادة القوات الجوية الأوكرانية قالت إنها "لم تتسلم طائرات جديدة" بل "قطع غيار لإصلاح الطائرات الموجودة". وطلبت كييف من شركائها الغربيين طائرات "ميغ-29" تدرب عسكريوها على قيادتها ويملكها عدد قليل من دول أوروبا الشرقية. وأعلنت الحكومة النروجية أنها قدمت لكييف نحو مئة صاروخ مضادة للطائرات من تصميم فرنسي. ومن المقرر أن توافق واشنطن على حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تصل إلى 800 مليون دولار، بعد أقل من أسبوع على إعلان سابق عن مساعدة بالقيمة نفسها حسبما أفادت عدة وسائل إعلام أميركية الثلاثاء. وفي هذه الظروف، من المستبعد الإصغاء لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "وقفة إنسانية" للمعارك لمدة أربعة أيام بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي.