عاد التوتر إلى ساحات المسجد الأقصى أمس الأحد بعد يوم من الهدوء عقب أحداث الجمعة الثانية من شهر رمضان التي أصيب فيها عشرات المصلين واعتقل المئات إثر اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأظهرت لقطات فيديو من داخل المسجد الأقصى تعرض عدد من الشباب للضرب بالهراوات واعتقال آخرين. وأفادت مصادر مقدسية، أن نحو 500 عنصر من شرطة الاحتلال، اقتحموا باحات المسجد الأقصى منذ الصباح الباكر، وقمعوا المصلين من النساء وكبار السن، بالإضافة إلى المرابطين في باحاته، مستخدمين الهراوات والقنابل المسيلة للدموع، لإجبارهم على مغادرة المكان تمهيدًا لاقتحامه من المستوطنين. وأضافت أن شرطة الاحتلال اعتدت كذلك بالضرب المبرح على المرابطين قرب "باب حطة"، فيما اعتقلت آخرين ونقلتهم إلى خارج باحات المسجد الأقصى. وقال شاهد من رويترز إن الهدوء عاد إلى ساحات المسجد الأقصى وفي هذه الأثناء بدأ المصلون بتنظيف ساحات المسجد استعدادا لأداء صلاة الظهر. وأوضحت المصادر أن قوات الاحتلال فرضت حصارا على المسجد القبلي ومنطقة مسجد قبة الصخرة، وأخلت معظمهم من الساحات، مؤمِّنةً اقتحام عشرات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، من بينهم حاخامات يهود. وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إن طواقمها تعاملت مع 17 اصابة خلال المواجهات المندلعة في محيط الأقصى، وتم نقل خمسة مصابين للمستشفى. وكانت قوات الاحتلال فرضت تقييدات على دخول الفلسطينيين للمسجد عند ساعات الفجر، حيث منعت كل من هم دون ال40 عاما من دخول ساحات الحرم. وتواصل منظمات "الهيكل" المزعوم حشد مناصريها لاقتحام المسجد الأقصى فيما يسمى "عيد الفصح"، وتدنيسه بإقامة الطقوس فيه، ومحاولتهم إدخال "قربان الفصح" إلى حرم المسجد. واتهمت الرئاسة الفلسطينية الاحتلال بمحاولة تقسيم المسجد الأقصى "زمانيا ومكانيا" بين المسلمين واليهود. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مرفوضة تماما، وهي محاولة لتشريع التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك الأقصى المبارك، ونطالب أبناء شعبنا الفلسطيني بشد الرحال للأقصى للدفاع عنه، والتصدي لهذا التصعيد الإسرائيلي الخطير. وأضاف أبو ردينة: نحمل الاحتلال مسؤولية هذا التصعيد، ونطالب الإدارة الأميركية بالخروج عن صمتها ووقف هذا العدوان الذي سيشعل المنطقة بأسرها. وأكد أبو ردينة أن الشعب الفلسطيني لن يسمح بتمرير هذه المؤامرة مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات. وأفادت دائرة الأوقاف الاسلامية بالقدسالمحتلة، إن مئات المستوطنين اقتحموا الأقصى من جهة باب المغاربة على شكل مجموعات كبيرة، ونفذوا جولات استفزازية في ساحاته، وذلك بعد أن انتشرت بها قوات معززة من شرطة الاحتلال التي قامت بقمع الفلسطينيين وإبعادهم عن مسار اقتحامات مجموعات المستوطنين. ووفرت شرطة الاحتلال الحماية للمستوطنين الذين نفذوا جولات الاستفزازية في ساحات الحرم وعند أبواب المسجد الأقصى، عبر مجموعات، حيث ضمت كل مجموعة 40 مستوطنا. ويحل "عيد الفصح" العبري هذا العام، متقاطعاً مع الأسبوع الثالث من شهر رمضان المبارك، ما بين 16 و22 أبريل الجاري. من جهته حذر الأمين العام لحركة "المبادرة الوطنية الفلسطينية" مصطفى البرغوثي، من أن إعادة اقتحام المسجد الأقصى، والسماح للمستوطنين بالدخول إلى ساحاته، يهددان ب"انفجار شامل". وقال إنه "رغم أن الفلسطينيين يدافعون بأجسادهم عن المسجد الأقصى، إلا أنهم لن يسمحوا بفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، مهما كان الثمن". وطالب البرغوثي العالم بالتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، وبفرض العقوبات على منظومة الاحتلال والتمييز العنصري الإسرائيلي. من جهة ثانية، أكّد رئيس المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة عيسى قراقع، أن يوم الأسير الفلسطيني يأتي في ظلّ سقوط المعايير المزدوجة الّتي يتشدّق بها المجتمع الدّولي، وهي معايير الانحياز للأقوياء والمستعمرين، وغياب العدالة الإنسانية والعقوبات الدّولية على دولة الاحتلال ومحاكمته على جرائمه المنظّمة. جاء ذلك في بيان صدر عن المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة، الأحد، لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف ال17 من ابريل من كلّ عام، وهو اليوم الّذي يتوحّد فيه الشّعب الفلسطيني حول قضيّة الحرّيّة وحقّ تقرير المصير. وأشار قراقع إلى أن هذا اليوم هو يوم للمقاومة والدّفاع عن الكرامة وإنسانية الإنسان، وهو يحمل دلالات عميقة تتمثّل بسقوط وانهيار القلعة الصّهيونية ونظريّة الجيش الذي لا يقهر، وفشل مخطّط صهر وعي الفلسطينيين، وتحويلهم إلى مجرّد عبيد. وأوضح أنّ يوم الأسير لهذا العام يتوّج بعناوين ذات بعد استراتيجي، أهمّها نجاح ستّة معتقلين فلسطينيين بانتزاع حريتهم من سجن "جلبوع"، وتحطيم منظومة الأمن الاستراتيجي وإعادة الاعتبار لمكانة المعتقلين كمعتقلي حركة تحرّر وطنيّ، ولمكانة المعتقلين على كل المستويات القانونيّة والسّياسيّة والجماهيريّة. إلى جانب مقاطعة المعتقلين الإداريّين لمحاكم الاحتلال كخطوة استراتيجيّة وقانونيّة تستهدف لنزع الشّرعيّة عن جهاز القضاء الإسرائيلي ومحاكمه العسكريّة الظّالمة، كأداة قمع بيد السّياسة الإسرائيلية.