لا يعد مشروع الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لتوسعة مسجد قباء، الذي أطلقه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام حدثاً عادياً، بل مشروعا تاريخيا بكل ما تحمل الكلمة من معاني، لا سيما أن مساحة المسجد ستتضاعف 10 مرات، وستصل طاقته الاستيعابية إلى 66 ألف مصلٍ في وقت واحد، علما أن آخر تطوير شهده المسجد كان قبل 37 عاماً في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز - يرحمه الله -. يجسد المشروع التاريخي اهتمام قادة وطننا الحبيب، بالمعالم الدينية والآثار التاريخية، وتكشف عن رمزية المكان والأثر الكبير الذي يتركه في نفس كل زواره، حيث يعد مسجد قباء ثالث أهم معلم ديني في المملكة بعد المسجد الحرام ومسجد الرسول - صلى الله عليه مسلم -، ويظهر التطوير الجديد - كما أعلن ولي العهد - الأهمية الدينية وتوثيق الخصائص التاريخية لمركز قباء، والحفاظ على طرازه العمراني والمعماري، وذلك في إطار الحرص الشديد لحماية المعالم التاريخية الموجودة بالقرب من المسجد. وتكشف الأرقام وحدها ضخامة وأهمية التوسعة التاريخية لأول مسجد بني في الإسلام، فمساحته الحالية لا تتجاوز 5035 متراً مربعاً، ومن المتوقع أن تصل بعد التطوير إلى 50 ألف متر مربع. كما سيرفع كفاءة هذا المعلم التاريخي الإسلامي بهدف إثراء تجربة الزائر التعبدية والثقافية عبر المواقع التاريخية. ولا يتوقف الأمر عن تطوير أماكن الصلاة التي تماثل أداء عمرة "وفقا للحديث النبوي الشريف" بل يشتمل أعلى تطوير وإحياء المواقع التاريخية لتشمل 57 موقعاً تغطي كثيراً من الآبار والمزارع والبساتين وتربط ثلاثة مسارات نبوية، حيث يعد من مستهدفات رؤية المملكة 2030، ضمن برنامجي خدمة ضيوف الرحمن وجودة الحياة. وتكمن الأهمية التاريخية لمسجد قباء في أنه أول مسجد أسسه النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، الأمر الذي يعني رمزية تاريخية لما يقارب من 2 مليار مسلم حول العالم، وشارك - صلى الله عليه وسلم - بيده في وضع أحجاره الكريمة عند وصوله إلى المدينة مهاجراً من مكة، وتحرص القيادة في الحفاظ على الشكل التاريخي للمسجد الذي يتألف سطحه من مجموعة من القباب المتصلة منها 6 قباب كبيرة قطر كل منها 12 متراً و56 قبة صغيرة قطر كل منها 6 أمتار. وتؤكد كتب التاريخ أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كان يقصد مسجد قباء بين الحين والآخر ليصلي فيه ويختار أيام السبت ويحض على زيارته، وقد جاء في حديث النبي: "من تطهر في بيته وأتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة فله أجر عمرة"، ونظراً لموقع المسجد المميز والمرتفع قليلاً، يمكن ملاحظة المسجد من أماكن عدة بالمدينةالمنورة.