بعد مشاهدة تجارب وتمارين الموهوب التي نراها في ملفات إنجازه "رسوم أو خطوط أو أشغال ومجسمات يدوية، أو رسوم رقمية" وإجراء الاختبارات المتعلقة بالقدرات الفنية وفحص الذكاء البصري "اختبار تورانس مثلاً" ومقابلته شخصياً؛ لتحديد مستواه الفني ومعرفة المجالات الفنية والخامات والمواضيع التي يفضلها والأفكار والمشاريع الفنية الحالية والمستقبلية لديه، ومن الأهمية بمكان التأكيد على أنه ليصل الفنان للعبقرية والتأثير الفني الذي يتمناه، عليه الاعتماد على عنصرين مهمين تتعلّق به شخصياً هو ذاته وليس على الفنان المعلم أو المؤسسة التي اختارها ليتعلّم ويحترف الفن، والعنصران هما وقود الطاقة وزيت المحرك الذي يصقل موهبته، وينطلقان به ليكون نجماً في سماء الفن وهي: 1. الدافعية "قصد ونيّة". 2. الجهد "تمرين كثير وذكي". عملياً، هناك بعض المبادئ التي يجب أن يراعيها معلم الفنون عند تدريبه وتعليمه الموهوبين بصرياً، تتمثّل في التالي: 1- الموهوب سريع التعلّم ولا يحتاج إلى تكرار الشرح ولا البطء في سعي العمل. 2- الموهوب لديه حب استطلاع وكثير الأسئلة والاستفادة ولزيادة معلوماته ومهاراته في المجالات غير العادية، ومن المتوقع أن يسأل أسئلة غريبة يعجز الفنان المعلم الإجابة عليها. 3- يُقبل الموهوب على التعلم الذاتي بالاطلاع وإجراء التجارب والأبحاث والزيارات وتقوية المشاهدة والتركيز في شكل الأشياء وتحليل تصميمها وتركيبها، فهو بحاجة إلى التوسع في الأنشطة اللاصفية، وبحاجة إلى أن نعلمه كيف يتعلم ويُنمّي نفسه فنياً، وأن نحترم ما يتعلمه، فهو يتعلم عن طريق الفهم لا الحفظ، بالرغم من قوة ذاكرته إلا أنه لا يحتفظ بالمعلومات والخبرات التي لا يقتنع بها. لذا، من الضروري ربط مواضيع التمارين بميوله وحياته وأن نقدم له ما يقتنع به، والاعتماد في التدريس على المناقشة والحوار والعصف الذهني للأفكار لحل المشكلات التي تواجهه أثناء إنتاجه للعمل الفني. 4- يتصف الموهوب بجودة مفرداته اللغوية وتنوع معلوماته ومهاراته العامة، مما يجعله قادراً على التواصل باللغة مع المعلم ومع زملائه سواء بالكتابة أو أثناء المناقشة والحوار، وهو في حاجة إلى أن يكون الفنان المعلم على مستوى عالٍ من الثراء اللغوي حتى يدفعه ذلك إلى المزيد من استخدام لغة سليمة أثناء المناقشة حول الفن، كما تنمي عنده القدرة على طرح أفكاره وترتيبها بسهولة. 5- الموهوب سريع الاستدلال والاستنباط والاستقراء وسريع في إدراك العلاقات والمتعلقات البنيوية التركيبية الكلية واللونية، وهو في حاجة إلى التعلّم من خلال حل المشكلات والاستكشاف والتحليل والاستنتاج، وعلى هذا يجب على الفنان المعلم أن يطرح مشكلات تثير فضول الموهوب وطموحه للإسهام في حلها. 6- الموهوب دقيق الملاحظة وواسع الانتباه في المدة والمدى، فهو يمتلك القدرة على التركيز والانتباه لأكثر من جانب ولمدة أطول من الفرد العادي، مما يجعله قادراً على إنتاج الأفكار غير التقليدية، وإنتاج أعمال فنية مختلفة أو متميزة، مما يحقق له الفرادة. 7- الموهوب لديه رغبة في الاعتماد على نفسه وهو يحتاج إلى احترام أفكاره واستقلاليته وإشعاره أن أفكاره ذات قيمة حتى ولو كانت غريبة، أو غير قابلة للتنفيذ. 8- الموهوب جاد في عمله، دقيق في إنتاجه، سهل ينظم حياته وجدوله، لديه دافعية عالية للإنجاز، وفي حاجة إلى أن يمارس أفكاراً أعلى درجة في الصعوبة، والتحدي يحفزه ويشجعه على المثابرة والممارسة الدؤوبة، الموهوب يتحمل المسؤولية، ويتخذ القرارات لحل المشكلات التي تواجهه أثناء الممارسة الفنية، ويبدأ في الإنتاج والنهاية في ذهنه. 9- الموهوب يحب التعلّم بالممارسة والتجريب والمحاولة والخطأ وهو نوع من التعلم الذاتي، فعن طريق التدريب في الورش والاستديوهات الفنية، والتردد على المتاحف والمعارض، وزيارة المكتبات، وقراءة فلسفة الفن والجمال النقد، وإعداد البيانات الفنية وتنظير مشاريعه ومشاريع فنانين آخرين، بها يكتسب الموهوب العديد من الخبرات والمهارات التي تساعده ليضع بصمته في تاريخ الفن محلياً وإقليمياً وعالمياً. * أكاديمي وناقد فني د. عصام عسيري