انقضى أسبوع منذ أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أسفرت عن خسائر في الأرواح في صفوف الروس والأوكرانيين، إلى جانب نزوح على نطاق واسع من أوكرانيا. وشهدت تلك الفترة فرض عقوبات اقتصادية موجعة على روسيا، وارتفاعا في أسعار النفط، ومشكلات متعددة بالنسبة لمختلف الدول. كما شهد ذلك الأسبوع ردود فعل متباينة غلبت عليها إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، دون إمكانية صدور قرار من مجلس الأمن، وتمكنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء من إصدار قرار يدين هجوم روسيا بأغلبية كبيرة ويدعو إلى وقف إطلاق النار فورا. وصوتت 141 دولة من الدول الأعضاء في الأممالمتحدة في نيويورك لصالح القرار، بينما صوتت ضده 5 دول وامتنعت 35 دولة عن التصويت. ومن المعروف أن مثل هذا القرار غير ملزم وفقا للقانون الدولي ولكنه ذو أهمية رمزية. من جانبه أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف استعداد بلاده للحوار مع الغرب، وشدد على أن تحذيرات الدول الغربية من تصعيد نووي في حرب أوكرانيا هي التي تثير الذعر. وقال، في إيجاز صحفي، "الجميع يدركون أن حربا عالمية ثالثة لا يمكن أن تكون إلا حربا نووية". وأضاف :"أؤكد لكم أننا لن نسمح بالاستفزازات التي تجعلنا نفقد صوابنا". واستدرك بالقول :"لكن إذا بدأوا (الغرب) في شن حرب حقيقية ضدنا، فعلى من يثيرون مثل هذه الأمور أن يفكروا في الأمر، وأعتقد أنهم يفكرون بالفعل". وتأتي تصريحات لافروف بعدما أعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توجيهات بوضع أسلحة بلاده الرادعة، بما في ذلك الأسلحة النووية، في حالة تأهب خاصة. وحمّل لافروف الغرب المسؤولية عن التصعيد، ووصف ردود الفعل على عمليات بلاده في أوكرانيا ب"الهستيريا". وأعرب عن استعداد بلاده للحوار مع الغرب، وقال :"نحن مستعدون دائما للحوار، بشرط واحد وأساسي، أن يتم الحوار على أساس الاحترام، ومراعاة كل طرف لمصالح الطرف الآخر". ومن التطورات المثيرة في تلك الفترة إصدار بوتين أمرا للجيش بوضع القوات النووية الاستراتيجية في حالة تأهب خاصة، وهو ما اعتبره وزير الدفاع البريطاني بن والاس أنه يهدف إلى صرف الانتباه عن عدم إحراز تقدم في غزو أوكرانيا. وأكد ينس ستولتنبرج الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أن الحلف لن يغير من وضع قواته النووية ردا على قرار بوتين. كما أكد أن الحلف مسؤول عن عدم خروج الوضع عن السيطرة. وحول مدى احتمال استخدام روسيا للأسلحة النووية تقول الدكتورة باتريشيا لويس مديرة برنامج الأمن الدولي بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني(تشاتام هاوس) إن بوتين صور قراره بشأن القوات النووية على أنه رد فعل دفاعي على فرض العقوبات الاقتصادية على بلاده، ولكن في خارج روسيا ينظر إلى القرار بشكل عام على أنه طريق أمام روسيا لاستخدام أسلحتها النووية في هجوم مفاجىء. وترى أن هذا وضع بالغ الخطورة ينطوي على رسائل مختلطة مع إمكانية أن يؤدي احتمال سوء تفسيره إلى اتخاذ قرارات على أساس افتراضات زائفة. وتقول لويس الخبيرة في مجال الحد من التسلح في تحليل نشره معهد تشاتام هاوس إنه من المفترض إذا ما قررت روسيا استخدام الأسلحة النووية أن تفعل ذلك في هجوم على أوكرانيا، وليس مهاجمة أي دولة عضو في الناتو يؤدي إلى رد واسع النطاق من جانب الناتو. وفي مثل هذا الهجوم من المرجح استخدام أسلحة نووية قصيرة المدى يعتقد أنه يوجد منها أكثر من ألف قطعة، حيث سيتم نقلها من المخزون وتوصيلها بالصواريخ أو وضعها في قاذفات قنابل، وكقذائف مدفعية. وقد شاهد بوتين مؤخرا تدريبا ركز على استعداد القيادة والتحكم، والأطقم القتالية، والسفن الحربية، وحاملات الصواريخ الاستراتيجية، وكذلك فعالية الأسلحة الاستراتيجية النووية وغير النووية. وأوضحت لويس أن أي تحرك لتجهيز ونشر الأسلحة النووية الروسية سوف يكون مرصودا ومراقبا من جانب الأقمار الاصطناعية للولايات المتحدة وغيرها التي يمكنها الرصد في كل الأجواء رغم وجود سحب أو ظلام دامس. واعتمادا على المعلومات الاستخباراتية والتحليلات الأخرى- وفي ظل فشل كل المحاولات الدبلوماسية لإقناع روسيا بالعدول عن تصرفها- قد تقرر دول الناتو التدخل لمنع إطلاق تلك الأسلحة من خلال قصف مواقع تخزينها ومواقع نشر الصواريخ مسبقا. وقالت لويس في ختام تقريرها إن كل تلك السيناريوهات تعني الانجرار إلى حرب كبرى مع روسيا، لذلك فإن ميزة اتخاذ قرار بالعدول عن الانتقام بالأسلحة النووية – وتوضيح هذه الرسالة الآن- هي أن بوتين لا يستطيع تصوير الناتو على أنه يهدد روسيا بالأسلحة النووية.