إن ذكرى تأسيس هذه البلاد المباركة على يد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- مناسبةُ يستحضر أبناء هذا الوطن الغالي ما أنعم الله به علينا في المملكة العربية السعودية من أمن واستقرار وثوابت راسخة، وما كان ذلك ليكون لولا فضل الله -عز وجل- ثم ما اختصت به هذه الأرض من قيادة حكيمة مُيزت بالسياسة المتمرسة والبذل والعطاء منذ تأسيسها وبعد توحيدها على يد الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه- وحتى عهدنا الزاهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -يحفظهما الله- فالأمر الملكي القاضي بأن «يكون يوم (22 فبراير) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية، باسم (يوم التأسيس) يحمل في طياته من رمزية تعكس العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية واستذكاراً للبدايات الأولى التي أسست على يد الإمام محمد بن سعود في الدولة السعودية الأولى عام 1139ه/1727م إن اللبنة الأولى التي وضعها الإمام محمد بن سعود لتأسيس الدولة السعودية الأولى باتخاذه الدرعية عاصمة للدولة السعودية، جعلت منها انطلاقة تميزت بحسن إدارة وحسٍ عالٍ من المسؤولية والحنكة والحكمة، حيث بدأ بتأسيس الوحدة والاستقرار والاهتمام بكافة الاحتياجات؛ وإن كل الخطوات التي سبقت خطوة توحيد المناطق وتشكل المرحلة الأولى لتأسيس الدولة السعودية؛ كانت ملوحة للجميع في حينها أننا على موعد مع بداية عهد جديد في شبه الجزيرة العربية، فكان تأسيس الدولة السعودية الأولى نقطة تحول نتج عنه ولادة تاريخ كُتب بماء الذهب ولازال، وها نحن في هذا العصر الحالي وما نعيشه من مظاهر نهضة وتقدم نلامسها اليوم لها ارتباط وثيق بالأسس التي نعتز بها. إن إحياء ذكرى يوم التأسيس لا سيما وقد بلغ ثلاثة قرون على تاريخه؛ له من الأهمية والأثر ما ينعكس على الجيل الحالي بشكل إيجابي يساعد على التنمية ويوسع المدارك والمعرفة فيما يتعلق بالهوية والتاريخ التي كان عليها أجدادهم، فهو يبين لهم كافة معالم تاريخهم من سيرة وأمجاد وإنجازات على الصعيد العام، وكذلك حتى على الصعيد الخاص الداخلي المجتمعي من خُلق وزي ومعالم أثرية تراثية. من هنا تبرز أهمية الارتباط الملموس بين الافتخار والاعتزاز بالماضي وتأسيسه وبين الرؤية الحالية والمستقبلية للمملكة؛ وما يؤكد هذا هو المشاريع الحديثة ومنها ما يركز على جوانب تاريخية متنوعة المجال والهدف، وركيزتها الأساسية الشموخ بالماضي والتراث كمشروع تطوير الدرعية وجدة التاريخية وكذلك مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية. إن مؤشرات الأداء الي يُعمل بها الآن في المملكة والتي تهتم بقياس مدى جودة الخدمات في كافة الأجهزة والتي تحقق من خلالها السعودية ارتفاعاً لمؤشراتها في الكثير من القطاعات والخدمات والتي من ضمنها ما يرتبط بالثقافة والتاريخ؛ هو مؤشر واضح للأساس الأول التي أسست عليه هذه البلاد، فكان من أولى الاهتمامات عند تأسيس الدولة السعودية الأولى هو تأمين الاستقرار وكذلك العملية التنظيمية. فالاعتزاز بالجذور الراسخة وتشكيل الارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم يكون بإحياء مثل هذا الإرث الذي يفتخر به كل مواطن ينتمي لهذا الوطن، وكذلك معرفة مدى صمود الدولة أمام الأعداء والدفاع عنها والسعي جاهداً منذ الحين وحتى اليوم في تحقيق أقصى سبل الاستقرار والراحة منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى، وصولاً إلى توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وها نحن اليوم نعيش في ظل قيادة حكيمة يقودها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -يحفظهم الله- مما يعزز في روح كل شخص مشاعر الوطنية والاعتزاز بهذا البلد ويفتخر بهذا اليوم متباهياً بتاريخه العظيم. * عضو مجلس الشورى