لم يكن يوم التأسيس الموافق 22 فبراير، يوماً اعتيادياً في تاريخ الدولة السعودية، ومشهد الأحداث التاريخية بها، لأنه يؤسس لجذور راسخة وضاربة في عمق التاريخ، شهدت البدايات الأولى لهذه الدولة المباركة حفظها الله وأدام عزها. على الرغم من قيام الدولة السعودية الأولى في ظروف وبيئة اجتماعية واقتصادية صعبة، إلا أن ملامح تكوين الدولة ومقوماتها كان حاضراً وملموساً فيها منذ ذلك الوقت، حيث تغير مشهد حكم المدينة إلى حكم الدولة ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بدأ تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود في الدرعية منصف العام 1139 ه الموافق 1727م، واستطاعت رغم كل الظروف والصعاب إرساء دعائم الأمن والاستقرار في كافة أطرافها المترامية ومساحاتها الشاسعة. كما أنها أصبحت مركز جذب ديني وعلمي وثقافي، وكانت منارة فكرية وعلمية يقصدها طلاب العلم من مختلف الأقطار والأمصار، وليس هذا فحسب بل إن نفوذها امتد واتسعت رقعتها الجغرافية لتصل إلى العراق شمالاً، وأجزاء كبيرة من الجزيرة العربية في مختلف الاتجاهات. كانت المحاولات الفاشلة والبائسة التي قامت بها الدولة العثمانية لغزو الدولة السعودية، دائماً تبوء بالفشل وتمنى بالخسارة؛ لأن الركائز والدعائم التي قامت عليها الدولة لم تكن ركائز هشة أو ضعيفة، بل كانت صلبة ومنيعة، فما إن سقطت لفترة قصيرة، حتى عادت للنهوض مجدداً على يد الإمام تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية، الذي سار على نهج أجداده وأسلافه في حفظ الأمن وإرساء العدل. ثم قيض الله لهذه البلاد الملك الموحد عبدالعزيز بن عبدالرحمن، الذي استطاع توحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية عام 1351ه الموافق 23 سبتمبر 1932م، مما يعني أن حكم الدولة السعودية كان مستمراً ومتصلاً لمدة ثلاثة قرون من الزمن. وفي هذا العهد الزاهر عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو سيدي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- أحسنت القيادة الكريمة صنعاً عندما تم إقرار يوم التأسيس كيوم رسمي، لاستذكار واستحضار عظمة هذه الدولة وعراقتها، لتستلهم منه الأجيال الناشئة والمقبلة عراقة وأصالة دولتهم العميقة، وهو إنجاز فريد يضاف إلى جملة الإنجازات الكبيرة والكثيرة التي تحققت في هذا العهد الزاهر، واستشراف المستقبل الواعد من خلال رؤية المملكة 2030م. * أستاذ نظم الحكومة الإلكترونية والمعلوماتية بجامعة الملك سعود