نبض التاريخ بميلاد الدولة السعودية الأولى في منتصف العام 1139ه الموافق لشهر فبراير من العام 1727م على يدي الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - لتنهض منذ ذلك اليوم دولة حية في شبه الجزيرة العربية قوامها القوة والعدل والإيمان، ومنذ ذلك التاريخ استطاعت تلك الدولة أن تتسع في وجودها الجغرافي وتضرب جذورها في التاريخ لتمتد إلى ثلاثة قرون مزهرة بالعطاء والحضور السياسي في منطقة تعرضت لتقلبات الصراعات العالمية العسكرية والسياسية. وقد حقق الإمام محمد بن سعود الكثير من المنجزات وفي حقبة تاريخية مليئة بالصراعات والتحديات العالمية بين القوى والتكتلات استطاعت الدولة السعودية الأولى أن تحافظ على استقرارها وأمنها بل وأن تتوسع برقعتها الجغرافية لتصبح دولة مترامية الأطراف. ويفتخر أبناء المملكة بهذا الإرث التاريخي الكبير الذي أسسه الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - في دولة مترامية الأطراف رسمت سجلاً حافلاً لأحداث الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي عاشها أبناء الجزيرة العربية آنذاك تحت حكم الدولة السعودية الأولى مرورا بحكم الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود - رحمه الله - في الدولة السعودية الثانية حتى قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - عام 1319ه (1902م) لتأسيس الدولة السعودية الثالثة وتوحيدها باسم المملكة العربية السعودية، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها حتى العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهما الله -. وذكرى يوم التأسيس فرصة سانحة لاسترجاع ذاكرة ثلاثة قرون مضت منذ تأسيس الدولة السعودية وما تحمله من أحداث ومواقف خلدتها كتب التاريخ والسّير، وبرزت معالمها على امتداد الجزيرة العربية إذ لم تكن دولة وليدة لحظة عفوية بل تشكلت على مدى قرون ورسخت قواعد الدولة المتماسكة التي أرست الحكم وجعلت أمن المجتمع في مقدمة اهتماماتها مع خدمة الحرمين الشريفين وتحقيق رغد العيش للمجتمع، وسط تحديات كثيرة لكن عمق التلاحم الوطني وقوته كان بفضل الله تعالى سببًا في تعاقب الدولة السعودية منذ العام 1727م حتى وقتنا الحاضر، وصد أي عدوان خارجي أو محاولة لخلخلة النسيج الاجتماعي في الدولة السعودية؛ لتستمر نجاحاتها حتى العهد الميمون على الرغم من الظروف العصيبة التي مرت بها في الماضي.