نحتفل في هذه الأيام في ذكرى تأسيس الدولة السعودية (يوم التأسيس) هذه المناسبة العزيزة التي تعمق مشاعر الاعتزاز والفخر بوطننا الحبيب وتعزز إيماننا بما تملكه بلادنا من إرث حضاري غني وثري ومتعدد، حيث شهدت أراضيها منذ مئات السنين ازدهار العديد من الحضارات، ضاربة في جذور التاريخ القديم.. وتدل الآثار الباقية من معالم أثرية ورسومات تاريخية على العلامة الحضارية البارزة التي تملكها المملكة في شبه الجزيرة العربية والتي تمثل أيضاً ثلثي مساحتها. هذا الإرث الحضاري العظيم، جعل «اليونسكو» تضم إلى قائمتها 6 من أبرز المعالم التاريخية والحضارية في المملكة، وهذه المعالم هي: مدائن صالح، وحي الطريف في الدرعية، والرسوم الصخرية في حائل، وجدة التاريخية، وآبار حمى في نجران، وواحة الأحساء. وهذا الأمر يقودنا إلى موضوع في غاية الأهمية، يتمثل في كيفية تحويل هذا الإرث الحضاري الكبير إلى ممكنات للاستثمار الاقتصادي، لزيادة فاعليته وتنوعه وتوظيف هذه الممكنات بما يعود بالمنفعة على الوطن والمواطن، سيما وأن الحفاظ على الإرث الحضاري والتاريخي والثقافي العربي والإسلامي للمملكة يعد من أهم ركائز رؤية المملكة 2030، وذلك ترسيخاً لقيم المملكة العربية والإسلامية، والاعتزاز بالوطن وحضارته. لطالما كانت المملكة وعلى مدى التاريخ معروفة بأنها أرض الحضارات، والحفاظ على الإرث الحضاري وتحويله إلى مصدر جذب استثماري سياحي يعد خطوة منطقية وضرورية، ويعضد ذلك الإحصائيات التي تشير إلى أنَّ هناك الكثير من المواقع الأثرية والتراثية المميزة للزيارة في المملكة، ويصل عددها إلى 354 موقعًا، ويمكن أن يتم تأهيلها لتصبح أحد الممكنات والوجهات السياحة وبالتالي مصدر دخل اقتصادي. فعلى سبيل المثال لا الحصر تبرز العلا من خلال إرثها التاريخي الإنساني والطبيعي والذي يمتد لأكثر من 200 ألف عام عبر المنطقة الأثرية التاريخية الرئيسة على مساحة 20 ألف كيلو متر مربع وما تحويه من فرص استثمارية من شأنها أن تساهم بشكل فاعل في دفع مسيرة التنويع الاقتصادي للمملكة وخلق فرص العمل للمجتمع المحلي في المحافظة. ورأينا كذلك العديد من الاستراتيجيات الوطنية التي أطلقها سمو ولي العهد - حفظه الله - التي تضمنت وبشكل صريح توظيف الإرث الحضاري ليصبح أحد أبرز ممكنات الاستثمار الاقتصادي، والذي يعد مرحلة جديدة في التنوع الاقتصادي الوطني، حيث يمكن أن يساهم ذلك بقدر كبير في دفع قطاع الاستثمار وتعزيز آلياته، وفي زيادة مستوى جاذبيته وتحسين بيئته وتنافسيته، ليصبح أكثر تحفيزاً لاستقطاب المستثمرين وجذب الشركات العالمية للاستثمار، الأمر الذي يساهم في تحويل المملكة إلى مركز لوجستي يربط بين القارات الثلاث، ونأمل من الجهات ذات العلاقة بالإضافة للقطاع الخاص العمل على ابتكار آليات جديدة، لاستغلال هذا الإرث الحضاري بصورة مثلى لمصلحة المملكة واقتصادها. ختاماً: نبارك لأنفسنا ولقيادتنا بهذا الوطن العظيم في يوم التأسيس ونحمد الله عليه دوماً فبه نعتز وبإرثه نفخر.. وتستمر المسيرة بإذن الله تعالى.