تحاول الصحف الأميركية فك شيفرات تصريحات البيت الأبيض المحذّرة من هجوم عسكري روسي وشيك على أوكرانيا، والذي يقابل بتأكيدات روسية على أن موسكو لا تعتزم غزو أوكرانيا. ويخشى الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلنسكي على اقتصاد بلاده الذي يتأثر سلباً بعد كل تصريح أميركي يخبر العالم بأن حرباً عالمية قد تندلع انطلاقاً من الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا. ونقلت شبكة "NBC" نيوز الأميركية المشهد من شوارع العاصمة الأوكرانية كييف، والتي من المحتمل أن تكون في مرمى نيران الجيش الروسي إذا أعطى الرئيس بوتين جيش بلاده الأمر بشن الحرب. وبحسب "NBC" فإن شوارع العاصمة كييف التي تغطيها الثلوج، تحاول أن تقاوم الأخبار المروعة عن حرب دموية وشيكة قد تنطلق على أرضها، حيث يصطف الناس بهدوء صباح أيام عطلة نهاية الأسبوع أمام الأفران والمقاهي الشعبية، ويلعب الأطفال الكرة في الشوارع متجاهلين أخبار الحرب التي قد تتحوّل إلى واقع تعيشه المدينة في أي لحظة. ورغم التحذيرات الأميركية بحرب وشيكة قد تبدأ في كييف لإسقاط حكومتها وتثبيت حكومة موالية لموسكو، يقول أولكسندر بوفاتش، ل"NBC" أنه غير مقتنع بأن الحرب ستحدث، مؤكداً "لا أعتقد أن روسيا ستغزو بلادنا، حيث يلعب الغرب وموسكو بأعصاب بعضهما البعض لمآرب سياسية". أما يفينييا بيليافسكا، فتقول "أحاول ألا أقرأ الكثير من الأخبار كي لا أشعر بالفزع". مضيفةً "في عام 2014 لم نكن نعتقد أيضًا أنه يمكن ضم شبه جزيرة القرم ولكن بوتين رجل عجوز مجنون وكل شيء ممكن". وتقول دي جي، وهي من سكان العاصمة كييف "أفكّر أنا وزوجي في الانتقال من العاصمة إلى الخارج، لكننا لم نستعد ولم نجرِ أي خطوات ملموسة للانتقال سوى تحضير الأوراق الخاصة بانتقال كلبتنا". أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورغم أطنان السلاح المقدم من واشنطن لبلاده، فيبدو منزعجاً من أسلوب أميركا في إثارة الذعر وبث أخبار الحرب، حيث قال للجنود الروس أثناء إشرافه على التدريبات الأمنية جنوب البلاد "أفضل صديق للأعداء هو إثارة الذعر في بلادنا، وإثارة المخاوف لا تساعدنا أبداً". الخطوات غير المحسوبة قد تؤدي إلى حرب واسعة النطاق أوضحت شبكة "بلومبيرغ" الأميركية أن أي خطوة غير محسوبة في إطار الحرب الروسية المحتملة على أوكرانيا قد تقود إلى صراع واسع النطاق دون قصد. وأضافت "على الرّغم من تأكيد واشنطن على حرصها عدم الاشتباك أو الاصطدام مع الجيش الروسي داخل أوكرانيا، أو في أي مكان آخر في أوروبا الشرقية، إلا أن الحشود العسكرية الروسية الكبيرة في بيلاروسيا، والقوات البحرية الروسية المنتشرة في البحر الأسود، وانتشار قوات حلف الناتو في الجانب الشرقي من أوروبا، يضع الجيشان الروسي والأميركي في مواقع متقاربة جداً ما قد يزيد احتمالية حدوث اشتباكات أو حوادث غير مقصودة". وقال داني سورسن، الرائد السابق في الجيش الأميركي: إن خطر حدوث شيء ما مثل تصادم بين القوات الجوية للولايات المتحدةوروسيا، أو أن يكون هناك تصادم ناري عشوائي بين الجيشين هو أمر ممكن الحدوث، ومن المؤكد أنّه سيقود إلى تصعيد أكبر في حال حدث ذلك". مضيفاً "الجميع يتهيأ لئلا يكون هناك حرب خارج حدود أوكرانيا، بما في ذلك موسكو، ولكن هناك دائماً اعتبارات سياسية داخلية في كل من أميركا وموسكو" ويتساءل الرائد سورسن "ماذا لو قتل طيار عسكري أميركي مثلاً؟ بالتأكيد لن تسكت الولاياتالمتحدة وسيكون مثل هذا الحادث سبباً لتصعيد كارثي، وربما لن يصل إلى حدود اندلاع حرب نووية ولكن سيكون هناك حرب كبيرة ودموية وطويلة". وتقول بلومبيرغ إن مثل هذه الحوادث هي أمر شائع جداً حين يكون هناك عدد كبير من القوات العسكرية، والعتاد، والطيران الحربي في منطقة صغيرة، وهناك أمثلة كثيرة على حدوث مواجهات متقاربة في منطقة بحر البلطيق والبحر الأسود، ففي وقت سابق هذا الشهر، اعترضت مقاتلة نفاثة أميركية، طائرات حربية روسية اقتربت من المجال الجوي لحلف الناتو، لتقلع طائرات نرويجية وبريطانية لمراقبة مسار تحليق الطائرات الروسية في بحر الشمال. وبينما أغلقت روسيا أجزاء كبيرة من البحر الأسود لإجراء مناوراتها، تبتعد أساطيل الناتو عن منطقة تواجد القوات الروسية، بينما يعزز الناتو وجوده في البحر الأبيض المتوسط، وفي حال قررت قوات الناتو العبور عبر مضيق البوسفور في استعراض جديد للقوة، فسيكون هناك تهديد لطرق الشحن وسنكون أمام احتمالية اندلاع مواجهة خطيرة جديدة. آثار مدمرة على الدول الضعيفة حذّر مركز السياسات الخارجية الأوروبية الأميركي من آثار سلبية خطيرة للحرب في أوكرانيا على دول ضعيفة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فتوقّع المركز أن تتعمق أزمات دول ضعيفة وهشة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حال اندلعت الحرب الشاملة بين أوكرانياوروسيا، فمن المرجح ازدياد الأسعار العالمية للقمح والطاقة، الأمر المدمّر لمجتمعات في "ليبيا" و"سورية" و"لبنان". ورأى المركز أيضاً، أن اندلاع أزمة دبلوماسية بين أوروبا وروسيا، يعني تراجع النفوذ السياسي الأوروبي في ملفات سياسية مرتبطة بسورية وليبيا، حيث ستطلق الحرب في أوكرانيا يد روسيا أكثر في هذه الدول المنسية والضعيفة بالمقارنة مع أهمية أوكرانيا بالنسبة للغرب وستقل إمكانية التوصّل إلى حلول سياسية لهذه الأزمات. وفي حال أدّت هذه الحرب إلى حملة عقوبات قاسية على روسيا، فإن روسيا ستعمّق من استغلالها لما بقي من ثروات في سورية وليبيا وبالتالي معاناة اقتصادية أشدّ لهذه الدول.