وتساقطت قطرات الغيث على أرضٍ رَحِبة ويحدث أن تنمو زهرةٍ عصماء بين الصخور ويحدثُ أكثر أن تتناقص قطرات الندّى فأغيبُ أنا مع قُبلةِ وداعٍ من نحلةِ النور أغيبُ فيقتفي أثري.. يُنبّش ثكنات جنود البيوت.. ويفتحُ كل باب سري مُغلق.. يُطيل العبث في انتظار بريدٍ مهترئ.. يا سيدّي ..هل تناسى عقلُك المُحاط بطائرةٍ ورقيّة.. شجيرات الهوى.. وشذراتُ الصبابة..؟ أين كُنت حينما زحفت جيوش الأسى لتُزيل.. مدائن ابتسامتي الزُجاجيةّ؟ هل أصابك عمى جُزئيا حينما رأيتني في طُرقات الحياة أجترُّ حبائل الأمل اجترارا؟ هل فقدت سِماع الصّوت حينما .. ناديتُك وأنا أُمسكُ بطرف ِالشّال الأسود.. وأركُضُ في أرضك الجدباء في بُكائيةٍ سقطت على أثرِها أوراق الليمون.. الذي زرعناه.. وأسقيناه.. وتلذذنا بحموضته ونحن نضحكُ سوياّ؟ غيابي الآن.. هو الحدث الجلل في رأسُك أعلَمُ أنني حين أغيب تفقد حواسّك الست.. غيابي.. جنازةٌ ضخمة لاعزاء لك فيها.. غيابي.. تموتُ فيه شجرة الليمون.. ويعزِفُ فيه صاحب النّاي الصّامت مقطوعَةٌ لبتهوفن وتزيدُ فيه تجاعيدُ وجهُك الزرقاء.. غداً سأضع تحت شباّك اللّقاء حُفنة َرمْلٍ أبيض وفي أحشائه رسالةٌ كالماء.. اشربها كيف تشاء أو اقرأها كيفما تُريد.. سأغيبُ حتّى يشتعل ُ رأسُك شيبا.. فقلبي الذي تركتُه ذات شتاء أزرق.. لن ينْسى.. ولن يصْفَحْ.. ولن يعود.. وروحي الّتي طوّعتها للام الأمر.. والزّجر لن تُسامح.. ولن ترضى.. ولن تُصالِح.. يا سيدّي الذي أحببته مرارًا وتكرارًا وغروراً وجهراً وسراّ.. أيؤلمِكُ غيابي الساّفِر.. هل سمِعتَ ذات ساعة أن اللّبن المسكوب لا يُبكى عليه تعالَ لنُبدّل القاعدة فاللبن اللا مسكوب قد يَكُن مُسمّماً فنتركُه لغيرِنا.. مع تحذيرنا لهم.. القائمة يا سيدي مليئة بأخطائك التي ارتكبتها أريدُ أن احتضنني وأواسيني وأزرعُني في أرضٍ رَحِبة مليئةٌ بفراشات ِالصّدق والاحتواء.. غيابي يا سيدّي هو ورقَة رابحة لقلبِي وكياني فأهلاً بسلّة النّسيان.. ومرحباً بقراراتٍ أنثويّة تحت وطأةِ الغضب والوصب والشوق والحرمان..