خلقنا الله عز وجل احرارا، وسخر الكون كله لنا ولخدمتنا، ارسى الجبال، مد الارض، تخللتها البحار والانهار، وفرشها بالجنان، أسكن فيها مخلوقاته، وأضاء سمائها بالشمس والقمر ليلا ونهارا، وزين تلك السماء بالكواكب والنجوم، تناغمت تلك المخلوقات فيما بينها لترسم لوحة إلهية يعجز الخيال الا ان يسبح فيها متأملا متدبرا عظمة خالقها. خلقنا على فطرة النقاء، لوثناها بالشهوات.. امتلكنا عقولا حرة؛ كبلناها بالمعتقدات والموروثات الخاطئة، ابينا ان نستمتع بحياتنا في اطار عبادتنا لله عز وجل، جعلنا ارواحنا حبيسة سجن المادة، أثرنا التفكر في جمع الاموال وانشغلنا بإصابة كل ما نستطيع من الدنيا. معنى كلمة عقيدة هي ان تعقد رأيا معينا او وجهة نظر او قناعة عن شىء معين ولا يستطيع احد ان يفك او يحل تلك العقدة بسهولة، والعقيدة مقرها القلب والعقل. وايا كان نوع العقيدة عن موضوع او قناعة معينة فهي تعد كسياج وقضبان يحيط بك لا تستطيع تجاوزه، وسواء كان ذلك السياج قد وضع حول عقلك وقلبك بواسطة المجتمع او الاهل او البيئة او حتى عن طريق تفكيرك او قناعتك الشخصية او فهمك ومعالجتك لامر معين فيشكل هذا السياج تحديا كبيرا وعاملا اساسيا يشكل تصرفاتك وافعالك واقوالك. وسنتناول انواع السياج الذى يحيط بنا لنصبح مسجونين بداخله، وايا من تلك السياج نستطيع تحطيمه وتخطيه اما للعبور الى الحرية المطلقة فيما يخص موضوعا او قناعة معينة وتصرفك حيالها، واما الى سياج آخر قد يضيف بعض المساحة لسجنك او يزيدها ضيقا. ولعلي سوف اقوم بالاستشهاد ببعض القضبان التى احاطت بي طوال رحلتي فى الحياة لاتناولها بالبحث واعادة التقييم من خلال المعطيات المتوفرة لدي الآن سواء كانت تلك المعطيات خاصة بي او خاصة بمن حولي او ما سمعته وشهدته من تجارب الآخرين. ولعلي ايضا احاول بكتاباتي هذه تفريغ مخزون هائل من المشاعر لم تتح لى الفرصة لاخراجها او التخلص منها عبر سنوات عمري، كما اننى اعتقد انى افعل هذا من اجلي انا.. فقط انا.. ذلك الشخص الذي لم يكن له وجود فى الحياة من قبل ولم اكن اهتم به، بل ولم اكن اعتبره من ضمن الاحياء وانما هو مجرد شيء لا اهمية له على الاطلاق يسكن فى جسد مهمته الوحيدة محاولة ارضاء واسعاد من حوله ليس لجماله او طيبته وانما هذا مجرد سياج وضعه حوله معتقدا مقتنعا ظانا ان هذا هو ما جبل عليه. وليس لدي ادنى فكره عن اساليب وقواعد الكتابة ولست بارعا في شيء سوى تلك التلقائية والعفوية البغيضة العبيطة المدمرة التي افقدتني الكثير والكثير ولكني لا اعرف بل ولا اتقن شيئا غيرها، واحيانا رغم مقتي لها، ولكنني مرتاح تمام الارتياح لاعتناقها في كل شيء حتى مع القليل من التفكر او الحذر قبل الاستسلام المفاجئ واطلاق العنان لها دون ترتيب، ومرة اخرى ليس هذا لطيبة مني ولكنه اعتقاد انها بلاهة جبلت عليها. ومن المحتمل ايضا انني ببدئي وتحمسي لتلك الكتابات فيها محاولة منب لاصلاح ما افسده الدهر وافسدته تلك العلاقات او اولئك الاشخاص الذين مروا فب حياتي كراما كانوا ام لئاما. والاكيد كما ذكرت سابقا اننى ولاول مره بعد 43 سنة افعل شيئا لنفسي، ولنفسي فقط، ايا كانت الاسباب او الدوافع او أي شيء، فلا يهمني في ذلك العمل سوى ارضاء نفسي وتحطيم كافة القضبان التي عشت حبيسا بداخلها ومنعتني من ادراك المعاني الحقيقية والاستمتاع بالحياة بكافة ما تتخلله من مشاعر الحب والقوة والجمال، وحتى تلك المشاعر السلبية كالغضب والانتقام وكيفية التعامل معها وتجنب تأثيرها على علاقاتي بالآخرين. فخير ما تعلمته من الحياة ان اكون صادقا مع نفسي، واتقبل إنسانيتي كما هي.. فليس هناك ما يضر من الخطأ؛ ولكن عدم اصلاحه يفسد الحياة. محمد اللبودي