تطور مذهل وسريع في أنظمة المدفوعات الرقمية التي يشرف عليها البنك المركزي السعودي من أجل تسهيل التعاملات المالية للأفراد والشركات، وبلغ إجمالي عدد الشركات المرخص لها لتقديم خدمات المدفوعات 15 شركة، وكذلك يوجد 8 شركات أخرى حصلت على موافقات أولية، وساهم ذلك في تمكين قطاع التقنية المالية وتعزيز النمو وجذب المستثمرين والشركات التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد السعودي، وخلال السنوات الماضية حققت المملكة قفزات نوعية في هذا المجال حتى غدت من أهم الدول على مستوى العالم في تنفيذ البرامج التقنية المتطورة واستخدام أحدث ما توصلت إليه الصناعة المالية، كما أن المؤسسات المالية السعودية أنفقت مبالغ ضخمة في تطوير أنظمتها وجلب أحدث التقنيات والأجهزة المتطورة، لقد ساهمت التقنية البنكية والمدفوعات الرقمية في حفظ الوقت والجهد وأصبحت التعاملات البنكية أكثر سهولة وأقل كلفة، تتم على مدار الساعة. مؤخرا سمح البنك المركزي كخطوة أولى بالتحويل من بنك إلى بنك خارج أوقات الدوام الرسمي بحوالات سريعة ومبالغ لا تتجاوز 3500 ريال في اليوم، وعندما تنجح التجربة قد يُعاد النظر في زيادة المبالغ أو إلغاء الحدود لتتم العمليات المالية في أي وقت وخصوصا الحوالات الدولية للدول التي تختلف مع المملكة في أوقات الدوام الرسمي، نقاط البيع حققت هذا العام أرقاما عالية وصلت إلى ما يقارب ال 500 مليار ريال وفي المقابل تراجعت السحوبات عن قمتها التاريخية في عام 2011 والتي وصلت إلى 777 مليار ريال مقابل 173 مليار ريال تمت عن طريق نقاط البيع، وخلال السنوات القادمة سوف تنخفض السحوبات النقدية تدريجيا مع تطور تقنية المدفوعات، نظام التحويل السريع الذي أطلق في العام الماضي يعالج مشكلة إضافة مستفيد برقم الآيبان وسمح بالتحويل عن طريق رقم الهاتف أو الهوية لأي بنك ولكن للمستفيدين الذين فعلوا هذه الخاصية، ومتوقع أن تتطور خدمات المدفوعات الرقمية خلال السنوات القادمة لتكون أسهل وأسرع عبر وسائط إلكترونية مبتكرة واستخدام أجهزة الجوال على نطاق أوسع دون الحاجة إلى الدخول إلى الحساب البنكي والدفع من خلاله، وفي المستقبل لن نرى البطاقات البلاستيكية وسوف تكون جميع البطاقات رقمية حتى السحب النقدي من أجهزة الصرف الآلي لن يكون هنالك حاجة لاستخدام البطاقة وسوف تستخدم الخصائص الحيوية أو قراءة رمز QR بديلا عنها، المحافظ الرقمية التي صرح بها البنك المركزي لا شك أنها ساهمت بشكل كبير في التقليل من استخدام النقد، وتتميز بسهولة استخدامها وقلة تكاليفها وسرعة تحويل الأموال إلى الخارج في زمن قياسي وهذه المحافظ استقطبت شرائح من العمالة الوافدة ومكنتهم من تحويل مدخراتهم بدلا من الذهاب إلى مراكز الحوالات والانتظار الطويل، ولا أبالغ إن قلت إن الحوالة عن طريق المحافظ الرقمية تصل إلى المستفيد في أقل من 5 دقائق كما أن استعادتها تتم في اللحظة التي يتم ضغط زر تنفيذ العملية. المدفوعات الرقمية ساهمت في تقليل مخاطر تزوير العملات وفقد النقود أو تعرضها للسرقة أو التلف، وأيضا حفظت الحقوق بين المتعاملين من خلال إثبات عملية الاستلام والتسليم، كما أن لها مردودا اقتصاديا كبيرا، في التقليل من استخدام الأوراق النقدية التي تحتاج إلى مصاريف طباعة مستمرة، وتخفيض العمليات البنكية اليدوية مع كل تطور في عمليات الدفع الإلكتروني، مما يساعد البنوك في تخفيض المصاريف وتحويل الصرافين إلى موظفي مبيعات وتسويق لتحقيق إيرادات أعلى والتخلص من السيولة النقدية في الفروع وما يصاحبها من هدر مالي عندما تبقى في الفرع دون استثمارها، كما أن عملية نقلها إلى البنك المركزي تكلف البنوك مصاريف نقل وتأمين، أصحاب المنشآت أيضا استفادوا من الدفع الإلكتروني، من خلال الحصول على تمويل بنكي استنادا إلى عمليات نقاط البيع ودون الحاجة إلى تقديم ميزانيات معتمدة، كما أن أحد أسباب استمرار التستر التجاري هو تدفق السيولة النقدية على المتاجر وعدم إيداعها في البنوك مما يساعد المتستر عليه تحويلها إلى بلده بطرق غير نظامية بعيدا عن الرقابة المالية وهذا حرم الاقتصاد السعودي من العوائد المالية على الأنشطة التجارية، ولكن بعد فرض الدفع الرقمي على منافذ البيع تحولت السيولة إلى الحسابات البنكية وهذا التحول ساهم في معرفة حركة الأموال وضبط التهرب الضريبي، وكذلك التخفيف من عمليات غسل الأموال التي كانت تستخدم لتهريب أموال المتستر عليهم خارج المملكة عبر وسطاء يقومون بتجميع الأموال وتحويلها بطرق متعددة.