حصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "الجمعة" على دعم الصين في صراعه مع الغربيين حول أوكرانيا، فيما يكثّف الأوروبيون جهودهم الدبلوماسية لتفادي حرب. وأكّد الكرملين أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يزور موسكو الاثنين، فيما يزورها المستشار الألماني أولاف شولتس في 15 فبراير لإجراء محادثات مع بوتين. ومن موسكو، يتوجّه ماكرون "الثلاثاء" إلى أوكرانيا التي يزورها شولتس أيضا في 14 فبراير. وبعد لقاء مع شي جينبينغ قبيل افتتاح أولمبياد بكين، دعا الرئيسان الصيني والروسي، في إعلان مشترك، إلى "حقبة جديدة" في العلاقات الدولية ووضع حدّ للهيمنة الأميركية. وندّد البلدان اللذان تشهد علاقاتهما مع واشنطن توتراً متصاعداً، بدور التحالفين العسكريين الغربيين اللذين تقودهما الولاياتالمتحدة: الحلف الأطلسي وحلف "أوكوس" الذي أنشئ بين الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا عام 2021، باعتبارهما يقوّضان "الاستقرار والسلام العادل" في العالم. وأكد البيان المشترك أنّ موسكووبكين "تعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلاً"، وهو المطلب الأول لروسيا من أجل خفض التوتر بينها وبين الغرب حول أوكرانيا. ويتّهم الغرب الكرملين بالتحضير لغزو أوكرانيا، مع نشر حوالى مئة ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدود هذا البلد المقرب من الغرب. وتنفي روسيا ذلك، مؤكدة أنها تريد فقط ضمان أمنها. وتشدد في المقابل على شعورها بأنها مهددة من الحلف الأطلسي، وتطالب من أجل خفض التوتر بوقف سياسة توسيع الحلف وسحب قواته من أوروبا الشرقية، وهو ما يعتبره الأوروبيون والأميركيون غير مقبول. وأيّدت موسكووبكين مبدأ "أمن واحد لا يتجزّأ" الذي يستند إليه الكرملين ليطالب بانسحاب الحلف الأطلسي من محيط روسيا. ويؤكد الكرملين أنّ أمن البعض لا يمكن أن يتحقّق على حساب البعض الآخر، رغم حقّ كلّ دولة في اختيار تحالفاتها. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الجمعة إنه يعارض العودة إلى "حقبة مناطق النفوذ عندما كانت قوى عظمى تقرر ما ينبغي أو لا ينبغي على جيرانها الأصغر القيام به". ووصلت مساء الجمعة الى ألمانيا، تحديدًا إلى القاعدة العسكريّة في فيسبادن (غرب)، دفعة أولى من الجنود الأميركيّين من أصل 3000 جندي كان الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن هذا الأسبوع إرسالهم في إطار التعزيزات العسكريّة. وصرّح متحدّث باسم الجيش الأميركي في أوروبا لوكالة فرانس برس "عمِلنا على نحو وثيق مع حلفائنا الألمان لتمهيد الأرضيّة لهذا الانتشار، ونحن نُقدّر دعمهم". مساعٍ دبلوماسية مكثفة من جهته، اتّهم الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان الغربيين ب"مفاقمة" الوضع بين روسياوأوكرانيا، وذلك في رحلة عودته من كييف التي زارها الخميس، وعرض القيام بوساطة في الأزمة الأوكرانية. في الأثناء، تواصل تبادل الانتقادات والاتّهامات بين روسياوالولاياتالمتحدة. وأكدت واشنطن، من دون أن تقدّم أدلة، أنّ موسكو تخطط لتصوير شريط فيديو عن هجوم أوكراني مفبرك يستهدف الروس لتبرير غزو روسي للدولة المجاورة. وسبق أن طرحت الولاياتالمتحدة احتمال تنفيذ روسيا عملية "تحت راية زائفة"، وهو تعبير يعني أنّ دولة ما تستخدم رموز العدو للتمويه وإثارة الارتباك. لكنّ الكرملين سارع إلى رفض هذه الاتّهامات، حاضّا على "عدم تصديق" السلطات الأميركية، فيما وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ب"الهذيان". في المقابل، كثّف الأوروبيون جهودهم الدبلوماسية لمنع نزاع على الخاصرة الشرقية للاتحاد الأوروبي. وتندرج زيارات ماكرون وشولتس إلى روسياوأوكرانيا في هذا السياق، إذ إنّ فرنساوألمانيا هما الوسيطان في النزاع بين أوكرانيا والانفصاليين الموالين لروسيا. وصرّح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في معرض تعليقه على زيارة ماكرون أنّ "مواضيع عدة مطروحة على جدول الأعمال. ستجري قبل أيّ شيء محادثات حول الضمانات الأمنية" التي تطالب بها موسكو. أما بالنسبة إلى شولتس الذي ستكون هذه زيارته الأولى لروسيا منذ تولّي مهامه، فقال بيسكوف إنّه يتوقّع "محادثات جوهرية". وأبدت أوكرانيا الجمعة "ارتياحها" للدعم الغربي الذي سمح على حد قولها بإحباط "استراتيجية الترهيب" التي تمارسها موسكو منذ بضعة أشهر. وزار كييف هذا الأسبوع مسؤولون من بريطانيا وبولندا وتركيا وهولندا، وتستعدّ العاصمة الأوكرانية لاستقبال ماكرون وشولتس. ورأى وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أنّ "روسيا خسرت هذه المعركة". وفي إجراء رمزي، أغلق موقع يوتيوب الأميركي الجمعة القنوات التي يستخدمها الانفصاليون الموالون لروسيا الذين يخوضون حربا مستمرة منذ 2014 ضد قوات كييف أوقعت أكثر من 13 ألف قتيل حتى الآن. من جانبها، نشرت وزارة الدفاع الروسية مقاطع فيديو تُظهر مناورات عسكرية في بيلاروس، جارة أوكرانيا وحليفة روسيا، تشارك فيها دبابات وطائرات مقاتلة. ويُفترض أن تستمرّ هذه التدريبات التي تجري على مراحل، حتى 20 شباط / فبراير فيما اعتبرت واشنطن أنها تُفاقم التوترات في المنطقة مشيرةً إلى أن الكرملين يحضّر لإرسال 30 ألف جندي إلى بيلاروس.