قالت منظمة العفو الدولية أمس الثلاثاء في تقرير جديد دامغ إنه ينبغي مساءلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين. ويبيّن التحقيق المفصل كيف أن إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه. وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية كافة، فضلاً عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى. ويوثق التقرير الشامل بعنوان نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية كيف أن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي، ويتم الحفاظ على هذا النظام بفعل الانتهاكات التي تَبَيّن لمنظمة العفو الدولية أنها تشكل فصلاً عنصرياً وجريمة ضد الإنسانية كما هي مُعرّفة في نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (اتفاقية الفصل العنصري). وتدعو منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في جريمة الفصل العنصري في سياق تحقيقاتها الحالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما تناشد جميع الدول بممارسة الولاية القضائية الشاملة وتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة.وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار: ما من مبرر ممكن لنظام بُني على القمع العنصري الممنهج لملايين الناس. ولا مكان للفصل العنصري في عالمنا، والدول التي تقرر أن تقبل تجاوزات إسرائيل ستجد نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ. والحكومات التي تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة وتحميها من المساءلة في الأممالمتحدة تساند نظام فصل عنصري، وتقوّض النظام القانوني الدولي، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني. تستند النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية إلى كم متنامٍ من العمل الذي قامت به المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والإسرائيلية والدولية التي طبّقت على نحو متزايد إطار الفصل العنصري على الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. *التعرُّف على الفصل العنصري نظام الفصل العنصري هو منظومة ممنهجة للقمع والهيمنة تمارسها جماعة عرقية ضد أخرى. إنه انتهاك خطير لحقوق الإنسان يُحظّره القانون الدولي العام. ويُظهر البحث الواسع والتحليل القانوني اللذان أجرتهما منظمة العفو الدولية بالتشاور مع خبراء من خارجها أن إسرائيل تُطبّق هذا النظام ضد الفلسطينيين من خلال قوانين وسياسات وممارسات تضمن إدامة معاملتها العنصرية القاسية لهم. وفي ضوء أعمال القتل غير المشروعة والممنهجة ضدّ الفلسطينيين الموثقة في التقرير، دعت منظمة العفو الدولية أيضاً مجلس الأمن الدولي إلى فرض حظر شامل على توريد السلاح إلى إسرائيل. ويجب أن يشمل كافة أنواع الأسلحة والذخائر، علاوة على معدات إنفاذ القانون، نظراً للقتل غير المشروع لآلاف المدنيين الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية. ويتعين على مجلس الأمن أيضاً فرض عقوبات تستهدف أشخاصاً محددين، مثل تجميد أصول المسؤولين الإسرائيليين الأكثر ضلوعاً في ارتكاب جريمة الفصل العنصري. *معاملة الفلسطينيين كتهديد ديموغرافي منذ قيام الاحتلال عام 1948، انتهجت سياسة تكوين أغلبية ديموغرافية يهودية ثم الحفاظ عليها، وتعظيم سيطرتها على الأراضي والموارد لمنفعة الإسرائيليين اليهود. وفي 1967، وسّعت هذه السياسة لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة. واليوم تستمر إدارة كافة الأراضي التي تخضع لسيطرة إسرائيل بما يفيد الإسرائيليين اليهود على حساب الفلسطينيين، فيما يستمر إقصاء اللاجئين الفلسطينيين. *نزع الملكية يشكل نزع الملكية من الفلسطينيين وتهجيرهم من منازلهم ركناً مهماً جداً في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي؛ فمنذ قيام دولة الاحتلال، فرضت عمليات استيلاء جماعية وقاسية على الأراضي ضد الفلسطينيين، وتواصل تطبيق عشرات القوانين والسياسات لإرغام الفلسطينيين على العيش في معازل صغيرة. ومنذ عام 1948، تهدم إسرائيل مئات الآلاف من منازل الفلسطينيين وغيرها من الممتلكات في كافة المناطق الخاضعة لولايتها القضائية وسيطرتها الفعلية. وكما في النقب، يعيش الفلسطينيون في القدسالشرقية والمنطقة (ج) في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. وترفض السلطات منح تراخيص بناء للفلسطينيين في هذه المناطق، ما يرغمهم على إنشاء مبانٍ غير قانونية تتعرض للهدم مرة تلو الأخرى. وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، يزيد التوسّع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية الوضع سوءاً. وما زال إنشاء هذه المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة سياسة الاحتلال منذ عام 1967. وتغطي المستوطنات اليوم نسبة 10 بالمئة من مساحة أراضي الضفة الغربية، وجرت مصادرة نسبة 38 بالمئة من أراضي الفلسطينيين في القدسالشرقية بين عامَيْ 1967 و2017. وغالباً ما تستهدف منظمات المستوطنين المدعومة بالكامل من الحكومة الإسرائيلية الأحياءَ الفلسطينية في القدسالشرقية، بهدف تهجير الأسر الفلسطينية وتسليم منازلها للمستوطنين. ومن جملة هذه الأحياء حي الشيخ جرّاح الذي يشهد تظاهرات متكرّرة منذ مايو 2021، فيما تخوض الأسر صراعاً للحفاظ على منازلها في ظل التهديد بإقدام المستوطنين على رفع دعوى قضائية ضدها.