"الفنون والثقافة لذوي الإعاقة".. من المبادرات التي تهدف إلى تمكين الطلاب من ذوي الإعاقة من المشاركة والاندماج في برامج الثقافة والفنون التعليمية، وتزويدهم بتجارب مهارية ثرية عالية الجودة، والتي أطلقتها وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة التعليم، ورسمت لهذه المبادرة خطة لتدريب 36 من معلمي ومعلمات التربية الخاصة من المناطق المستهدفة، وتعد خطوة ثقافية مهارية مُهمة وجدت ترحيباً وقبولاً من الجميع. "الرياض" تستطلع رأي عدد من المختصين في العمل التربوي للحديث عن ما يجب تنميته من مهارات لدى طلاب ذوي الإعاقة، وأهمية مثل هذه المبادرات ودورها الريادي وانعكاسها على تنمية القدرات الثقافية لذوي الإعاقة، واكتسابهم تجربة فنيّة ترتكز فلسفتها على أنه يمكن لأي شخص أن يعيش تجربة إبداعية مميزة، أيّاً كانت معرفته السابقة وقدرته الفنيّة. تنمية القدرات في البداية قال د. عبدالله بن حمد الحسين - خبير تربوي في مجال الطفولة والتربية والتدريب -: هذه المبادرة من المبادرات القيّمة المميّزة لهذه الفئة المستهدفة الغالية من طلاب ذوي الإعاقة التي نبعت فكرتها من وزارة الثقافة، بتعاون مميز ورائع مع وزارة التعليم من أجل تمكين هؤلاء الطلبة من المشاركة والاندماج مع المحيطين بهم في مجال برامج وأنشطة أطلقت وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة التعليم مبادرة الثقافة والفنون التعليمية، مضيفاً أن هذا مطلب وأمر مهم من أجل تزويد الطلاب بتجارب ومهارات ثرية عالية الجودة تمكن المعوق من امتلاك المهارات والعمل على تنمية القدرات اللغوية والثقافية الإبداعية التي يمتلكونها، مبيناً أن هذه المبادرة تركز على تقديم تجربة فنية ترتكز فلسفتها على أنه يمكن لأي شخص إظهار قدراته التي يتمتع بها، ويُعامل الطلاب كافّة على أنهم فنانون قادرون على التعبير عن أنفسهم وعلى التطور الفني، مشيراً إلى أنه من الفوائد القيّمة التي ستعود بالفائدة على هذه الفئة المستهدفة هي أنهم سيتمكنون من إتاحة الفرصة لهم لإظهار قدراتهم في هذا المجال، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم اللغوية والثقافية من خلال الاندماج والمشاركة. وأضاف أن الهدف من هذه الشراكة المجتمعية القيّمة هي ضرورة معرفة التراث الثقافي غير المادي وتوثيقه وإعطاء فكرة شاملة عن الفنون الأدائية الشعبية، والقصص الشعبية والأمثال والقصائد والأهازيج، والألعاب الشعبية، والحرف التقليدية، والمأكولات الشعبية، والقصص الأدائية، والتعابير الشفهية التقليدية وأشكالها المتعددة من القصص والأساطير والأمثال. عزم وإصرار وأوضح طارق بن سلمان السديري -مرشد طلابي- أن كل فرد منّا يعتبر لبنة أساسية من لبنات بناء المجتمع والله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان في أجمل وأكمل صورة، قال تعالى: "في أي صورة ما شاء ركبك" الآية..، وجعل بين البشر فروقاً فردية وقدرات سواء كانت جسمية أو عقلية أو حركية وغير ذلك فقد فضل الله بعضنا ليسخر بعضنا لبعض، مضيفاً: "قد يبتلى الإنسان منذ بداية خلقه أو بعد مضي فترة من الزمن بوجود أو حدوث عاهة أو إعاقة جسدية أو فكرية وخلل في القدرات العقلية، إلاّ أن ذلك لا يعني أنه إنسان عاجز غير قادر على الإنجاز ولا يصلح للعمل والإسهام في بناء وتطوير بيئته ومجتمعه، بل على العكس تماماً حيث إن الشخص المعوق يعمل على إبدال تلك الإعاقة وجعلها كنوع من التحدي"، مبيناً أنه أثبتت الكثير من التجارب على مر الأزمان وسائرها على أن أصحاب ذوي الإعاقة حققوا إنجازات عظيمة وجبارة على مستوى العالم في شتى المجالات، والتي يصعب على الكثير من الأسوياء تحقيقها أو الوصول إلى مستواها، وقد أطلق عليهم البعض مسمى "ذوي الهمم" لأنهم وصلوا بعزمهم وإصرارهم إلى القمم. إبداعات ومواهب وذكر السديري أنه ينبغي علينا تشجيع هذه الفئة من الناس واستثارة ما لديهم من إبداعات ومواهب من أجل إظهارها وتنميتها من خلال الأنشطة الاجتماعية والرياضية والعلمية والحملات التطوعية ونحوها، وحكومتنا الرشيدة أولت اهتماماً كبيراً لهم، وقامت برعايتهم ودعم المؤسسات الخيرية والشراكات المجتمعية، ولم تتوان عن تقديم المساعدات وتوفير البرامج التي تفيدهم في حياتهم، مضيفاً أنه من ضمن تلك المبادرات التي تسهم في ذلك الأمر "مبادرة الفنون والثقافة للطلاب ذوي الإعاقة" التي أطلقتها وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة التعليم والتي خصصت لأصحاب تلك الفئة ووضعت لهم برامج تتناسب مع ميولهم وقدراتهم وفق خطط مدروسة على أيدي مختصين تم تدريبهم على كيفية تطبيق تلك البرامج، من أجل تشجيع هؤلاء الطلبة على المشاركة وتنمية مهاراتهم وغمرهم في عالم الإبداع وإشباع حاجاتهم وشغفهم قدر المستطاع، فهم جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي نعيشه ونسعى إلى تنميته والرقي به. تعزيز الثقة وتحدثت هيلة المسلم - معلمة من منسوبات الابتدائية الثانية بالثقبة - قائلةً: يرتبط الفن بثقافة المجتمع والقضايا التي تسود فيه، ويمكن اعتبار الثقافة أنها عامل مهم في تشكيل مواضيع الفن، إذ تنعكس هذه الثقافة على الفن بأشكاله المختلفة من رسم ونحت وكتابة وغيرها، ولأهمية ذلك أرى أن مبادرة وزارة الثقافة والتعليم الموجهة لطلابنا من ذوي الاحتياجات الخاصة ستساهم في تعزيز الثقة لدى هذه الفئة الغالية علينا من الطلاب واكتشاف الموهوبين منهم واستكشاف النواحي الإبداعية لديهم ومن ثم تطويرها من قبل المتخصصين، متوقعةً أن هذه المبادرة ستساهم بشكل كبير في بناء شخصية قادرة على الاندماج والتفاعل بشكل كبير مع المجتمع بجميع فئاته، بل وسوف نرى في المستقبل القريب الكثير من المبدعين في مختلف المجالات الفنية والثقافية من ذوي الاحتياجات الخاصة. تحتاج للتوسع وأكد عبدالسلام إبراهيم الحميد -معلم تعليم عام- على أنه يحتاج الطلاب ذوي الإعاقة إلى الاندماج والمشاركة في مناشط الحياة مع غيرهم وعدم الفصل بينهم وبين الآخرين ممن ليس لديهم إعاقة، والشواهد من الحياة اليومية تثبت أن لديهم القدرة على تجاوز الإعاقة متى ما تم دعمهم وتهيئتهم وتدريبهم، مضيفاً: "لعل مبادرة وزارة التعليم ووزارة الثقافة الخاصة بالفنون والثقافة للطلاب ذوي الإعاقة هي أحد أشكال الدعم لتلك الفئة لزيادة دورهم الفاعل في الفنون أسوةً ببقية أفراد المجتمع وهذا يعكس حرص حكومة المملكة على تلك الفئة"، مبيناً أنه على الرغم أن هذه المبادرة اقتصرت على فئتين من أصحاب الإعاقة إلاّ أن المأمول أن يتم التوسع لتشمل الفئات الأخرى، كذلك تحتاج للتوسع بأن تغطي كافة مناطق المملكة"، مشيراً إلى أنه لعل وجود مثل هذه المبادرة أيضاً في مدارس التعليم العام هي بالتأكيد خطوة مهمة لدمج الطلاب ذوي الإعاقة مع زملائهم في المدرسة بشكل خاص وفي المجتمع بشكل عام وبالأخص عندما يتم تنفيذها على أيدي مختصين في علم النفس والتربية الخاصة، ويمكن أيضاً إعطاء المعلمين الآخرين دورات متخصصة في هذا المجال ويتم متابعتهم وتقديم ما يلزم لإنجاح تلك المبادرة. همم عالية وأوضحت سمر الزهراني -معلمة- أن من الجميل نرى مثل هذه المبادرات، والتي تعنى بأصحاب الهمم وتوليهم أهمّية كبيرة وتدمجهم من ضمن أفراد المجتمع العاديين، ليصبحوا أشخاصاً منتجين ذوي همم عالية فيوجّه كل فرد منهم بما يتناسب مع قدراته، ويتم الكشف عن مواهبهم وقدراتهم في نطاق مدروس وبشكل جيد، مضيفةً: "من الجميل أن تَقُوم هيئة الفنون والثقافة في اكتشاف المواهب لأصحاب الهمم، حيث إن مثل هذه المبادرات لها أهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية والعَمَلِيَّة العِلمِيَّة فيصبحون منتجون ويسهمون في الدفع بعجلة التطوُّر إلى الأمام لهذا البلد العزيز"، مبينةً أن دولتنا الكريمة عملت جَاهدة لتقديم الرعاية لمثل هؤلاء الطلبة وتصنيفهم لِيُسَهِّل على مُعلمي ومُعلمات الصعوبات والتعامل معهم وتوجيههم على حسب قدراتهم، ودمجهم مع الطلاب العاديين حتى لا يشعرون بالنقص، وأيضاً حتى لا يصبحون عبئاً على المجتمع، لافتةً إلى أنه من الجميل أيضاً تكثيف دورات تدريبية لمُعلمي ومُعلمات الصعوبات ليسهل عليهم التعامل مع هذه الشريحة من أفراد المجتمع. تعزّز الثقة وتكتشف الموهوبين باكراً د. عبدالله الحسين طارق السديري عبدالسلام الحميد