حظيت الخيل العربية بالاهتمام السعودي منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى، وعلى صهواتها استطاع أئمة الدولة السعودية الأولى توحيد معظم أرجاء الجزيرة العربية. وتعدّ الدرعية أرض الخيل العربي الأصيل وموطنه، فقد لقيت الخيل عناية كبيرة لم تعهدها الجزيرة العربية من قبل؛ يؤكد ذلك أعداد الخيل التي اقتناها أئمة الدولة آنذاك، فقد كان لدى الإمام سعود بن عبدالعزيز الكبير وحده نحو 2000 من الخيل العربية، وبقي اهتمام الأسرة السعودية المالكة بالخيل متوارثاً جيلاً بعد جيل. واستمر ذلك الاهتمام حتى في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز الذي وحَّد أرجاء البلاد، فكان يمتلك عدداً كبيراً من الخيل قارب الألف، مبدياً حرصاً واضحاً على اقتناء سلالة خيل آل سعود تحديداً. وتجلى هذا الاهتمام عند أئمة الدولة السعودية وملوكها في تقديم الخيول العربية الأصيلة هدايا فيها تعبير عميق عن المحبة والتقدير للمهداة إليه؛ لكونها ذات رمزية عظيمة لدى بعض الدول؛ فقد أهدى الإمام فيصل بن تركي عدداً من الخيول العربية الأصيلة إلى عباس باشا الأول حاكم مصر. كما أهدى الملك عبد العزيز أعداداً كبيرة من الخيل إلى ملوك أوروبا وزعمائها، كالفرس الجميلة "طرفة" التي دُشنت التحفة الخاصة بها في الدرعية، والحصان "الصقلاوي"، والفرس "كروش" التي أهداها للسير كلايتون بعد توقيع معاهدة جدة. كما لا ننسى أن نذكر المُهر "المهلهل" الذي أهدي للثري الأمريكي تشارلز كرين الشهير ب"صديق العرب" الذي زار المملكة عام 1927م والتقى حينها نائب الملك في الحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وزارها عام 1931م فالتقى الملك عبدالعزيز، وكانت زيارته تلك سبباً من أسباب اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية. والدرعية على هذا النهج في العناية والاهتمام بالخيل العربية لكونها جزءًا لا يتجزأ من إرثنا التاريخي والثقافي، وقد تمثّل ذلك في "متحف الخيل العربي" بحي الطريف الذي يعرض للزائر أحوال الخيل العربية وكل ما يتعلق بها، وللاهتمام بقية بإبراز الخيل العربية من خلال كثير من الأصول المزمع إنشاؤها في "بوابة الدرعية". إضافة إلى المشاريع المستقبلية التي تجسد اهتمام الهيئة بتخليد تاريخ الخيول العربية الأصيلة بطريقة حديثة تواكب المرحلة الجديدة مع حرصها على الحفاظ على الهوية الوطنية، ومنها نادٍ ضخمٌ للخيل والفروسية سيتم إنشاؤه على أرض الدرعية بهدف جعلها وجهةً سياحية جاذبة يقصدها المسافرون من جميع أقطار العالم. وقد سعت هيئة تطوير بوابة الدرعية للمشاركة في كثير من الأحداث والفعاليات التي تُعنى بالخيل العربية وتاريخها، وأقرب مثال على ذلك مشاركتها في الفعالية المميزة التي ستقام في يناير من هذا العام تحت اسم "عبية"، وهو اسم لفرس رافقت مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في حملات توحيد البلاد. فأصبح اسم "عبية" رمزاً تاريخياً أصيلاً يروي بطولات حُفظت في ذاكرة الوطن، ونموذجاً تُستَلهم منه أحداث الحاضر ومشاريع المستقبل.