عام 2022 الذي استقبلناه بهطول الأمطار وتساقط الثلوج، سيكون عاما -بإذن الله- مبشرا بفيض من الخيرات تعزز مكانة سوق العمل السعودي. على مستوى القطاع العام، سنكون قد دخلنا العام الثاني من المرحلة الثانية (2021-2025) من رؤية المملكة 2030، حيث تستمر الإصلاحات الحكومية، أبرزها مشروعات التحول والتخصيص، التي ستسهم في خلق المزيد من فرص العمل، ورفع مستوى التنافسية بين المؤسسات من جهة، وبين الأفراد من جهة أخرى. أما على مستوى القطاع الخاص، فمن المقرر هذا العام أن تنتهي دورات مجالس الإدارة ل 67 شركة مساهمة عامة من أصل 208 شركات، وهي المجالس التي شهدت فترات حرجة لتزامن أعمالها (2019-2022) مع نشوء أزمة كورونا، وستلقي التغييرات في المجالس بظلالها على الإدارات التنفيذية في تلك الشركات، مما ينشط حركة استقطاب القياديين في السوق. في منتصف فبراير، ستنتهي الفترة التصحيحية لمخالفي نظام مكافحة التستر التي وضعها البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري بمشاركة 20 جهة حكومية، ويسهم هذا البرنامج بالتوازي مع الحملات الميدانية التي تنفذها وزارة الداخلية ضد مخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود، يسهم في مكافحة اقتصاد الظل، وتعزيز الأمن الاقتصادي، مما يدفع بالعمالة السائبة ومتدنية المهارات إلى اللحاق بأكثر من 700 ألف عامل أجنبي غادروا السوق العام الماضي. كما أن توطين المناصب القيادية في القطاع الخاص يعزز الأمن الاقتصادي، ويسهم جذريا في تخفيض معدل البطالة، فكل وظيفة قيادية ترتبط بما لا يقل عن 4 وظائف، فلو استطعنا توطين 56 ألف وظيفة "مدير" يشغلها الوافدون، فإننا في الحقيقة نوطن 280 ألف وظيفة، مما يرفع من أعداد السعوديين في القطاع الخاص من 1.9 مليون موظف بنهاية 2021 إلى 2.18 مليون موظف بنهاية هذا العام. ومن المتوقع أن ترتفع حركة التوظيف في مجالات الرعاية الصحية، وتقنية المعلومات، والخدمات اللوجستية، والموارد البشرية (خاصة وظائف التطوير التنظيمي)، والإدارة المالية، لا سيما أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تستهدف توطين 20 ألف وظيفة في المحاسبة بنهاية العام الجاري. وبالنسبة للأنماط الأخرى من العمل، فسوف تزداد فرص "العمل المرن"، خاصة في قطاعات التجزئة والسياحة والترفيه، فهذا النمط يوفر عملا للباحثين، ويكفل كذلك دخلا إضافيا للموظفين من خلال التعاقد بالساعة، علما أن وزارة الموارد البشرية التي أسست منصة "مرن" تستهدف زيادة عقود العمل المرن المبرمة عبر المنصة من 10 آلاف عقد أواخر العام المنصرم إلى 57 ألف عقد بنهاية العام الجاري. وسنشهد ارتفاع أعداد أصحاب "العمل الحر"، مع نزوع شريحة من الموظفين للتقاعد المبكر، وتفرغهم لتقديم الخدمات المهنية والإبداعية عن بعد كالاستشارات، والأبحاث، والترجمة، والتصميم. أخيرا، نتوقع على مستوى المنشآت الصغيرة والمتوسطة أن يتم تذليل المزيد من العقبات أمامها، وتعزيز التنسيق بين الجهات الحكومية التي تشرف عليها، مما يشجع هذه المنشآت على البقاء، والمساهمة في خلق فرص أكثر أمام الشباب السعودي.