كتاب «صورة المرأة.. في شعر عبدالعزيز خوجة» أصله بحث تكميلي، نالت به الباحثة عبير بنت مدّو العنزي درجة الماجستير في الأدب والنقد، من قسم الأدب في كلية اللغة العربية بالرياض، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بتقدير ممتاز. ويعد الدكتور عبدالعزيز خوجة من أبرز الشعراء المعاصرين، يتميز شعره بالعذوبة والرقة، وإبداعه بالحضور المباشر للحدث الوجداني، والتعبير الصادق عما يختلج وجدانه من مشاعر جياشة. ولصورة المرأة في شعره النصيب الأوفر من الحضور في الإبداع الشعري، وهو ما دفع الباحثة إلى عرض تجربة الشاعر وأهم ملامح ذلك الحضور في قصائده مستندة إلى المنهج الموضوعاتي الذي يرتكز على الموضوع باعتباره «تيمة» محورية يمكن من خلالها الإلمام بالعمل الإبداعي وينهض على دراسة المجال الدلالي الاستعاري، فيميّز تجربة الشاعر الأدبية. ويكشف مضامينها ويهم في الربط بين ذات الشاعر والعالم. وغاية المنهج فهم فكر المبدع وقراءة الرغبة المكبوتة في العمل الإبداعي، ولهذا تأتي أهمية هذه الدراسة للباحثين ولعشّاق الكشف عن رؤى الشاعر ومكنوناته. وجاء في مقدّمة الكتاب قول الباحثة عبير العنزي: «في هذه الدراسة أقدم قضية مهمة من قضايا مجتمعنا من خلال الكشف عن صورة المرأة في ذهن الرجل المعاصر. وقد وجدت ممن تألقت المرأة في شعره: الشاعر السعودي عبدالعزيز خوجة، الذي وظف الكثير من شعره للتعبير عنها؛ فلقد نظر إلى المرأة أمَّاً وبنتاً وحبيبة، ومن جانب آخر رمزاً لوطنه وفكره، ومنطلقاً دلالياً لقضاياه الدينية والفكرية والاجتماعية. ولمكانة هذه المرأة في شعره؛ عقدت العزم على استجلاء صورتها. ولاشك في أن موضوع دراستي «صورة المرأة في شعر عبد العزيز خوجة» يعد من الموضوعات الجديدة التي لم يتطرق إليها الباحثون والدارسون بشكل مفصل، إلا شذرات متناثرة نحو الغزل والمرأة عنده». وقد جاءت هذه الدراسة في فصلين، فيهما ستة مباحث، يسبقهما مقدمة وتمهيد، ويقفوهما خاتمة. وقد خصصت الفصل الأول للحديث عن ملامح صورة المرأة عند الشاعر، شاملاً ثلاث صور: «المرأة الواقع، والمرأة الحلم، والمرأة الرمز». أما الفصل الثاني الكشف عن الدلالات المتوارية خلف صورة المرأة، متناولة ثلاث دلالات: «الدلالة الدينية، والدلالة الفكرية، والدلالة الاجتماعية». وقد اعتمدت الباحثة في هذه الدراسة على المجموعة الكاملة التي ضمت نتاج الشاعر، المعنونة ب «رحلة البدء والمنتهى» وبعض القصائد المتفرقة التي لم يضمها الديوان، متخذة من المنهج الموضوعاتي سبيلاً لاستجلاء صورة المرأة عند الشاعر. وفي المبحث الأول تحدث الكتاب عن «المرأة الواقع» أثرت المرأة تأثيراً بالغاً في الأدب العربي، ومن يستقرئ الشعر العربي يجد أنها شغلت قسماً كبيراً منه؛ فالشاعر يستلذ بذكرها في قصيدته، هرباً من همومه، وبحثاً عن الحب والعواطف، كل ذلك يؤكد أن المرأة العربية موطن الشاعر ومصدر إلهامه؛ فالحب يوقد الخيال، ويشعل المشاعر، «فما كان الله ليدع الرجل تحت أوقار الدهر، وأثقال الحياة، حتى يخلق له من نظام نفسه، من يذود عنه هموم نفسه، ويحتمل دونه الكثير من شؤونه، ويضيء له ما بين يديه من شعاب العيش، وظلم الخطوب. تلك هي المرأة قسيمة حياته، وعماد أمره، وعتاد بيته، ومهبط نجواه. ينهض الرجل إلى الحياة بعزم وقوة يستمدان عقله ورأيه، وتستقبل المرأة الوجود بعواطف فياضة يتجلى بها قلبها الخافق فتأسو بها ما جرحته القوة من قلب الفضيلة». والمرأة تحتل مكانة بارزة في حياة خوجة، فتتشكل الرؤية الشعرية تمازجاً بين روح الشاعر وصورة المرأة في داخله، سواء كانت الأم، أم البنت، أم الحبيبة. «وقد ارتبطت ذات شاعرنا بالمرأة ارتباطاً كبيراً، حتى إنه جعل حياته كلها من نسيج امرأة، فهي منبع السعادة والهوان والعذاب، وهي أيضاً منبع الحب والعشق».