خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن المملكة تمضي على المسار الصحيح في خفض انبعاثاتها من الغازات الدفيئة المرتبطة بقطاع الهيدروكربون، من 648.56 مليون طنٍّ من مُكافئ ثاني أكسيد الكربون في الوقت الحالي إلى ما بين 481.65 - 551.85 مليون طنٍّ بحلول 2030م؛ بفضل تطوّر نهجها من الحذر تجاه تدابير التخفيف من تغير المناخ العالمي إلى المشاركة التقدمية، في ظل سياساتها الصحيحة في دعم وتفعيل العديد من المبادرات، وتنفيذها في الوقت المناسب، وفقًا للمساهمة المحددة وطنيّا. وارتأت الورقة العلمية بعنوان: «المملكة العربيّة السعوديّة واتّفاقيّة باريس للمناخ» للباحثة عائشة السريحي، الصادرة ضمن (تعليقات) عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن توجيه الاستثمارات والابتكارات الصحيحة اللازمة لتحقيق رباعيّة «إ» للاقتصاد الدائريّ للكربون سيُمكّن السعودية من أن تصبح نموذجًا في ضمان دولة منتِجة للنفط معالجة جميع انبعاثاتها من الغازات الدفيئة على طول السلسلة القيمة، من المنبع إلى المصبّ، إضافة إلى أنّ التنفيذ المبكّر لهذه التدابير المناخية سيضع المملكة على مسارٍ جاهز للمنافَسة في عالمٍ يَحُدّ من انبعاثات الكربون. وذكرت دراسة السريحي أنه ضمن الجهود السعودية في تعزيز العمل المناخيّ على المستوى الإقليميّ، قدم وليّ العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في مارس 2021م مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، التي تسعى إلى زراعة 40 مليار شجرة في أنحاء المنطقة، وخفض انبعاثات الكربون بنسبة 60 ٪؛ بمساعدة تقنيات الهيدروكربون النظيف، وأعلن سموه في منتدى مبادرة السعودية الخضراء وقمّة الشرق الأوسط الأخضر عن إقامة عدد من المراكز والبرامج الإقليميّة لدعم أهداف المبادرة، إضافة إلى إعلان المملكة عن إنشاء صندوق استثماريّ، هو الأوّل من نوعه؛ لدعم مبادرتَين إقليميّتَين: حلول للطهي النظيف، والصندوق الاستثماريّ الإقليميّ لحلول تقنيات الاقتصاد الدائريّ للكربون. وتشير السريحي إلى أن سياسة المملكة المناخية تعتمد على الالتزام بتدابير التخفيف اللازمة لها من تغير المناخ العالمي، والأخذ في الحسبان المسؤوليّات المشتركة والمتمايزة في آنٍ واحد، وتضمن تركيز جهود إبقاء الاحتباس الحراريّ العالميّ أدنى من 1.5 درجة مئويّة على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة وليس تقييد مصادر معيّنة للطاقة. ورصدت الباحثة السريحي دخول السعودية في العامين الأخيرين في سلسلة من التعهّدات المناخيّة التي تجاوزت المستوى الوطنيّ، وأثبتت ريادتها في شؤون المناخ على المستويَين الإقليميّ والعالميّ؛ فعلى الصعيد المحلي قدَّمت المملكة في أكتوبر 2021م تحديثًا للمساهمات المحددة وطنيًّا إلى «اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن التغيُّر المناخيّ»، بالتزامن مع فعاليات انطلاق منتدى مبادرة السعودية الخضراء، وقمّة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ويشمل التحديث تحسينًا لهدف خفض انبعاثات الغازات الدفيئة سنويّا بمقدار 278 مليونَ طنٍّ من مُكافئ ثاني أكسيد الكربون (CO2e) في 2030م، بما يزيد على ضعف الهدف السابق. وعلى المستوى الدولي تشير الباحثة إلى أن المملكة انضمت إلى عددٍ من المبادرات الدوليّة المتعلّقة بالمناخ؛ بهدف الحدّ من الاحتباس الحراريّ العالميّ، وإبقائه عند مستويات آمنة، إذ انضمّت المملكة إلى «اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي» (UNFCCC) عام 1994م، ومنتدى قيادة عزل الكربون في 2005م، واللجنة الوزاريّة للطاقة النظيفة (CEM) عام 2015م، وكذلك صادقت في 2016م على «اتفاقية باريس للمناخ» التي كانت تبنّتها عام 2015م، وشاركت في إنشاء «منتدى الحياد الصفري للمنتجين» في 2021م، إلى جانب مشاركتها عام 2021م في «التعهد العالمي بشأن الميثان». وتظهر دراسة السريحي إلى أن المملكة طوّرت نهجًا شاملًا للتخفيف من حدّة تغيُّر المناخ في المستوى الوطنيّ؛ وذلك عبر رباعيّة «إ» للاقتصاد الدائريّ للكربون (إنقاص، وإعادة استخدام، وإعادة تدوير، وإزالة)، التي اقتُرِحت في أثناء رئاسة المملكة قمّة العشرين في (2020م)، وصادقَت عليها جميع الدول الأعضاء في القمّة، وتدعو إلى استخدام جميع الخيارات المتاحة للتخفيف من حدّة تغيُّر المناخ، كما أطلقت المملكة عددًا من مبادرات السياسات اللازمة لتحقيق رباعيّة «إ»، ومنها برامج وسياسات وأهداف ومؤسسات تدعم الاستثمارات في الطاقة المتجدّدة، والاستخدام الفعّال للطاقة، مثل؛ مبادرة السعوديّة الخضراء، وتوليد 50 ٪ من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجدّدة، والنصف الآخر من الغاز الطبيعيّ بحلول 2030م.