في أجواء ثقافية وترفيهية مبهجة، انطلقت في قلب العاصمة الرياض، وفي أقدم أحيائها التاريخية على الإطلاق «منفوحة» فعالية «الأعشى» التي تنظمها وزارة الثقافة بقالب إبداعي متنوع تستعرض عبره قصة حياة الشاعر الجاهلي ميمون بن قيس الملقب بالأعشى، منذ مولده في منفوحة وحتى وفاته. الفعالية التي تستمر حتى الخامس من يناير المقبل ضمت العديد من الأقسام يتنقل بينها الزوار مرحلة بعد أخرى تعلوهم الدهشة والحبور بالتجربة الجديدة والمختلفة، فإلى جانب عراقة المكان ومكانة الأعشى وثراء تجربته، كانت الفعاليات المقامة لتجسيد حياة الشاعر مليئة بالتفاصيل المبهجة التي اعتمدت على مزيج من الفنون الأدائية وتأثيث المكان بروح التاريخ وعبقه عبر تشكيلات متنوعة من الأزياء والديكورات الفنية المدهشة، إضافة إلى ترنيمات موسيقية ومشاهد وعروض مسرحية أضفت على المكان رونقها وكسته بروحها وحلتها البهية. لتكوّن في مجملها مشهداً أخاذاً يصفه عضو مجلس الشورى د. علي الغبان ب»الشكل الجميل البسيط المقرّب والذي يساعد على فهم قوي عميق لتراثنا الأدبي ولتاريخنا الشعري» بعد أن عبّر ل»الرياض» عن سعادته برؤية وحضور الفعالية لافتاً إلى أنها تمثل مجالاً مهماً يجب الاستفادة منه والعمل على استدامته ليكون أحد عناصر الفعاليات الثقافية المهمة في مدينة الرياض. وأشار إلى الإمكانات التي تتوافر عليها مختلف أنحاء المملكة والتي ضمت معظم أجزاء الجزيرة العربية التي كانت مسرحاً للعديد من الأحداث التاريخية، وقد حان الأوان لإخراجها من بطون الكتب إلى أرض الواقع، قبل أن يختتم حديثه بالتأكيد على أن مثل هذه الفعاليات تجسيد للتراث غير المادي، مشيداً بالجهود الوطنية المبذولة فيما يتعلق بالتراث القولي أو حتى ما يتعلق بالتراث غير المادي التي ستسهم في إحداث نقلة في هذا الجانب من المحلية إلى العالمية. بدوره أشار رئيس هيئة المسرح والفنون الأدائية سلطان البازعي إلى أن فعالية الأعشى كانت جزءًا من خطة وزارة الثقافة لتعميق الوعي بالثقافة العربية الأصيلة عبر العديد من الآليات من بينها مسار مخصص للشعراء لتخليد مواقعهم ورفع الوعي بأهمية المكان والمساحة الجغرافية التي عاشوا فيها. كما أشاد البازعي بتقديم الفعالية واعتمادها على الفنون الأدائية عن طريق مشاهد مسرحية جسد عبرها الممثلون شخصية الأعشى والشخصيات التاريخية التي عاصرت الأعشى، ونجحوا في رواية القصة بشكل سلس، واصفا أداءهم ب»الرائع والمبهر» عبر هذه الفعالية التي تعد بمثابة استعادة الذاكرة الشعرية في موطن الشاعر وأرض ميلاد الحكاية حي «منفوحة» التاريخي الذي احتضن تجربة شعرية ملهمة قاومت النسيان وخلدت حضورها في الذاكرة العربية على مر العصور. وبأبيات وقصائد «أعشى قيس» كما يعرف في الكتابات التراثية ازدانت جنبات مقر الفعالية بعد رسمها بخطوط إبداعية وموسقتها بألحان طربية؛ لتصحب الزوار في رحلة إبداعية ممتعة إلى أن تشيعهم بلاميّته الأشهر: ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل؟! سلطان البازعي د. علي الغبان