نائب أمير تبوك يشهد توقيع اتفاقية تعاون بين سجون المنطقة وجمعية التنمية الأسرية    أبطال الجودو بجمعية المكفوفين يحصدون 14 ميدالية ببطولة الجودو المفتوحة الثانية بالأحساء    الرياض: تخريج 334 من الدورة التأهيلية للضباط الجامعيين ودورة بكالوريوس العلوم الأمنية    المشاركون يتوافدون إلى الرياض للمشاركة في الأولمبياد الدولي للذكاء الاصطناعي    رضا المستفيدين بالشرقية يناقش دراسة مأسسة اعماله    بتوجيه من القيادة.. وزير الداخلية يلتقي رئيس جمهورية مصر    إغلاق جزئي لصيانة جسر طريق أبو حدرية مع تقاطع بقيق القديم باتجاهين "البحرين والدمام"    السعودية تفوز باستضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي السادس للبيانات 2026    «المنظمة العالمية للأرصاد»: تلوث الهواء يهدد حياة 4.5 مليون شخص سنويّاً    الأردن : إغلاق جسر الملك حسين إثر إغلاقه من الجانب الآخر    "الجوازات" تصدر 23871 قراراً إدارياً بحق مخالفين لأنظمة الإقامة    انخفاض معدل الحضور الذهني من 3 دقائق إلى 40 ثانية بسبب الرقمنة    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية التوعية بشرب الماء    مؤتمر دولي يسلط الضوء على أحدث التطورات في علاج السكري الخبر    انعقاد المجلس الوزاري ال 161 لمجلس التعاون غدا    الإدارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية تعقد ملتقى الابتعاث    الأونروا: مليون نازح لم يتلقوا مساعدات غذائية الشهر الماضي في جنوب قطاع غزة    زاهر: سأحكي تجربتي لأصدقائي في مصر    «هيئة الإحصاء»: نمو الأنشطة غير النفطية في السعودية بمعدل 4.9%    إعمار المدينة الاقتصادية تكشف عن خطتها الشاملة لإعادة هيكلة المركز المالي لدفع التحول الشامل    اعتماد مدينة سلطان الإنسانية مركزاً لتدريب زمالة تأهيل الجهاز العصبي    د. البطاطي يكشف ل" الرياض": تشير الدراسات إلى أن هناك 29 حالة سكتة دماغية لكل 100,000 نسمة سنويًا في المملكة    "الأرصاد" تتوقع استمرار هطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    اليوم وصول كوكب زحل إلى حالة التقابل مع الشمس    وزارة الثقافة تُكرّم الفائزين بالجوائز الثقافية الوطنية غدا الاثنين    أخطاء الترجمة تستقبل المعلمين الصينيين    «التعليم» تحدّد ضوابط تكليف التدريس عن بُعد    منتخبنا والخلل الفني والإداري    الصناعة السعودية تبحث مع «فوتون» توطين صناعة المركبات    منازل جاهزة للمبتعثين عند عودتهم !    زفَّة سياسية مضحكة ومعيبة..!    مانشيني.. سباك    عمرها 800 عام.. ساعة الفيل في واحة الملك سلمان للعلوم    فيلم «واسجد واقترب» بعد مهرجان كان.. يحصد جائزة فينيسيا السينمائي    رابطة العالم الإسلامي ومكافحة الطائفية    شركة HONOR تكشف عن مستقبل مليء بالإمكانيات مع هاتف HONOR Magic V3 الذي حطم الأرقام القياسية في معرض IFA 2024    القنفذة: «هبوطات الشوارع» تصطاد المركبات    ما شروط نقل مخالفات «ساهر» إلى السائق ؟ محامٍ يجيب..    5 فوائد مذهلة لتوت العليق    صيف 2024 الأعلى حرارة في العالم    «إنستغرام» يتيح إضافة التعليقات إلى القصص    وفاة الأمير عبدالله بن تركي بن عبدالعزيز بن عبدالله بن تركي آل سعود    تعزيز استثمارات الصناعات العسكرية    يناقش آليات حمايتها وتعزيز الوعي بأهميتها.. جدة تستضيف اجتماع المبادرة العالمية للشُعب المرجانية    اختتام ورشة ترجمة الكتاب الأول في الرياض    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف ثلاث مستعمرات تكاثر لنسور "غريفون الأوراسية"    الحوار    اليابان تتخلص من 10 آلاف نمس    سلامة بحرية    البطولة العربية للكرة الطائرة الشاطئية "أخضر السيدات" يتأهل لدور الثمانية    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته لمواجهة الصين ضمن تصفيات كأس العالم    توفير الطعام للأطفال وحده لا يكفي..استشاري: الأهم تناول الطعام بمكوناته الصحية    الإصابة تحرم الشباب من خدمات البرتغالي "دانييل بودينس" لمدة 3 أسابيع    خطيب المسجد الحرام : لا يعتذر إلاّ القوي ولا يسامح إلاّ الأشجع    الشؤون الإسلامية في جازان تطلق مبادرة تطوعية للعناية بكتاب الله في المساجد والجوامع ابتداء من محافظة الداير    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم جولة دعوية في محافظة ضمد    الرياض: 900 مخالفة في مشاريع البنية التحتية    السعودية تستضيف المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد الدولي لصون الطبيعة لدول غرب آسيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نفسية في قصة الممحاة لمحمد الراشدي
نشر في الرياض يوم 24 - 12 - 2021

بعض النصوص تعصرها ولا تجد منها إلا كدَّ الذهن، وبعضها مكتنزة إلى حد النضج الممتع، يتسايل شهدها على رغباتك الشاعرية العارمة، هذا ما لمسته في نص الممحاة، للقاص محمد الراشدي، المنشورة في عدد السبت، 29 /4/ 1443، من الملحق الثقافي بصحيفة الرياض، كما أنني لست غريرا بتجربة الراشدي القصصية، وأزعم أنني أسبح فيها سباحة ماهر عرف القاص من تلافيف دماغه إلى نقطة الحبر التي يسكبها قلمه.
هناك حقول كثيرة يمكن اقتطاف الثمار منها في هذا النص، لعل ما استهواني بداية، تعدد الأصوات في النص، واكتفى الراشدي بثمانية أصوات، وأزعم أن الأصوات غير منتهية، والكاتب لا يجد صعوبة في تعدادها، وهذا يشي بخبرة إنسانية في وصف الحالات المختلفة، فضلا عن تقبل الصوت المختلف والتعبير عنه مهما كان ذلك نشازا عن سياق الصواب مثلا، وأتوقع أن الاكتفاء هنا بهذه الأصوات رغبة من الراشدي حتى لا يترهل مدى الأصوات ويتداخل صداها.
كما أجد أن الراشدي يتمثل الواقعية، ويتطلب الاحتكاك المباشر مع المتلقي وإرسال رسالته الإبداعية في تمثيل عينات من طيف المجتمع، وقد كان الراشدي يعزف على الوتر الكامن بين الواقع والخيال، محاولا تجسيد تلك الممحاة، في السلوكيات الإنسانية المتعددة سواء المنظمة والروتينية أو حتى الإبداعية، ونجد ذلك جليا عندما نقرأ في ترتيب الأصوات انطلاقا من الإجابات الخيالية حتى الوصول إلى قمة التفسيرات البديهية.
يتمثل الراشدي ممارسة الكتابة في طقوس كتابة حقيقية فمن بداية النص إلى آخره كتابة، وكأنه يضع احترازا جميلا أن الكتابة لا تصلح إلا داخل الكتابة، فمن حصة التعبير/الإنشاء جاء انزياح اللغة، ومن عنوان النص (محو)/ عملية الفعل - وصل إلى إدمان الممحاة، ومن منطلق هذا السلوك المتجدد كل يوم لتلك الممحاة تتوالد الذاكرة التخزينية لها في سبيل مواصلة الدهشة المتغلغلة بين ثناياها، فكأن هذه الممحاة تتعلم كل يوم وهذا المرح/ الفعل الذي تقوم به هو المكافأة الفطرية للتعلم.
أيضا يشي هذا النص بمقاومة واعية لتلك النظرة الفطرية المتشبثة في شهوة البقاء والمسير بجانب الحائط، أقول تتجلى تلك المقاومة في التهور المدروس بشكل جيد للتخلص من القيود المعيارية في كتابة القصة التقليدية، إن هاجس التغيير يمكن أن تلتمسه في القناع/ المدرس الذي رمى بالموضوعات التقليدية خلف ظهره وتلمس شيئا محسوسا أمام أعين الطلاب، وكأن هذه القصة رأي آخر للراشدي في إيصال رسالة لأرباب المناهج وطرق التدريس!!
إن التغيير انعتاق من البقاء الفسيولوجي إلى الحرية النفسية، التغيير سمة الواعين، والواعون فقط من يقدرون ذلك الانعتاق، وإذا كان التغيير إحدى أيقونات الإبداع بغض النظر عن النتيجة المترتبة على ذلك، إلا أن الراشدي يضع تغييرا إثر آخر لتتوالد معه الدهشات، فما يلبث الأستاذ أن يدهش الطلاب بمفارقة الممحاة المستقرة على رف السبورة حتى يرشق تلك الدهشة بسؤال أكثر إدهاشا وإن كان أمرا وطلبا.
وحين البحث في آلية عمل الممحاة فهي أشبه ما تحمل ازدواجية التفكير عند الإنسانية ما بين الحدية أو التضخيم أو حتى الانتقائية، إن ممارسة عمل المحو ليست مضرة على إطلاقها بمقدار ماذا تخزن وماذا تمحو، وتتجلى هذه الإجابات في إدراكات أصحاب الأوراق الثمانية، وإن ورد أن البقية فقط ينظرون من الزاوية المنطوقة والمحسوسة لا المفهومة والمتخيلة.
هل الإنسان كائن مبدع وقادر على تحمل إبداعه ومرتهن بنتيجة ذلك الإبداع، لست بصدد الإجابة، ولكني أتلمس شيئا مغريا بين السطور، حينما يتم تأويل الكلمات بالرذاذ المتطاير، أو فناء الممحاة ويمكن أن أضيف خدوش السبورة التي لا يمكن للممحاة سبر أغوارها ولا يمكن للسبورة نسيان جروحها، ولكن الكاتب/الإنسان هو من يدير هذه العملية الجريئة!
يتبادر لذهني الآن سؤال: كم عمرة الممحاة وكم ليلة قضتها تحتضن السبورة؟ إن هذا انكسار نحو الماضي أجد ملامحه في أكثر من صوت من أصوات الطلاب وإن كان الحزن سمة الماضي ولا فكاك، ولذا ارتسمت لغة تلك الأوراق بسيل من آلام الذكريات، إن الحزن أسرع طريق للقلب وأفضل سلوك لا يحدث للإنسان ضررا لو افترضنا حتى على المدى القصير.
حتى الدهشة وكسر أفق التوقع لم يكن بعيدا عن أجواء الحدث/عملية المحو، فهو من نفس الحقل الكتابي، ولا غرو أن العملية كلها كتابة ومحو، وهذا ما أمارسه الآن فعليا على كيبورد الكمبيوتر!!
* كاتب وشاعر ومستشار نفسي.
محمد الراشدي
د. محمد خريص المرحبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.