إن الاهتمام البالغ الذي حظيت به محافظة الدرعية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين وسمو وزير الثقافة، اهتمام أثمر تطوراً ثقافياً وحضارياً وإنسانياً رفيعاً. للدرعية دور سياسي ووطني محوري في تأسيس المملكة العربية السعودية، فهي البذرة الأولى ونواة التشكيل، فهي تتميّز بوجود حكام ذوي عدل وحس وطني ومسؤولية حيال رعيتهم، تحمّلوا هذه المسؤوليات جيلاً بعد جيل، ومن طيف واسع من سكان نجد، حتى تشكّلت أسلوب حياتهم وتعاملاتهم اليومية، وهي أحد مفاهيم الثقافة، اللغات والأفراح ومشاهد المجتمع والحياة العامة. يتسم مجتمع الدرعية ونجد عموماً من تأسيسها على انتشار العدل والعلم والتحديث والتطوير، وتُقدير المهارة وتذوّق الأدب والشعر الراقي الجميل، ورفعة مكانة المعلمين بين سكان الدرعية وشيوخها منذ القديم. تحتفل إمارة الرياض وكافة نجد والمملكة باختيار محافظة الدرعية عاصمة للثقافة العربية عام 2030؛ فقد خطت الحكومة خطوات جادة في ترميم وتطوير المنطقة التاريخية بالدرعية بطرازها المعماري الطيني ومكملاتها الخشبية الفريدة وقلاعها الحصينة، وتم تطوير حي البجيري، وحالياً يقام فيها البينالي الدولي للفنون المعاصرة بمشاركة أهم الفنانين العالميين وستين فناناً سعودياً، وإستديوهات الفنون البصرية المعاصرة بحي جاكس، وواحة الفنون الرقمية. تشهد الدرعية حراكاً فنياً جمالياً إبداعياً غير مسبوق، جعلها مصدراً للإشعاع في فترة وجيزة، والخطط المقبلة ضخمة لتطوير حي الطريف، وبناء متحف للحضارات، وهناك المزيد والمزيد من المشاريع والمبادرات والرؤى المستقبلية التي من شأنها جعل الدرعية والرياض والمملكة منارة للثقافة العربية المعتدلة والفكر العالمي الوسطي، بفضل الله ثم ما تلقاه الفنون والثقافة والآداب والعلوم من رعاية واهتمام من القيادات العليا، وما تحويه نجد وبقية مناطق المملكة من ثروات فنية وثقافية على طراز رفيع في شتى مجالات الفنون التشكيلية والموسيقية والشعر والرواية والقصة من مختلف الأجيال وتعدد الاتجاهات، وجميع روافد الثقافة العامة التي تُشكّل ملامح الثقافة السعودية المستنيرة. * أكاديمي وناقد فني عصام عسيري الدرعية.. تراث وثقافة وأصالة متجددة