لقد تجلت في القصيم ملامح المنطقة النموذجية في أجمل صورها فقد رسخت مفهوم الدور الاجتماعي والحضاري لرأس المال والذي على ضوئه انطلقت برامج التطوير المجتمعية والحضارية والإنسانية وكان لها تأثيرها الواضح في الفضاء المجتمعي بشكل عام.. هذه ليست سوى زيارة ثانية أو ربما ثالثة من سلسلة زيارات اطلاعاتي الثقافية لمنطقة القصيم.. فمنطقة القصيم جديرة بالمطالعة الثقافية كمنطقة فريدة وملهمة حازت تقدمًا وتنوعًا ثقافياً وحضارياً يبهر الأبصار. ولذلك أستطيع أن أقول -بناء على تجربتي- إنني اكتسبت من زيارتي الثقافية للقصيم دروساً ثمينة لمنطقة تضم تراثاً ضخما ومدنية زاهية. فما بين زيارتي الثقافية السابقة لمنطقة القصيم والزيارة الحالية بضعة أشهر -والتي كانت كلاهما بدعوة خاصة من الدكتور راشد بن محمد أبا الخيل-، فقد حدث بين الزيارتين تحول كبير وتطور هائل على مستوى القصيم، لقد فتحت لي تلك الزيارة نافذة واسعة على منطقة القصيم، وكونت لدي نظرة شاملة لمنطقة واسعة الأرجاء، عظيمة الإمكانات منطقة عملية وواقعية في كل شيء، تتحرك وفق فلسفة الواقع والمعقول، ويرجع تجذر هذه الفكرة إلى حضارة العقيلات التي تعتبر فلسفة ملهمة للأجيال. ولكن للأمانة التاريخية فإن الأمير الدكتور فيصل من مشعل بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم -الذي زرناه في مكتبه- وراء كل مظاهر الرقي والتقدم والإثراء التي تشهدها منطقة القصيم اليوم. فقد قام بدور بارز في نهضة القصيم الحديثة عبر سلسلة من النقلات النوعية والإضافات الجديدة والتي شكلت نقطة تحول في تاريخ القصيم الحديث، فالأمير الدكتور فيصل بن مشعل مزيج من الإنسانية والتوهج يتحلى بشخصية قيادية شاملة وإنسانية فذة وبقدرات شخصية استثنائية، وكان دومًا هو نفسه، لديه قدرة عالية على الانفتاح على مختلف الأطياف والشرائح الاجتماعية تمتلكه غريزة الانجذاب نحو الإنجازات، يتحرك في عدة جهات وجبهات في وقت واحد فأثمن ما لديه الوقت والمعرفة والتجربة وينفقها في تطوير القصيم. فالقصيم التي نعرفها اليوم تضيف كل يوم فكرة نوعية جديدة نقلت النظريات والتقنيات الحديثة وغرستها، في جذر المؤسسات العلمية والثقافية والاقتصادية والحضارية والإنسانية. فعندما ننظر مثلا في جامعة القصيم في بريدة أو واحة عبدالله الحمد الزامل للعلوم ومركز محمد الحمد الشبيلي العلمي في عنيزة أو المسوقف أو جامعة سليمان الراجحي في البكيرية أو سوق التمور الدولي في بريدة أو متحف العقيلات أو سوق الإبل أو قرية عيون الجواء التاريخية ندرك مدى التنوع الثقافي والحضاري لمنطقة القصيم. لقد تجلت في القصيم ملامح المنطقة النموذجية في أجمل صورها فقد رسخت مفهوم الدور الاجتماعي والحضاري لرأس المال والذي على ضوئه انطلقت برامج التطوير المجتمعية والحضارية والإنسانية وكان لها تأثيرها الواضح في الفضاء المجتمعي بشكل عام. لقد شعرت براحة مطلقة في منطقة القصيم. إن معظم ما يراه الزائر للقصيم من معالم الرقي والتقدم يرجع فضله إلى المنهجية العملية الواقعية التي تحكم إيقاع الحياة. وهنا نقول كلمتنا بحق القصيم تلك المنطقة الفريدة التي بحد ذاتها أرض مشوقة أفرغت في قالب من الجمال والبهاء والأناقة والعامرة بفنون الفن المعماري الأنيق والطبيعة الباهرة. تعال معي نطوف بريدة هذه المدينة التي تكونت في داخلها مدن وقرى، كل شيء فيها يحاول أن يصل إلى درجة الكمال وبصيغة عالمية (سوق التمور)، (سوق الإبل) وأسواق أخرى في طور التأسيس، ولنقف على ذلك التل الجميل في الهواء الطلق وننظر إلى ذلك الفسيح السندسي المشبع بالطبيعة والتراث والحداثة تلك هي عيون الجواء. أو تلك المجالس والديوانيات الفريدة في عنيزة أكثر من سبعين ديوانية تدور فيها مختلف الأحاديث والنقاشات الاجتماعية والثقافية ويمكن لزائر الديوانية أن يكون جزءاً من الحديث.