الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    أمير حائل يشهد حفل ملتقى هيئات تطوير المناطق والمدن 2024    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    إمارة جازان تستعرض معالمها السياحية وتراثها في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل 9    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    لمحات من حروب الإسلام    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    الحربان العالميتان.. !    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإيسيسكو».. تحولات طموحة وتطلعات جسورة
نشر في الرياض يوم 16 - 11 - 2021

في العاصمة المغربية الرباط تتموقع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» في مقرها الرسمي، وتنطلق منه لتشع رسالتها الحضارية إلى العالم.
فمنذ إنشائها في العام 1982م، وهي تسعى لتعزيز الروابط بين الدول الأعضاء في ميادين التربية والعلوم والثقافة.
وطوال تلك السنوات والمنظمة تعمل عبر مسارات عديدة لتحقيق مستهدفاتها، وتمتين الروابط الثقافية والعلمية بين مختلف أطياف العالم الإسلامي، محققة في هذا المجال العديد من المنجزات.
ومع التغيرات المتسارعة والتحولات الكبرى التي يشهدها العالم مؤخرا على مختلف الأصعدة، بدت الحاجة ملحة لتحديث المنظمة بما يتواءم مع تلك المتغيرات، وبما يسهم في تجسير المسافة بين مختلف دول العالم عبر تحفيز المشتركات الإنسانية والحضارية للبشرية جمعاء، وتحقيق طموحات الدول الأعضاء.
في منتصف العام 2019 تسلم الدكتور سالم بن محمد المالك منصب المدير العام للمنظمة، حاملا في جعبته رؤية جديدة تستشرف المستقبل، وخطة استراتيجية واعدة تتبنى الانفتاح والتواصل مع دول العالم الإسلامي وخارجه، مستلهما ذلك من رؤية المملكة 2030.
وللحديث حول تلك الرؤية، واستقصاء أبعادها ومستهدفاتها، تجري «الرياض» الحوار التالي مع المدير العام لمنظمة الإيسيسكو:
* منذ توليكم منصب المدير العام للإيسيسكو وثمة حراك لافت في المنظمة على مختلف الأصعدة، وأخذ في التشكل كرؤية تحديثية شاملة.. ما أبرز ملامح هذه الرؤية؟
* منذ أن شرفت بترشيحي من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ونلت ثقة الدول الأعضاء بالاجتماع الاستثنائي للمؤتمر العام، الذي انعقد بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في التاسع من شهر مايو 2019، وتقلدت منصب المدير العام للإيسيسكو، أصبح لزاما عليّ أن أكون في مستوى هذه الثقة والمسؤولية، وتطلعات الدول الأعضاء، لهذا كان هناك تكثيف للجهود في الإيسيسكو لإحداث نقلة نوعية في مجالات التربية والعلوم والثقافة، وبلورة رؤية جديدة تستشرف المستقبل، وخطة استراتيجية واعدة تتبنى الانفتاح والتواصل مع دول العالم الإسلامي وخارجه، وتواكب متطلبات العصر ومتغيرات القرن 21، لتصبح الإيسيسكو منظمة حديثة مستشرفة، وفاعلة على الصعيد الدولي، وداعمة للإنتاج الفكري، وبيت خبرة لدولها الأعضاء في مجالات اختصاصها.
وانطلقنا في تطبيق رؤية الإيسيسكو، التي اعتمدها المجلس التنفيذي للمنظمة خلال دورته ال40 بمدينة أبو ظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة في يناير 2020م، من تغيير شعار المنظمة واسمها من "المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة" إلى "منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة"، وهدفنا من تغيير الاسم إلى رفع الالتباس بشأن طبيعة مهام الإيسيسكو وكونها منظمة تعمل في مجالات التربية والعلوم والثقافة، وفتح آفاق أوسع لحضورها على الصعيد الدولي، ونقصد بالعالم الإسلامي، الفضاء الحضاري الذي يأخذ في الحسبان البعد العالمي في كل المناطق التي يعيش فيها مسلمون أو تأوي أقليات مسلمة، أو مناطق شاركت بشكل أو بآخر، في بناء وإغناء الرصيد الحضاري المشترك للإنسانية، والعالم الإسلامي بهذا المفهوم ليس ثابتا وجامدا، بل هو مفهوم مرن وقابل للانفتاح والتمدد، خاصة أن هناك دولا ليست من أعضاء الإيسيسكو، وعدد المسلمين فيها أكبر منه في بعض الدول الأعضاء، ومسمى "منظمة العالم الإسلامي" يتيح للمنظمة التعاون مع هذه الدول، وتنظيم برامج وأنشطة بها في إطار مؤسسي ورسمي.
تسجيل 326 موقعاً على قوائم الإيسيسكو للتراث
* كيف تقيّمون مستوى تنفيذ رؤيتكم التحديثية خلال الفترة الماضية؟
* فيما يتعلق بتقييم تنفيذ رؤية الإيسيسكو واستراتيجية عملها نحن نترك ذلك للجهات المختصة في الدول الأعضاء، لكن ما يصلنا من ثناء وإشادة بجهود الإيسيسكو، سواء في المكاتبات الرسمية، أو خلال اللقاءات التي نعقدها مع المسؤولين في دولنا الأعضاء يثلج صدورنا، ويحفزنا على المزيد من العمل والعطاء لخدمة الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة حول العالم. كما يشجعنا على مواصلة تطبيق ما أرسيناه من مبادئ أساسية في الإيسيسكو، وعلى رأسها المصداقية والشفافية في كل ما يتعلق بعمل المنظمة، والمساهمة في ترسيخ القيم الحضارية للدين الإسلامي، والحفاظ على الهوية الإسلامية بكل ما تحمله من قيم إنسانية سامية، ونشر اللغة العربية على أوسع نطاق بين الناطقين بغيرها، واستشراف المستقبل، وتمكين الفتيات والشباب لمهن الغد.
* ما مستوى التعاون القائم بين منظمة الإيسيسكو والمملكة العربية السعودية؟
* التعاون كبير بين الجانبين في العديد من المجالات، ونطمح دائما إلى زيادته وتطويره، خصوصا في ظل التطورات الكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية في جميع القطاعات، ونحن نتعاون مع وزارات الثقافة، والتعليم، والبيئة والمياه والزراعة، والاتصالات وتقنية المعلومات، وعدد من الجامعات السعودية، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم.
وأود هنا أن أشيد بالمبادرات الرائدة التي تقوم بها وزارة الثقافة بالمملكة العربية السعودية، والتي حظيت باهتمام محلي وإقليمي وعالمي، ونجحت في إبراز ما تملكه المملكة العربية السعودية من كنوز ثقافية ومواقع أثرية تم تسجيل عدد منها على لائحة التراث العالمي.
كما لا يفوتني أن أثمن عاليا ريادة المملكة في المجالين التعليمي والصحي، حيث نجحت وزارة التعليم السعودية في التعامل مع الأزمة الوبائية، وتقليل آثارها السلبية على العملية التعليمية، من خلال استخدام التطبيقات الرقمية، مثل منصة مدرستي وغيرها، وهو ما جعل التجربة السعودية من بين أنجح التجارب في هذا المجال. وعلى المستوى الصحي احتلت المملكة المرتبة الثانية عالميا في مؤشر التعافي من فيروس "كورونا"، من حيث إدارة العدوى وإطلاق اللقاحات وعودة الأنشطة، وفقا لتصنيف مؤشر "نيكاي" الياباني.
وهناك تعاون بين الإيسيسكو ووزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة، من خلال جائزة المملكة العربية السعودية للإدارة البيئية في العالم الإسلامي 2021 - 2022، والتي تترأسها الوزارة، وتتولى المنظمة أمانتها العامة، ويجري حاليا التعاون في ترتيبات انعقاد الدورة التاسعة لمؤتمر وزراء البيئة في الدول الأعضاء بالإيسيسكو بمدينة جدة خلال عام 2022م.
كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم بين الإيسيسكو ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة العربية السعودية، لتعزيز نشر الوعي التقني وإثراء المحتوى التقني، وذلك خلال انعقاد الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر العام للإيسيسكو في القاهرة يومي 8 و9 ديسمبر المقبل. وقد سبق أن وقعت الإيسيسكو اتفاقيات تعاون وشراكة مع عدد من الجامعات السعودية، التي تشهد طفرة جعلتها تحتل ترتيبات غير مسبوقة في أنظمة التقييم العالمية.
* يمر العالم الإسلامي سياسيا بالعديد من التحديات على مستوى العلاقات بين الدول.. هل يمكن أن تلعب التربية والعلوم والثقافة من خلال منظمة الإيسيسكو دورا في تجسير ما يمكن تسميته بالفجوة في العلاقات البينية؟
* نحن في الإيسيسكو نعمل بمبدأ "لا سياسة ولا تسييس"، حيث إن المنظمة متخصصة في التربية والعلوم والثقافة، وهى مجالات تحظى بأهمية كبيرة لدى جميع الدول حول العالم، وتمثل مشتركات إنسانية وحضارية، ونرى أن قضايا التعليم والثقافة والعلوم قد تساهم في أن تكون جسرا للتعاون المشترك وتنمية المجتمعات، ونحاول أن نقدم الإسيسكو بصفتها منظمة شابة وفتية تواكب كل ما يحدث في العالم، من خلال استباق الأحداث والمساهمة في بناء المنظومات التربوية والثقافية.
17 موقعاً سعودياً على قائمة الإيسيسكو
* بعد مرور أكثر من عامين على توليكم منصب المدير العام للإيسيسكو.. كيف تقيّمون اهتمام الدول الأعضاء بالمنظمة ومستوى حماستهم في التعاطي مع خططها وبرامجها ومبادراتها؟
* الحمد لله، اهتمام الدول الأعضاء بمبادرات الإيسيسكو كبير جدا وواسع النطاق، وتلقى برامجنا ترحيبا وإشادة من جميع الأطراف، وأريد أن أشير إلى أن المنظمة تنطلق في برامجها وأنشطتها من تحديد احتياجات الدول الأعضاء والتعرف على أولوياتها، ثم تصميم وإطلاق برامج ومبادرات تلبي وتتناسب مع احتياجات وأولويات كل دولة، مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية المؤثرة في قطاعات التربية والعلوم والثقافة، ومن أجل ذلك، تنتهج الإيسيسكو مقاربة تشاركية وتواصلية مع اللجان الوطنية للتربية والعلوم والثقافة بدولها الأعضاء.
* ما الآفاق المستقبلية التي تطمحون الوصول بمنظمة الإيسيسكو إليها؟
* دعني أقول إن دولنا الأعضاء وكذلك المجتمعات المسلمة خارجها يستحقون منظمة ذات مستوى رفيع، وقيمة عالية، تتميز بالتأثير الواسع لتعبر عن رؤية العالم الإسلامي المستنيرة لقضايا العصر ذات الصلة بمجالات التربية والعلوم والثقافة، وفي الإيسيسكو نطمح إلى أن تصبح المنظمة منارة إشعاع حضاري دولي في مجالات البناء الحضاري والتقدم المعرفي، واستشراف المستقبل، وأن نكون منظمة كفاءات ومركزا للقيادات الرائدة وللإبداع، وتساهم في تنسيق الجهود الرامية إلى تطوير السياسات والنظم التعليمية للدول الأعضاء، وتأهيل قدرات النساء وبناء مهارات الشباب، وتطوير السياسات التنموية في مجالات التربية والعلوم والثقافة، والمنظومات المعرفية والابتكارية.
وأريد أن أذكّر هنا، أن المنظمة أعادت صياغة ميثاقها ولوائحها الإدارية والمالية، ووضعت ميثاقا جديدا لنظام الدول المراقبة بالمنظمة يتبنى مبدأ المصداقية والشفافية، ويهدف إلى الانفتاح وتسهيل انضمام عدد كبير من الدول غير الأعضاء للإيسيسكو بصفة مراقب، للاستفادة من خبراتها المتراكمة في مجالات اختصاص المنظمة، والتعاون في تطوير هذه القطاعات في دول العالم الإسلامي.
* تمر العلوم والثقافة بنقلة حضارية أو لنقُل تغيرات كبرى على المستوى المفاهيمي والتطبيقي، متأثرة بالتحول الرقمي والانفجار التواصلي والمعلوماتي.. ما المنهجية المتبعة في المنظمة لمواكبة هذا التحول؟
* أصبحت التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي حاضرين بقوة في جميع مجالات الحياة، وأظهرت جائحة كوفيد 19 أهمية التحول الرقمي في مجال التعليم، فالتكنولوجيا قادرة على أن تجعل المنظومات التعليمية أكثر نجاعة، كما كشفت الجائحة أن المنظومات التعليمية تعاني من عدم جاهزية غالبية الدول لتوفير التعليم عن بُعد، في ظل عدم رقمنة المناهج المعتمدة، مما يؤكد على أهمية دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم كفرصة للتغلب على أكبر التحديات التعليمية.
كما يعمل مركز الاستشراف الاستراتيجي بمنظمة الإيسيسكو على توفير منصة دولية للتفكير الاستباقي، وتنظيم ورشات تدريبية للشباب والنساء في مجال الذكاء الاصطناعي، والتعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية لتطوير الدراسات الاستشرافية.
ومن بين جهود منظمة الإيسيسكو لمواكبة التحول الرقمي، دعم برامج تدريب الشباب على كيفية إنشاء وتطوير مشروعات صغيرة في مجال التكنولوجيا والابتكار، والتحفيز على الانخراط في علوم وتكنولوجيا الفضاء.
* في دول الأقليات الإسلامية.. هل للإيسيسكو من أدوار في ربط تلك الأقليات بالثقافة الإسلامية من جانب، وفي تعزيز حضور الثقافة الإسلامية في تلك البلدان من جانب آخر؟
* تتبنى منظمة الإيسيسكو الانفتاح على الجميع، وتعمل على المساهمة في بناء مجتمعات يعمها السلام والوئام، وقد نفذت المنظمة برنامجا لتدريب الشباب على القيادة من أجل السلام والأمن، وتخرج فيه 30 سفيرا وسفيرة من الشباب للسلام ينتمون إلى 23 دولة، ونطمح إلى تخريج 50 سفيرا جديدا من هذا البرنامج خلال العام المقبل. كما أنشأت الإيسيسكو مركز الحوار الحضاري، من أجل بناء قدرات الشباب والنساء في مجال الحوار، والعمل على إدراج قيم السلام والتسامح والعدل والوسطية في المقررات التربوية، وتقديم الحضارة والثقافة الإسلامية بالصورة الصحيحة، التي تدعو إلى الحوار وتقبل الاختلاف باعتباره قاعدة بناء تثري الحضارة الإنسانية.
وأودّ أن أشير في هذه النقطة إلى أننا في الإيسيسكو لا نقبل الربط بين دين الإسلام وبين أفعال فئات خارجة عن القانون من المجرمين، ولهذا ننأى عن استعمال لفظ "الإسلاموفوبيا"، وأن ما يُسمىّ ب"الإرهاب الإسلامي" اختراع مقصود بهدف تسميم العلاقات الدولية وتأجيج الكراهية من خلال تناول ظاهرة الإرهاب، وتضليل للرأي العالمي، لأن الإسلام دين السماحة، ولن تلطخ صورته الناصعة أفعال فئات من المدعين الانتساب إليه.
75 % من مواقع التراث الإسلامي مهددة بالخطر
* أنشأت الإيسيسكو قائمة للتراث في العالم الإسلامي.. ماذا يمكن أن تضيف هذه الخطوة في مجال التراث، خصوصا أن هناك قائمة اليونسكو للتراث العالمي؟
* أود بداية التأكيد على أن عمل الإيسيسكو واليونسكو في مجالات الاختصاص نفسها لا يعني منافسة بينهما، بل تكامل للأدوار، ولدينا اتفاقية تعاون مع اليونسكو، وهناك مكتب دائم للإيسيسكو داخل مقر منظمة اليونسكو في باريس، لمتابعة التواصل، ونتعاون في تنفيذ مجموعة من البرامج والمشاريع بعدد من الدول الأعضاء في المنظمتين.
ومن هذا المنطلق فتسجيل اليونسكو للتراث لا يمنع أن تعمل الإيسيسكو في هذا المجال، وقد تم استحداث مركز الإيسيسكو للتراث في العالم الإسلامي، وتقوم لجنة التراث في العالم الإسلامي بدراسة ما يصلها من ملفات لتسجيل المواقع التاريخية والعناصر الثقافية في دول العالم الإسلامي على قوائم الإيسيسكو للتراث المادي وغير المادي، إدراكا منا لما يتوفر عليه العالم الإسلامي من رصيد تراثي ثري، لم يتم تسجيل إلا قدر ضئيل منه على قوائم التراث العالمي، ويكفي العلم أن ما يزيد على 75 % من التراث المهدد بالخطر حول العالم يوجد في دول العالم الإسلامي، وهو ما يجعلنا ندرك أهمية تسجيل تراث العالم الإسلامي، حيث تولي الإيسيسكو اهتماما كبيرا للمحافظة على الموروث الحضاري الثقافي وتثمينه وتأهيله في الدول الأعضاء.
* كم يبلغ عدد المواقع المسجلة حاليا على قائمة التراث في العالم الإسلامي، وما المواقع السعودية المسجلة على هذه القائمة؟
* الإيسيسكو بدأت في تسجيل المواقع التاريخية والعناصر الثقافية بعد إنشائها مركز التراث في العالم الإسلامي، وقد نجحنا خلال عامين في تسجيل 326 موقعا تاريخيا وعنصرا ثقافيا على قوائم التراث في العالم الإسلامي، ونطمح أن يتضاعف العدد خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأشير إلى أن التسجيل لا يقتصر على الآثار المرتبطة بالحضارة الإسلامية فقط، فمن هذه المواقع والعناصر الثقافية المسجلة على قائمة التراث في العالم الإسلامي، مواقع وعناصر من حضارات قديمة، وأديان سماوية مسيحية ويهودية، مثل الدير الأحمر وأديرة وادي النطرون في جمهورية مصر العربية، والمعبد اليهودي بمدينة سوسة في الجمهوريةِ التونسية، وغيرها.
وفيما يتعلق بالمواقع السعودية المسجلة على قائمة الإيسيسكو للتراث في العالم الإسلامي، فقد تم تسجيل 17 موقعا تاريخيا وعنصرا ثقافيا، مقسمة إلى 5 مواقع على القائمة النهائية للتراث المادي، وهي: الفنون الصخرية في منطقة حائل (جبة والشويمس)، وحي الطريف في الدرعية، وواحة الأحساء، والحجر (مدائن صالح)، وجدة التاريخية.
وهناك عنصران ثقافيان على قائمة التراث غير المادي، هما: حياكة نسيج السدو التقليدية، والنخلة.. التقاليد والمهارات والممارسات المرتبطة بها، ولدينا في الوقت الحالي 10 مواقع وعناصر ثقافية على القائمة التمهيدية، هي: درب زبيدة (طريق الحج من الكوفة إلى مكة)، وخط حديد الحجاز، وطريق الحج المصري، وقرية الفاو الأثرية، وقرية رجال ألمع التراثية، وقرية ذي عين التراثية، وفنون نقوش بئر حما الصخرية، وواحة دومة الجندل التاريخية، ومحمية عروق بني معارض، ومحمية جزيرة فرسان.
* ماذا عن مشروعات وجهود الإيسيسكو في الرقمنة وإتاحة الكنوز الثقافية للعالم الإسلامي على شبكة الإنترنت؟
* أطلقت المنظمة خلال جائحة كوفيد 19 مبادرة "بيت الإيسيسكو الرقمي"، ليكون منصة معرفية مميزة تساهم في جهود مواجهة الانعكاسات السلبية للجائحة، حيث يقدم مجموعة متنوعة ومتكاملة من إجراءات الدعم في تصميم موارد رقمية شاملة تحتوي على جملة من الأدوات المعرفية، مثل الدلائل التربوية لجميع المستويات والبرمجيات الرقمية، ويضم محتويات تعليمية، وتثقيفية، وعلمية، وتكنولوجية للصغار والكبار.
ويتميز بيت الإيسيسكو الرقمي بكونه منصة معرفية في جميع مجالات اختصاص المنظمة، إذ يضم داخل القسم المخصص للثقافة عن بُعد، عددا من المعارض الفنية الدولية وملايين الكتب والمصادر المعرفية من مكتبات الإسكندرية والشارقة والملك فهد الوطنية والمنصة الرقمية للرابطة المحمدية للعلماء بالمملكة المغربية. كما يمكن لزوار بيت الإيسيسكو الرقمي التجول في المتحف المصري، ومتحف الفن الإسلامي، وغيرها من المواقع المسجلة على قائمة الإيسيسكو للتراث في العالم الإسلامي.
إضافة إلى ذلك تعمل المنظمة حاليا على إطلاق عدد من المنصات الرقمية مثل مكتبة الإيسيسكو الرقمية، وإيسيسكو أقورا، وهي منصة فكرية وعلمية بلغات عدة.
«العالم الإسلامي» مفهوم مرن وقابل للانفتاح والتمدد
* ألا ترون أن تعدد المشاريع والمبادرات في شتى أفانين العلوم والثقافة خلال فترة وجيزة يفقدها التأثير المرجو.. لِم لا تحشد المنظمة إمكاناتها في سبيل الخروج بمبادرة سنوية يتردد صداها في كل أرجاء العالم الإسلامي؟
* بالعكس، تعدد المشروعات والمبادرات التي أطلقتها الإيسيسكو والشراكات العالمية التي عقدتها، كان له أثر وصدى إيجابي كبير جدا داخل وخارج العالم الإسلامي، ويمكن اعتبار ذلك دليلا على نجاح المنظمة في تحقيق إنجازات متعددة خلال وقت وجيز، في مجالات التربية والعلوم والثقافة، خصوصا مع الظروف الصعبة التي مر بها العالم جراء الأزمة الصحية بسبب انتشار جائحة كوفيد 19، ونحن نأمل أن نحقق المزيد من النجاحات والإنجازات بالشراكة مع المؤسسات والمنظمات المرموقة.
* كلمة أخيرة نختم بها هذا الحوار الممتع؟
* أقدم خالص الشكر والتقدير لسيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، على الدعم غير المحدود الذي يوليانه لمنظمة الإيسيسكو، وأخص بالشكر أيضا اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم.
وأشكر صحيفة الرياض على هذا الحوار، وعلى الاهتمام الذي توليه لتغطية ومواكبة نشاطات وبرامج الإيسيسكو، ودعمها لرسالتها النبيلة، وأرجو لجميع منتسبي هذه الجريدة العريقة دوام التوفيق والسداد.
د. سالم المالك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.