اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن التدريبات العسكرية التي تجريها الولايات المتّحدة وحلف شمال الأطلسي في البحر الأسود تمثّل "استفزازا"، وفق ما أورد الكرملين. وأوضح الكرملين في بيان أن بوتين تحدث خلال المكالمة عن "الطبيعة الاستفزازية للتدريبات الواسعة النطاق التي تجريها الولاياتالمتحدة وبعض حلفائها في البحر الأسود والتي تصعّد التوتر بين روسيا والحلف الأطلسي". وبدا أن الرئيس الروسي يشير إلى مشاركة سفن عسكرية أميركية عدة في تدريبات في البحر الأسود وصفها الأسبوع الماضي بأنها "تحد خطير". وأعرب الرئيس الفرنسي خلال المكالمة الهاتفية مع نظيره الروسي الإثنين عن "قلقه الشديد" واستعداد بلاده "للدفاع عن وحدة أراضي أوكرانيا"، بحسب الرئاسة الفرنسية. وفي واشنطن، رفض المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي الانتقادات التي وجّهها بوتين إلى المناورات الأميركية. وقال كيربي: "الأنشطة العسكرية الروسية بالقرب من أوكرانيا ما زالت تقلقنا"، مشدّداً على أنّ الولايات المتّحدة شفّافة بشأن مناوراتها العسكرية وتنشر عنها دوماً بيانات صحافية تضمّنها تفاصيل وترفقها بصور. وأضاف "كلّ مناوراتنا دفاعية بطبيعتها وهي جزء من تحالفاتنا في المنطقة". واتّهم المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية موسكو بالتعتيم على أنشطتها العسكرية بالقرب من الحدود الأوكرانية. وذكر أنه "لم تكن هناك أيّ شفافية من جانب الروس بشأن هذا التركيز لقواتهم في الجزء الغربي من بلادهم". بدورها، دانت واشنطن بشدّة "التصرّف الخطر" الذي أقدمت عليه موسكو الإثنين باختبارها صاروخاً مضاداً للأقمار الاصطناعية، محذّرة من أنّ هذه التجربة خلّفت آلافاً من قطع الحطام التي تهدّد خصوصاً سلامة روّاد الفضاء العاملين في محطة الفضاء الدولية. وأحيت هذه التجربة المخاوف من تحوّل الفضاء إلى ساحة حرب بين القوى العظمى. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إنّه يوم الإثنين "أجرت روسيا بشكل غير مسؤول اختباراً تدميرياً على صاروخ مضادّ للأقمار الصناعية استهدفت خلاله أحد أقمارها الصناعية". وأضاف أنّ هذه التجربة الصاروخية "خلّفت حتى الآن أكثر من 1500 قطعة من الحطام المداري المُمكن تتبّعه، وستخلّف على الأرجح مئات آلاف القطع من الحطام المداري الأصغر حجماً". كلّ 90 دقيقة بدورها أصدرت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" بياناً قالت فيه إنّ محطة الفضاء الدولية "تمرّ كل 90 دقيقة عبر سحابة (من الحطام) أو بالقرب منها". وصباح الإثنين اضطرّ روّاد الفضاء السبعة الموجودون على متن محطة الفضاء الدولية، وهم أربعة أميركيين وألماني وروسيان، للالتجاء إلى سفنهم الملتحمة بالمحطّة استعداداً لإخلاء طارئ محتمل. وأوضحت ناسا في بيانها أنّ لجوء الرواد إلى مركباتهم الفضائية حدث تحديداً خلال المرور الثاني والثالث لمحطة الفضائية الدولية بهذه السحابة. وفي بيانه حذّر بلينكن من أنّ "قطع الحطام الناجمة عن هذا الاختبار الخطِر وغير المسؤول ستهدّد الآن ولعقود مقبلة الأقمار الاصطناعية وأجساماً فضائية أخرى حيوية لأمن دول أخرى واقتصادها ومصالحها العلمية". صدمة ناسا وفي بيان وكالته قال رئيس "الناسا" بيل نيلسون "لقد صدمني هذا العمل غير المسؤول والمزعزع للاستقرار". وأضاف "من غير المعقول أن تعرّض روسيا للخطر ليس فقط رواد الفضاء الأميركيين والشركاء الدوليين في محطة الفضاء الدولية، بل أيضاً رواد الفضاء الخاصّين بها". وكانت وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" نشرت في وقت سابق من الإثنين تغريدة طمأنت فيها إلى زوال الخطر الذي شكّله على روّاد محطة الفضاء الدولية "جسم" لم تحدّد ماهيته. وفي تغريدتها التي لم تأتِ فيها على ذكر التجربة الصاروخية الروسية قالت "روسكوزموس" إنّ "الجسم الذي أجبر الطاقم على الانتقال إلى المركبة الفضائية عملاً بالإجراءات المعيارية، ابتعد مداره عن مدار محطة الفضاء الدولية". نادي الدول الأربع وهذه ليست أول تجربة صاروخية على استهداف قمر اصطناعي أثناء دورانه حول الأرض، إذ سبق أن أجرت مثل هذه التجربة أربع دول هي الولاياتالمتحدة والصين والهند وروسيا. ولقي هذا النادي الرباعي بسبب تجاربه هذه انتقادات شديدة لأنّ الحطام الذي يخلّفه قصف القمر الاصطناعي سرعان ما يتحوّل إلى مقذوفات خطرة يمكن أن تصطدم بآلاف الأقمار الاصطناعية الموجودة في المدار والتي تعتمد عليها دول بأسرها في العديد من الأنشطة، كالاتصالات وتحديد المواقع الجغرافية... ومن هنا فإنّ حيازة دولة ما تكنولوجيا الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية تزيد من رصيدها العسكري كثيراً إذ يصبح بمقدورها تدمير أقمار تابعة لدول أخرى. من جهتها، أكّدت وكالة الفضاء الروسية الثلاثاء أن "سلامة طاقم" محطة الفضاء الدولية هي "أولويتها الرئيسة"، بعد أن اتهمت واشنطنموسكو بتعريض المحطة للخطر باختبارها صاروخا مضادا للأقمار الصناعية. وأعلنت "روسكوسموس" في بيان أن "وحدها الجهود المشتركة لجميع القوى الفضائية ستكون قادرة على ضمان تعايش آمن قدر الإمكان والعمليات في مجال الفضاء".